بعد انقضاء العام الأول للحرب الأكثر دموية فى أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، بات السؤال الأهم "ماذا سيحدث فيما بعد"، هل تستمر المعارك لعام أو أعوام أخرى، ومن سينتصر فى النهاية، روسيا أم أوكرانيا ومن ورائها الغرب.
ورصدت صحيفة الجارديان توقعات خبرائها بشأن مسار حرب أوكرانيا، التى تبدأ عامها الثانى اليوم، وقالت إيما أشفورد إن أوكرانيا قد قامت بجهد جيد، لكن الوقت والسياسات الأمريكية ربما لا تكون فى صالحها.
وأوضحت الكاتبة أنه خلال العام الماضى، كانت أغلب الدول متفقة على هدف تمكين أوكرانيا من الدفاع عن نفسها. لكن اليوم، تتحول الأفكار صوب الاحتمالات على المدى الأطول بالنسبة للمقاتلين، والتى يشكلها إدراك تدريجيا بأن هذا الصراع قد يستمر لسنوات. ومع الأسف فإن المصالح المتفاوتة بين دول التحالف الغربى قد تصبح أكثر وضوحا.
وربما تكون أوكرانيا ودول شرق أوروبا القريبة من حدود روسيا مستعدة لاستمرار الحرب لسنوات عديدة أخرى، لكن دول غرب أوروبا ربما تكون قلقة من مد الصراع وتكاليفه الاقتصادية لشتاء آخر لو لم تتحقق المكاسب العسكرية.
وسيزداد الاستياء الشعبى فى الولايات المتحدة وأجزاء من أوروبا مع استمرار الحرب، حتى فى ظل حقيقة أن تقديم الأسلحة والتدريب المتقدم لأوكرانيا سيستغرق مزيد من الوقت.
من ناحية أخرى، يقول تيموثى جارتون أش، إن الهجوم الأوكرانى المضاد المتوقع الربيع المقبل قد يحدث تحولا فى مسار الحرب، حيث سيستخدم فيه أسلحة ومعدات جديدة قادمة من الغرب. لو استطاعت أن تتجه قوات أوكرانيا صوب الجنوب من منطقة زابوججيا إلى بحر أزوف، فإنهم يمكن أن يقسموا القوات الروسية إلى قسمين، وربما تهدد شبه جزيرة القرم. ومن الواضح أن هناك مخاطر أكبر مرتبطة بهذا المسار، ولكن هناك ايضا فرصة أكبر للوصول إلى هذه السلام.
ويختلف مع تقييم خبراء الجارديان الكاتب الأمريكى جوش روجين الذى حذر من أن الوقت ليس فى صالح أوكرانيا، مشيرا إلى خطأ إدارة بايدن فى تعهدها بمواصلة الدعم لكييف مهما استغرق الأمر.
وفى مقال بصحيفة واشنطن بوست، قال الكاتب ، إنه مع دخول حرب أوكرانيا عامها الثانى، فإن إدارة بايدن تعهدت بدعم كييف مهما طال الأمر، وهذه اللغة يقصد بها إرسال رسالة قوية للرئيس الروسى فلاديمير بوتين، لكن ليس هذا ما يريد الأوكرانيون سماعه. فالأوكرانيون يعانون بشدة برغم قتالهم القوى، ويتوسلون للغرب لمساعدتهم لتسريع الحرب.
وقبل أيام من ذكرى الحرب الأولى، زار بايدن كييف، وألقى خطابا فى بولندا وعد فيه بألا ينسحب الغرب أبدا فى المعركة من أجل الحرية والديمقراطية. وقبلها بأيام، وقفت نائبة الرئيس كامالا هاريس فى مؤتمر ميونيخ للأمن تعلن التزام أمريكا غير المحدود بجهود أوكرانيا. وقالت: لو كان بوتين يعتقد أن بإمكانه انتظار خروجنا، فهو مخطئ بشدة، فالوقت ليس فى صالحه.
لكن الكاتب يقول إن كل المسئولين الأوكرانيين الذين التقى بهم فى ميونخ لا يتفقون مع ذلك. والأمر لا يتعلق بالأسلحة فقط، رغم تأكيدهم أن هناك حاجة شديدة وسريعة لمزيد من الأسلحة الأفضل. ويقول هؤلاء المسئولون إنهم يخشون أن موقف إدارة بايدن قد يقوض الدعم لإستراتيجية كييف، التى تعتمد على تسريع جهود الحرب الآن وتجنب جمود طويل المدى.
فبالنسبة لهم، تعنى الحرب بلا نهاية انتصارا لبوتين وخسارة بلادهم كما يعرفونها. وقال عضو البرلمان الأوكرانى يليزافيتا ياسكو إنهم ممتنون للغاية للدعم الذى يأتى، لكن هناك عبارة تجعلنا نشعر بالقلق الشديد. فالعديد من القادة يقولون الآن "سندعمكم مهما استغرق الأمر"، ونشعر أن تلك العبارة خطيرة.
وتشير رسالة بايدن إلى أن الغرب مستعد نفسيا وسياسيا لحرب طويلة، إلا أن ياسكو قال إن فرصة انتصار أوكرانيا تقل، فهجمات روسيا على البنية التحتية وإنتاج الطاقة والمنشآت الزراعية يؤثر بشكل وحشى على الاقتصاد، ويتكبد الجيش الأوكرانى خسائر فادحة.