بعد انتهاء اجتماع الرئيس الأمريكى جونسون، مع أنور السادات، رئيس مجلس الأمة «البرلمان» فى البيت الأبيض بواشنطن، اجتمع السادات مع «دين راسك» وزير الخارجية الأمريكية، وذلك أثناء الزيارة التى قام بها السادات إلى أمريكا، «راجع، ذات يوم، 23 فبراير 2023».
قام السادات بتسجيل حوار تليفزيونى بواشنطن فى 24 فبراير، مثل هذا اليوم، 1966، وتذكر «الأهرام» فى عددها يوم 25 فبراير، أنه ذكر فى حديثه أن اجتماعه مع الرئيس جونسون كان مثمرا جدا واتسم بالصراحة، وكذلك اجتماعه مع «دين راسك»، وشكر الولايات المتحدة على مساعداتها المالية للحفاظ على معابد أبوسمبل.
كان محمد عبدالسلام الزيات، أمينا عاما لمجلس الأمة، وهو الذى رتب لهذه الزيارة ورافق السادات فيها، ويكشف أدق أسرارها فى مذكراته «السادات.. القناع والحقيقة»، وفى حلقة أمس «23 فبراير» تناولنا ما ذكره عنها، ونستكمله اليوم من حيث اللقاء مع الرئيس جونسون، قائلا: «فى اليوم الذى حدد لمقابلة الرئيس جونسون ذهبت مع السادات حيث حضرت مع عدد من كبار موظفى البيت الأبيض مراسم الترحيب وأخذ الصور ثم انسحبت ليبقى السادات ومصطفى كامل - سفير مصر - مع جونسون، وعندما دخلت إلى المكتب البيضاوى كان جونسون يجلس على كرسى هزاز، وبعد ذلك سأل جونسون كالعادة عن الرئيس عبدالناصر، وعلى الأحوال فى مصر، وصادف ذلك اليوم تجمع عدد كبير من المتظاهرين حول البيت الأبيض مطالبين بسحب القوات الأمريكية من فيتنام، وكان جونسون يضحك بصوت عال ويقول: إنكم تسمعون الهتافات، ولكن أمريكا لن تترك فيتنام إلا بعد القضاء الكامل على الثوار»، يعلق «الزيات»: «مضى جونسون، وانسحبت القوات الأمريكية من فيتنام، وعاش شعب فيتنام البطل، وانتصر فى إحدى الملاحم التاريخية بين قوى الخير وقوى الشر».
يتذكر «الزيات»: «انتظرت فى إحدى استراحات البيت الأبيض حتى انتهى اجتماع جونسون ومعه السفير المصرى، ورافقتهما فى العودة إلى الفندق، وكان من عادة السادات وقد رافقته فى كل الزيارات التى قام بها بوصفه رئيسا لمجلس الأمة أوأمينا للجنة السياسية أو عضوا للجنة التنفيذية العليا للاتحاد الاشتراكى، كان من عادته إذا لم يتسن لى حضور الاجتماعات المهمة معه، أن يسرد على تفصيلات ما جرى لأضمنه التقرير الذى يحفظ فى مجلس الأمة أو الاتحاد الاشتراكى وترفع منه صورة إلى الرئاسة، ولكنه فى هذه المرة لم يدل لى بأية تفصيلات غير العبارة التى كان يرددها السفير المصرى «لقد كان الاجتماع وديا مثمرا»، وأضاف السادات إلى ذلك أن مصطفى كامل مقربا جدا إلى جونسون، فقد قال جونسون عنه فى الاجتماع إنه أحد السفراء القلائل الذين يمكنهم أن يتصلوا به مباشرة بالتليفون.
يذكر «الزيات»، أنهم انتقلوا بعد ذلك إلى زيارة بعض الولايات الأمريكية.. يضيف: «لم يخرج حديث السادات معى طوال الرحلة عن التعبير عن انبهاره بالحياة الأمريكية وبالثراء الأمريكى، وبالفخامة والضخامة الأمريكية، كان يردد أمامى أكثر من مرة أن رفاهية الشعوب ومستوى معيشتها تقاس بعدد السيارات، وأخذ يجرى مقارنة بين عدد السيارات فى الدول الاشتراكية التى زارها وعدد السيارات فى الدول الرأسمالية وخاصة فى أمريكا، وكان هذا هو مقياس الرفاهية لديه».
فى مذكراته «البحث عن السادات» يتحدث السادات عن هذه الزيارة، لكنه ينتقد فيها عبدالناصر، يتحدث عن الحفاوة التى استقبل بها فى أمريكا هو وزوجته لكنه يذكر: «فى عشاء رسمى أقامه هاريمان أكبر مستشارى الرئيس الأمريكى فاجأتنى صحفية أمريكية بسؤال لم يكن يخطر على بالى، قالت وفى يدها احدى الصحف: ما رأيك فى هذا التصريح؟ قلت: أى تصريح؟ فقرأت من الصحيفة التى معها تصريحا لعبدالناصر، يهاجم فيه أمريكا بأعنف الألفاظ، قلت لها وقد وجمت: ليس عندى أى تعليق، وتساءلت فى نفسى: لماذا يفعل عبدالناصر ما فعله؟ بعد أن اتفقنا على أن نبذل مجهودا لتحسين العلاقة وبعد تشجيعه لى على إتمام الزيارة، وإذا كان هذا قصده فلماذا وافق على إتمام الزيارة أصلا؟ أمور غريبة لا يمكن فهمها أوتبريرها، ولكنها لم تؤثر على زيارتى لأمريكا، فقد بذل الأمريكان أقصى جهدهم لإنجاح الرحلة».
يكشف «الزيات» عن الفصل الختامى والمثير لهذه الزيارة، قائلا، أن السادات غادر نيويورك إلى بروكسل وحرمه فى زيارة خاصة، أما هو فعاد إلى القاهرة، وذهب فى اليوم التالى لعودته إلى الرياسة ليسجل اسمه فى سجل التشريفات، ثم فوجئ بتليفون عاجل من الرياسة وحديث قصير من الرئيس عبدالناصر، يصفه قائلا: «كان صوته ثائرا ولم يعلق فى ذهنى من عباراته إلا كلمات: «أنت سبت أنور ليه؟ إيه حكاية الشيك اللى صرفه فى بلجيكا؟ كان ردى أننى لا أعرف شيئا عن هذا الموضوع وانهى الرئيس عبدالناصر المكالمة».