غدا 24 فبراير تكمل الحرب عامها الأول، دون أفق للحل، وتستمر وتتواصل التقارير المتشائمة حول مستقبل الاقتصاد العالمى، وتخلف تأثيرات كبيرة فى أسواق وإمدادات الغاز والطاقة والمزيد من الركود وارتفاعات الأسعار، خاصة للغذاء.
وتواصل الولايات المتحدة وأوروبا دعمها لأوكرانيا فى مواجهة روسيا، حيث زار الرئيس الأمريكى جو بايدن كييف عاصمة أوكرانيا، ومن وارسو العاصمة البولندية قال: «إن أوكرانيا تقف قوية فى أزمتها مع روسيا بعد مضى قرابة عام على الحرب»، والتصريح من وارسو له دلالة، لأن وارسو كانت مقر حلف أوروبا الشرقية بقيادة الاتحاد السوفيتى وقت الحرب الباردة، ونشأ ردا على إقامة حلف شمال الأطلسى «ناتو»، لكن مع نهاية الحرب الباردة وسقوط سور برلين فى 1989، ثم تفكك الاتحاد السوفيتى بداية التسعينيات من القرن العشرين، تم حل حلف وارسو واتجهت دول أوروبا الشرقية إلى الاتحاد الأوروبى، وتغيرت الخارطة.
انتهت الحرب الباردة والصراع الأيديولوجى لكن ظلال التوتر عادت عندما رأت روسيا أن وجود الغرب فى فنائها الخلفى أو ضم أوكرانيا لحلف الأطلنطى يضاعف من الاختلال فى العالم، واتخذت روسيا خطوات تصعيدية استبعدت معها أوروبا أن تقدم روسيا على التحرك عسكريا.
وقرر الرئيس الروسى فلاديمير بوتين الاعتراف باستقلال جمهوريتى دونيتسك ولوجانسك الواقعتين شرق أوكرانيا، وردت الولايات المتحدة وأوروبا وهددت بعقوبات اقتصادية قبل أن تتواصل المعارك وتعلن الولايات المتحدة دعم أوكرانيا بالسلاح، وتكمل الحرب عامها الأول، وتستمر حالة «عدم اليقين»، دون أفق للحل، وتستمر تفاعلات وانعكاسات الحرب وتأثيراتها على أوروبا ودول العالم.
الرئيس الأمريكى جو بايدن قال فى العاصمة البولندية وارسو «دعمنا لأوكرانيا لن يتراجع ولن ينقسم الناتو ولن نتعب»، ونفى بايدن أن يكون الغرب فى مسعى للسيطرة على روسيا، قائلا «الولايات المتحدة ودول أوروبا لا تسعى للسيطرة على روسيا أو تدميرها والغرب لم يكن يخطط لمهاجمة روسيا كما قال بوتين».
أما عن آخر آفاق السلام، فقد أعلنت السلطات الصينية، إنها ستكشف عن مقترحاتها للسلام فى أوكرانيا خلال أيام، وقبلها صعّد الرئيس الروسى فلاديمير بوتين مواجهته مع الولايات المتحدة، عشية الذكرى الأولى للحرب فى أوكرانيا، وأعلن تعليق مشاركة روسيا فى اتفاقية نيو ستارت الخاصة بتقييد استخدام الأسلحة النووية، وقال بوتين فى خطاب أمام الجمعية الاتحادية فى موسكو، إن أوكرانيا وحلفاءها بدأوا الحرب، ولم يظهر الرئيس الروسى أى مؤشر على إنهاء الغزو، واعتبرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إعلان بوتين تعليق مشاركة روسيا فى «نيو ستارت» بأنها قطيعة أكبر مع الغرب بتعليق المشاركة فى آخر اتفاقية هامة من هذا القبيل بين روسيا والولايات المتحدة.
وحرص الرئيس الروسى على نفى استعمال الأسلحة النووية، وقال إن الحديث عن استخدام الأسلحة النووية التكتيكية هو مجرد سوء فهم للخطاب الروسى، وجزء من الحملات الدعائية ضد موسكو، والحالة الوحيدة لاستخدام الأسلحة الروسية النووية هى صد العدوان النووى على روسيا الاتحادية، أو تهديد وجود روسيا الاتحادية بالكامل، وغير ذلك لا يمكن استخدامها لنسف فرص السلام، وذكر أن السلام يبدأ حين تتراجع أمريكا عن تحركاتها العدوانية وخطابها العدوانى، ومن الصعب تحقيق السلام قبل ذلك.
وفى نفس الوقت قال مندوب روسيا الدائم لدى المنظمات الدولية فى فيينا ميخائيل أوليانوف، إنه بعد مرور عام على الحرب فى أوكرانيا لا توجد حلول حتى الآن بين الجانبين الروسى والأوكرانى.
الصراع لا يزال قائما، ولعبة «عض الأصابع» تتواصل، وإن كانت ظلال الصدام النووى مستبعدة، خاصة أن روسيا لم تهاجم خطوط إمداد حلف الناتو ولم تقدم على أى أعمال عدائية خلال زيارة الرئيس الأمريكى بايدن لكييف ما يشير إلى عدم تصاعد الأمور أو وصولها إلى حد الصراع النووى، كما قال نورمان رول، المسؤول السابق فى المخابرات الأمريكية، لـ«القاهرة الإخبارية»، لكن تبقى آفاق الحل بعيدة حتى الآن فيما يشير الى أن الحرب تدخل عامها الثانى لتستمر حالة «عدم اليقين» العالمية، وتتواصل الانعكاسات الاقتصادية والسياسية لحرب تحمل خليطا من ظلال الحرب الباردة، وترتيبات بناء النفوذ، وسط نظام عالمى لا يزال عاجزا عن التدخل فى صراع يدفع العالم ثمنه كل صباح.