** الدور المصرى قائم ليس فى أمن منطقة الخليج وحدها بل فى سائر أرجاء الوطن العربى
** الإصلاحات الاقتصادية وتحسين بيئة الاستثمار فى مصر يمثلان قاطرة جذب جديدة للاستثمارات الكويتية والعربية
تزينت سماء الكويت، وعلت الفرحة أجواءها احتفاءً بذكرى يوم استقلالها الثانى والستين، والذكرى الثانية والثلاثين لتحريرها، وهو اليوم الذى انطلقت فيه الدولة إلى مسارات جديدة من التنمية والبناء، وصولًا لتحقيق ما يتطلع شعبها إليه من نماء وازدهار، وانطلاقًا من علاقات قوية تجمع بين مصر والكويت قيادة وشعبًا، وكون هذه المناسبة غالية على قلوب الكويتيين وعلى العرب على حد سواء، كان لـ«انفراد»، لقاءً خاصًا مع سعادة السفير غانم صقر الغانم، سفير دولة الكويت بمصر مندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية، والذى أكد ما تجسده هذه المناسبة من معان وقيم الولاء والانتماء للوطن وقيادته، مشيرًا إلى العمق الاستراتيجى للعلاقات المصرية الكويتية وما يؤكده التاريخ من توافق تام بين البلدين على المستويين الرسمى والشعبى. كما تطرق السفير فى حديثه إلى العلاقات الاقتصادية والاسثمارية بين البلدين، وملف التكويت وحقيقة مصير العمالة الوافدة، إلى جانب العديد من المحاور المهمة، وإلى نص الحوار..
تحتفل دولة الكويت بمناسبة العيد الوطنى الـ62، وعيد التحرير الـ32، ما الذى يعنيه هذان التاريخان بالنسبة لشعب الكويت؟
هذه المناسبات عزيزة وغالية على أهل الكويت فهى تجسد أعظم معانى وقيم الولاء والانتماء للوطن وقيادته التى حرصت طوال العقود الماضية على تعزيز مكانته، والمحافظة على أمنه واستقراره ودفع عملية التنمية فيه بشتى المجالات.
ما وصفك للروابط الكويتية الخليجية بشكل عام؟
ترتبط الكويت بمحيطها الخليجى بروابط الدم والتاريخ والانتماء المشترك، وتصل ما بينها وشقيقاتها فى المنطقة وشائج قوية وممتدة قوامها العادات والتقاليد ووحدة اللغة والمصير، وسعت لتعزيز هذه الروابط الطبيعية بتنظيم قانونى يتمثل فى مجلس التعاون، حين تولدت فكرة المجلس لدى سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح، وكان يأمل بأن تجتمع دول الخليج تحت مظلة عمل واحدة فى شكل مؤسسى ينهض بالمواطن الخليجى فى المجالات كافة، وهو ما تحقق بالفعل، وأصبح مجلس التعاون واقعًا ملموسًا على الأرض يسعى للتكامل والتعاضد بين أعضائه، ويكفى أن نستذكر مواقف دول الخليج أثناء محنة الغزو على الكويت لنعرف ماذا تعنى للكويت شقيقاتها دول الخليج.
بصفتك مندوب الكويت لدى الجامعة العربية، ما أبرز التحديات التى تواجه الكتلة العربية التى تجتمع تحت مظلة الجامعة لمناقشة عدة قضايا مهمة خاصة بالتزامن مع التحديات العالمية والتى تركت طابعها على المنطقة، وكيف يواجهونها؟
جامعة الدول العربية نشأت لتكون تجسيدًا لطموح الأمة العربية نحو التجمع والتالف، ولا يستطيع المراقب المنصف أن يغفل أهمية وجودها ودورها فى تحقيق التوافق السياسى والاقتصادى والاجتماعى والثقافى منذ نشأتها، ولنا أن نتصور الوطن العربى بدون وجود هذه المظلة الجامعة، لندرك أهمية دورها، وبالطبع الجميع يتطلع إلى دور أكبر والبعض يرى أن أمامها الكثير لتلبى تلك الطموحات، غير أن الجهد المشترك لتفعيل دورها مطلوب من كل الدول الأعضاء، ويستدعى الجهد والصبر، لأنها فى النهاية محصلة لجهد كل أعضائها، والكويت منذ أن انضمت إلى الجامعة وهى تعمل بكل إمكانياتها لدعم هذه المؤسسة وتعزيز قدراتها وهذا المبدأ من ثوابت الدبلوماسية الكويتية.
