أجرى وزير الخارجية الأمريكي أنتونى بلينكن، اجتماعا مع نظيره الصينى، على هامش منتدى ميونخ للأمن، وصفه المسئولون الأمريكيون بالتصادمى، حيث حذرت فيه واشنطن بكين من أن تحليق منطاد المراقبة الصينية عبر الولايات المتحدة لا يجب أن يتكرر أبدا.
وحذر بلينكن الصين أيضا من تقديم دعم مادى للحرب الروسية فى أوكرانيا، وهو الاحتمال الذى قال لاحقا إن الصين يدرسه بقوة.
وقالت صحيفة نيويورك تايمز، إن الوصف الأمريكي للاجتماع، الذى استأنف الاتصال الدبلوماسي بين واشنطن وبكين، بعد أن انقطع خلال أزمة المنطاد، لم يذكر شيئا عن الكيفية التي رد بها المسئول الصينى يانج وى على ذلك. إلا أن وسائل الإعلام الصينية تحدثت عن تبادل حاد أيضا.
وأشارت إلى أن يانج قال، إن الأمر يعود للولايات المتحدة لحل الضرر الذى سببه الاستخدام غير المناسب للقوة، عندما أيقظت منطادا ضخما قبالة كارولينا الجنوبية.
ورأت نيويورك تايمز إن الوصفين الأمريكي والصينية، يشيران إلى أن كلا من واشنطن وبكين ينخرطان في مباحثات بعد أسبوعين من أزمة المنطاد. حيث كان المسئولون الأمريكيون يأملون أن يجدوا طريقا للمضى قدما لحل يسمح لبلينكن لتحديد موعد أخر لزيارته إلى الصين، الأولى منذ سنوات من قبل وزير خارجية أمريكى، والتي تم إلغائها بشكل مفاجئ بعد أن انحرف المنطاد من مونتانا إلى الساحل الشرقى للولايات المتحدة.
واللافت أن أيا من الدولتين لم تذكرا شيئا عن السعي لموعد جديد لزيارة بلينكن، وقال وزير الخارجية الأمريكي لقناة NBC News إنه تحدث بشكل واضح ومباشر للغاية مع وانج عن حادث المنطاد، وانه لم يكن هناك اعتذارا من وزير الخارجية الصينى خلال الاجتماع، وهو ما رأت الصحفية أن تذكير أخر بأن العلاقات الأمريكية قد تدنت إلى ما قد يكون ادنى مستوى لها منذ ان فتح الرئيس ريتشارد نيكسون قناة للتواصل مع الصين منذ نصف قرن.
وبينما يتحدث بايدن عادة عن التطلع لعلاقة بين البلدين تكون قائمة على منافسة قوية ولكن ليس على الصراع، أعرب العديد من المشاركين فى مؤتمر ميونخ للأمن، وهو اجتماع سنوي للمسئولين الدبلوماسيين والمخابرات والمشرعين، عن مخاوفهم من أن التعامل مع ازمة المنطاد سلط الضوؤ على فشل البلدين فى تخفيف حدة التصعيد، حتى عندما لا تزهق أرواح.
ياتى هذا فى الوقت الذى قالت فيه مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية إن أزمة منطاد التجسس الصيني الذي أسقطته الولايات المتحدة في الرابع من فبراير الجاري ليست بجديدة على العلاقات بين القوتين العظميين، بل إنها قد أعادت إلى الأذهان أجواء الحرب الباردة بين البلدين، خلال القرن الماضي.
وأشارت المجلة إلى أن هذه الفترة شهدت عددًا لا بأس به من المهام السرية التي لم تقتصر على مهام التجسس فحسب، بل تضمنت أيضًا عمليات تخريبية من جانب الولايات المتحدة ضد الصين تحت حكم ماو تسي تونج، كعملية "Operation Tropic" التي نفذتها الولايات المتحدة في أوج الحرب الكورية في محاولة لتقويض المجهود الحربي الصيني بدون الانخراط في حرب فعلية على الأراضي الصينية.
وأوضحت المجلة أنه حتى بعد وقف القتال خلال الحرب الكورية عام 1953، استمرت المخابرات الأمريكية (CIA) في شن ودعم مجموعة من العمليات الجوية السرية داخل البر الصيني الرئيسي؛ وكانت جزيرة تايوان تحت حكم شيانج كاي شيك، العدو اللدود للحزب الشيوعي الصيني، مركزًا لتنظيم مثل هذه الأنشطة، التي كانت الإدارة الأمريكية تحرص على ضمان إمكانية نفي تورطها فيها.
وأشارت إلى استغلال واشنطن الأحلام التي كانت تراود شيانج للإطاحة بماو والاستيلاء على البر الصيني الرئيسي، إذ لم يمانع شيانج تنفيذ عميات سرية بطائراته عبر مضيق تايوان لإلقاء منشورات على بعض المدن الصينية أو إطلاق مناطيد مُسيَّرة تحمل موادًا دعائية مناهضة للحزب الشيوعي، ومع بداية منتصف الخمسينيات، بدأت واشنطن تركز على عمليات التجسس، بدلًا من الأنشطة التخريبية.
وأشارت المجلة إلى أن العلاقات بين واشنطن وبكين ظلت تتسم بالعدائية بشكل كبير منذ اندلاع الحرب الكورية عام 1950 حتى زيارة الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون إلى بكين عام 1972، حيث استمر الطرفان في رفض اعتراف كل منهما بالآخر، بل وعدم السماح بعقد أى اجتماعات بين أفراد الكادر الدبلوماسي من البلدين.
وحذرت "فورين بوليسي" من أن مثل هذه العمليات السرية تهدد مجددًا بالتحكم في طبيعة العلاقات بين البلدين، كما كان الوضع قبل تطبيع العلاقات بينهما منذ نصف قرن؛ كما رأت أن فرص الانخراط في حوار سياسي بين القوتين العظميين ضئيلة في ظل تفاقم الغضب والشكوك التي تحيط بعمليات تقويض النفوذ من الجانبين.