كالعادة تتجدد قضية المنتج المحلى ونظيره المستورد، بعد اللجوء إلى استيراد الدجاج من البرازيل، ودول أخرى، لخلق توازن فى السوق بعد الارتفاع الكبير فى أسعار الدجاج المحلى، نتيجة ارتفاع أسعار الأعلاف عالميا، والناجم عن الأزمة الاقتصادية وانعكاسات الحرب فى أوكرانيا، والتى تدخل عامها الثانى، وتتسبب فى ارتفاعات بالأسعار وارتباكات فى بعض السلع، ومن الطبيعى أن تسعى الحكومة إلى متابعة السوق وخلق توازن فى الصناعة المحلية والأسعار.
ولا أحد ينكر تأثيرات وانعكاسات الأزمة العالمية، وأن التعامل معها يجب أن يتم بعيدا عن التهويل أو التهوين، وبناء سيناريوهات لتخطى هذه الأزمة، بدءا بالإجراءات المصرفية والمالية، التى تصب لصالح دعم مستلزمات الإنتاج والتصدير والصناعة المحلية ومنها صناعة الدواجن التى توفر اكتفاء ذاتيا، لكن فى بعض الأحيان يشهد السوق اختلالات تتكرر كل فترة، ومنها ما يتم مؤخرا، حيث ارتفعت الأسعار بشكل كبير نتيجة ارتفاع أسعار الأعلاف، وسارعت الدولة بتدبير العملات الخاصة بخروج الأعلاف من الجمارك بسرعة، ومع هذا هناك دورة إنتاج تتطلب شهرين، حتى تستعيد الصناعة دورتها.
من هنا، كان اللجوء لاستيراد دواجن مجمدة، أو بمعنى أدق زيادة الكميات المستوردة، حتى تغطى الاستهلاك لحين استعادة الدورات المحلية بالمزارع، وهذه القضية سبق وجرت عام 2018، ونشأ الجدل ذاته حول «المستورَد» و«المحلى».
وخلال الأيام الماضية، ظهرت على بعض مواقع التواصل شائعات، أن الدجاج المستورد يسبب أمراضا، رغم أن الاستيراد لم يتوقف على مدار سنوات، وعاد آخرون ليعلنوا أن المستورَد يباع أغلى من تكلفته، ثم إنه يضرب صناعة الدواجن المحلية، وكلها شائعات لا علاقة لها بالحقيقة، ولا بالمعلومات المتاحة من أطرافها، وليست لها أى أهداف لصالح الصناعة المحلية ولا المستهلِك، وبعض حَسَنِى النية يعيدون نقل ومشاركة الكلام من دون تفكير، بالطبع المستهلك يقبل على السلعة بسعر مناسب، ويجربها ويحكم عليها بعيدا عن منصات «منتهية الصلاحية».
ما حدث أن وزارة التموين طرحت كميات من الدواجن المجمدة «البرازيلى»، بسعر 65 جنيها للكيلو، بجانب القطاع الخاص الذى يطرحها بين 80 و90 جنيها للكيلو، وحسب تصريحات وكيل وزارة التموين والتجارة الداخلية، للزميل مدحت وهبة بـ«انفراد»، فإن الدواجن البرازيلية المجمدة يتم استيرادها منذ سنوات عديدة وتتميز بجودة عالية، وتدخل بعد فحصها من كل الجهات المعنية والطب البيطرى، وبعد التأكد من مطابقتها للمواصفات القياسية، وأن الدواجن المستوردة ذات جودة عالية يؤكدها الإقبال عليها، وعدم وجود أى شكوى، ومعها هناك لحوم ومواد أخرى ضمن خطط التعامل مع الأزمة، وخلق بدائل أمام المستهلك.
أما فى ما يتعلق بالصناعة الدواجن المحلية، فإن الاستيراد هدفه توازن السوق، ومنح بدائل، حتى تستعيد المزارع المحلية والصناعة توازنها وتكمل دورتها الإنتاجية، بالشكل الذى يوازن الأسعار، خاصة أن لدينا صناعة دواجن كبيرة، تستمر على مدار عقود، وتنتج كميات تكفى للاستهلاك المحلى، لكن الأزمة العالمية أدت لارتفاع أسعار الأعلاف، وهنا تدخلت الحكومة لضمان توافره وخروجه من الجمارك والموانئ بسرعة.
ومع الاعتراف بانعكاسات الأزمة على أسعار الكتاكيت والأعلاف، فإن بعض الأطراف ترفع الأسعار بما يتجاوز التكلفة «العالية» مرات ومرات، وبناء عليه فإن وجود المستورد بجانب المحلى يخلق توازنا فى قوانين العرض والطلب، وبقوانين السوق نفسها، وليس كما تردد بعض المنصات التى ليس لها هدف غير تنغيص حياة الناس، فإذا صمتت الحكومة أمام ارتفاع الأسعار، تُتهم بأنها تترك المواطن للجشع، وإذا تدخلت فهى ترمى لتدمير الصناعة المحلية، بينما الحقيقة تتطلب التعامل من دون تهوين أو تهويل، لضمان توازن السوق، وهو ما يفترض أن ينتبه إليه بعض أصحاب النيات الطيبة الذين يعلقون بلا تفكير بوستات مجهولة المنشأ، منتهية الصلاحية.