علاقات خاصة وروابط تاريخية تجمع مصر والكويت، كيف ترى أهمية تلك العلاقات فى محيطها الإقليمى خاصة فى هذا التوقيت الدقيق بالمنطقة؟
التاريخ يؤكد على التوافق التام بين البلدين على المستوى الرسمى والشعبى، ويؤكد أن العلاقات الثنائية تتسم بخصائص مميزة تؤكد عمق الترابط الاستراتيجى بينهما، فما يحدث فى الكويت يؤثر فى مصر، وما يحدث فى مصر يجد صداه على الفور فى الكويت، وهى حقيقة لا تتطلب أى برهان.
ويمكن توصيف العلاقات بين البلدين بأنها علاقة بين شريكين استراتيجيين ومشاركة متعددة الأبعاد منها السياسية والثقافية والإعلامية والاقتصادية، ومنها المشاركات الرسمية وغير الرسمية على المستوى الشعبى، وهى علاقات قامت على أسس مكنتها من تجاوز كل التحديات لتصبح راسخة فى الجذور الدبلوماسية، وبالتالى فإن استقرار مصر وازدهارها هو استقرار للكويت والدول العربية، ودائمًا كانت مصر حاضرة بمكانتها ودورها ليس فى الكويت وحدها، ولكن فى منطقة الخليج والوطن العربى ككل، وكانت توظف استقرارها وتطورها لصالح القضايا العربية، وبالنسبة لنا فى الكويت لا ننسى وقفة مصر عام 1961 ولا عام 1990، وكانت هذه مجرد علامات فى سلسلة متصلة ومتبادلة من التعاون المشترك، لا تزال مستمرة فى الحاضر والمستقبل، والدور المصرى قائم ومرحب به دائمًا ليس فى أمن منطقة الخليج وحدها، بل فى سائر أرجاء الوطن العربى.
كم عدد الطلاب الكويتيين فى مصر وكيف يتم إدماجهم فى المجتمع المصرى من جهة، والاستفادة من وجودهم لدعم أواصر الأخوة بين الشعبين من جهة ثانية؟
يوجد أكثر من 22 ألف طالب وطالبة من الكويت يدرسون فى الجامعات والمعاهد المصرية، وهم يقيمون وسط أشقائهم المصريين، ولا يشعرون بأى نوع من الغربة عن الوطن، وهم مندمجون بالفعل مع زملائهم الدارسين ويتمتعون بصلات وروابط صداقة مع العديد من الأسر المصرية.
على ذكر العلاقات الأخوية بين الدولتين، كيف تسهم البعثة الدبلوماسية الكويتية ممثلة فى السفارة بدعم تلك العلاقات، ومواجهة أى شائعات مغرضة تحاول النيل من وحدة الدولتين؟
نحرص أنا وزملائى من أعضاء السفارة على العمل وفق رؤية الأمير الشيخ نواف الحمد الجابر الصباح، وولى العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، ونقوم بالبناء على الإرث الكبير والثرى المتراكم عبر عقود طويلة من التعاون والعلاقات الطيبة، ولا نعتبر أنفسنا فى مهمة خارج الكويت، بل نشعر دائمًا أننا بين الأهل والأشقاء، ونعمل على مزيد من التوثيق لعلاقات الكويت التاريخية العريقة مع الشقيقة مصر، ولا نسمح لأية شائعات مغرضة أن تنال من هذه العلاقة التى لاغنى عنها.
