علي الكشوطي يكتب: الأصلي يكسر الصورة الذهنية للمرأة القوية بين الرجال ويقدم نموذجا مغايرا بعيدا عن العباءة والمصاغ والحديث بالعين والحاجب..صناع المسلسل يعيدون الهيبة والبطولة للحدوتة بأحداث محبوكة ومت

يقع الكثير من صناع الدراما في السير وراء الصورة الذهنية لدى الجمهور، الذي يميل دوما للتصنيف والقوالب الثابتة ، بحيث لا يقبل في كثير من الأحيان إلا بالصورة النمطية المحتفظ بها داخله حول الشخصيات الدرامية، مثل أن الراقصة يجب أن تكون من طبقات فقيرة ولها شكل معين في الإكسسوار والملابس والمكياج، أو أن " المعلّمة" هي سيدة ممتلئة الجسد، تتحدث كالرجال أحيانا أو تمايل وتتدلل في طريقة سيرها وتضع المكياج الصاخب والمصاغ اللافت وترتدي الألوان الفاقعة والملفتة، وأن أي محاولة للخروج عن تلك النماذج النمطية ما هي ألا بعد عن الواقع، بينما الحقيقة هو أن تلك الصورة النمطية لا تنطبق بالضرورة على كثير من الشخصيات الدرامية التي تقدم في المسلسلات وأن الكثير من النماذج الحقيقية في الحياة تختلف كل الاختلاف عن تلك الصورة النمطية. ذكاء صناع مسلسل "الأصلي" والذي يعرض على شاشة dmc ومنصة WATCH IT، جعل العمل ينجح في كسر الصورة الذهنية النمطية للمرأة القوية بين الرجال مقدما نموذجا مغايرا بعيدا عن العباية والمصاغ والحديث بالعين والحاجب والصوت العالي، معيدا الهيبة والبطولة للحدوتة بأحداث محبوكة ومتلاحقة. "فاطمة" وتجسدها " ريهام عبد الغفور نجحت في كسر تلك الصورة معتمدة على الأداء التمثيلي البعيد عن المبالغة والمتلون ما بين التحدي والشر والطيبة، متنقلة بين كل مشهد وأخر بسهولة وانسيابية تحت قيادة المخرج أحمد حسن، والذي نجح في الحفاظ على إيقاع منضبط لا هو لاهث ولا هو بطئ، رابطا عقدة ينتظر الجمهور فكها مع كل حلقة، ما يزيد الأمر من التشويق نحو جديد الأحداث في الحلقات المتتالية، إضافة إلى أن أحمد حسن ادخل المشاهد إلى عالم التوفيقية بتفاصيله وصور في أماكن كثيرة في مصر لم تظهر بهذا الشكل في الأعمال الدرامية والسينمائية خاصة في تلك المشاهد التي تتعلق بالمساجد والأماكن العتيقة شوارع مصر القديمة، فيما استطاع مونتاج العمل لـ أحمد يسري أن يخدم الأحداث بشكل كبير بجانب أشرف جابر الذي قدم صورة مريحة للعين تجعل المشاهد يشعر بألفه تجاه العمل. من مميزات مسلسل الأصلي أيضا هو إعادة الهيبة للحدوتة والحبكة الدرامية فكل أبطال العمل نجوم ولكن البطل الرئيسي هو السيناريو والحوار لـ أمين جمال، وفريقه حمدي التايه، مينا بباوي، وهو محور الأحداث بماضي شخصيات المسلسل أو حاضرهم. ربما تناولت الكثير من الأعمال الدرامية المصرية والعربية فكرة الميراث والصراع حوله في بيئات مختلفة سواء في الصعيد أو الريف أو حتى بالمجتمعات القبلية، ولكن ما يزيد من قوة حدوتة مسلسل "الأصلي" هو أن الميراث تحت يد امرأة بعكس أغلب الأعمال التي يتصارع فيها على الميراث المسيطر عليه الرجال في أغلب الأحيان. موسيقى المسلسل لمحمد نزيه واحدة من أهم مكاسب مسلسل الأصلي فهي موسيقى تعيد للأذهان موسيقى مسلسلات زمان والتي لا تزال تعيش في وجدنا وبمجرد سماع جملة منها نستطيع أن نعرف أن المسلسل الفلاني يعرض على الشاشة. المسلسل منح ريهام عبد الغفور المساحة التي تستحقها منذ سنوات طويلة، وأتاح لها منفس وفرصة جديدة للتأكيد عن قدراتها التمثيلية التي تفاجئ المشاهد دور عن آخر، مؤكده على موهبة من دهب، إضافة إلى أن إطلالة منال سلامة من خلال المسلسل لها رونق خاص ووضع منال أمام تحدى كبير خاصة وأن الشخصية تحمل الكثير من الجوانب لا تستطيع كرهها كمشاهد وفي نفس الوقت لا تقع في غرامها، تتعامل معها بحذر ، كما أن مشاهدها مع إيهاب فهمي "رضا الحديدي" لافتة للنظر فهما ديو ناجح على الشاشة بهدوءه ورصانته سواء في الشخصية أو في طريقة تمثيله الإنسيابية، ونجح صناع العمل في جعل المشاهد يفكر كثيرا من هو الظالم ومن هو المظلوم خاصة مع الماضي الذي يتكشف "حبة حبة". الشباب في مسلسل الأصلي يلعبون أجمل أدوارهم وكثير منهم بعد المسلسل سيكون له شأن مختلف خاصة وأن العمل استعان بصف كامل من النجوم ممن لهم نجاحات كبيرة فكل منهم شكل إضافة سواء حمزة العيلي في دور جابر، أو أسلام جمال في دور فاروق ويوسف عثمان في دور إبراهيم وأحمد فريد دور درويش والذي فيما يبدو ستحمل الحلقات المقبلة مزيدا من التفاصيل حوله وحول علاقته بعائلة الأصلي خصوصا في ظل سيطرة شقيقه الكبير "فتوح أحمد" على حاله وماله، إضافة حتى للشباب الأصغر سنا ممن ينبئون عن مستقبل كبير خاصة مع تطور مواهبهم وثقلها مثل أحمد والي وسارة نور والتي جاءت قصة حبهما لافتة وظهورهما على الشاشة يضفي بهجة وراحة، أو شاهيستا سعد في دور "أمينة"، والموهبة اللافتة التمثيلية رانيا السيد بعيدا عن كونها مذيعة حيث ينتظرها مستقبل مبهر في الفترة المقبلة، ويحسب للشركة المنتجة "أروما" أنها قدمت عمل ضخم بهذا الشكل في موسم خارج موسم رمضان وهو ما يؤكد على أن الأعمال خارج رمضان تحظي بنسبة مشاهدة كبيرة وهو ما يعكس حالة التفاعل الكبير من المسلسل وأحداثه. استعانة المخرج أحمد حسن بكثير من الشباب من أصحاب المواهب اللافتة منح المسلسل غنا كبير سواء من خلال نجوم برنامج الدوم ماريا أسامة وسعد سمير أو طلبة أكاديمية الفنون وردشان مجدي و مصطفي خطاب ومحمد صلاح وشروق إبراهيم وميرنا الجوهري ونادين حسام ومحمد حنطيرة وطه خليفة.