فى تقديرك، ما أهم المزايا التى تتمتع بها السوق المصرية بالنسبة للمستثمر الكويتى؟ وكيف تستفيد الشركات الكويتية من وجودها فى مصر والعكس؟
علاقات البلدين تتنوع لتغطى كل المجالات، وفيما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية ترتبط البلدان بعدد من الاتفاقيات الثنائية التى تشكل أطر التعاون القائم بينهما، كما تجمعهما لجنة عليا مشتركة ومجلس مشترك للأعمال لتشجيع المبادرات الخاصة من الجانبين، وهناك استثمارات للكويت بنحو 15 مليار دولار فى مصر، و5 مليارات دولار حجم التبادل التجارى بين البلدين، وتعد الكويت ثالث شريك عربى من ناحية التبادل التجارى، ورابع مستثمر من الخارج فى مصر، والتى نرى أنها تمثل سوقًا واعدة وفرصًا كبيرة للنمو، وتمتلك قاعدة علمية وبنية تحتية ضخمة، إضافة إلى أيد عاملة مدربة وموقع مميز على خطوط المواصلات العالمية، ما يجعلها مصدر إقبال لكل الراغبين فى الاستثمار، خاصة بعد أن تكتمل منظومة الإصلاح التشريعى وتذليل عقبات الاستثمار.
كان هناك وفد استثمارى زار مصر العام الماضى، ما النتائج التى تحققت وأبرز الخطوات المستقبلية لتنمية العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بينهما؟
زيارات الوفود المشتركة لا تنقطع، ومنذ أيام استضافت غرفة التجارة والصناعة وفدًا مصريًا عالى المستوى، وحظى باستقبال كبير وانخرط فى مناقشات مثمرة مع مجتمع المال والأعمال فى الكويت، وقد استمع منه إلى رؤيته لفرص زيادة وتوسيع حجم الاستثمار فى السوق المصرى، وتعتبر الزيارة استكمالًا للمباحثات المهمة التى جرت بين الوفد الذى تفضلتم بالإشارة إلى زيارته القاهرة، والتى مثلت فرصة للوقوف على هذه الإصلاحات التى أعتقد أنها سوف تمثل قاطرة جذب جديدة للاستثمارات الكويتية والعربية بصفة عامة.
استضافت مصر اجتماعات الفصائل الفلسطينية أكثر من مرة، واجتماعات لجنة «5+5» الليبية، وأيضًا ورشة عمل لتسريع التسوية السياسية بالسودان، ما تقديرك للدور المصرى فى الملفات الشائكة بالإقليم، وأهميتها للخليج أيضًا؟
مصر لم تغب عن دورها العربى والإقليمى، ودائمًا ما تقوم بدور الوساطة والتقارب العربى فنشاط مصر السياسى لتقريب وجهات النظر بين شقيقاتها لم يغب يومًا، ودور مصر كان ولا يزال دورًا محوريًا فى مسيرة العمل العربى المشترك منذ إنشاء جامعة الدول العربية، ونأمل أن تسفر الجهود المصرية عن قبول من الفرقاء ونثق فى حكمة وخبرات الدبلوماسية المصرية العريقة وقدرتها على التعامل مع مشاكل المنطقة.
ملف التكويت يثير بعض اللغط حوله بسبب محاولة نشر معلومات غير دقيقة حوله.. هل لك أن تطلعنا على خطة التكويت ومراحلها وما الذى تعنيه بالنسبة للعمالة الوافدة؟
هذا موضوع مهم يحتاج لبعض الاسترسال لأهميته ولكثرة ما ارتبط به من آراء أكثرها بعيد عن الحقيقة، فمنذ الستينيات من القرن الماضى تفتح الكويت أبوابها لكل أبناء الدول الشقيقة والصديقة الراغبين فى مشاركة أبنائها فى مسيرة التنمية والبناء، ولا تزال تفتح أبوابها للكثير من التخصصات التى تحتاجها فى سوق العمل، وتعمل فى الوقت نفسه على تحقيق التوازن بين سياستها فى استقبال العمالة وبين الكوادر الجديدة من أبنائها التى ترغب فى الحصول على فرص العمل والتوظيف وهذا أمر طبيعى فى كل الدول، ومن ثم فقد التزمت بخطة متدرجة لإحلال العمالة الوطنية محل العمالة الوافدة فى عدد من القطاعات الحكومية، ومن جانب آخر مسألة تعديل التركيبة السكانية، وهى أمر داخلى غير موجه إلى جنسية محددة واهتمامه الأساسى هو نوعيات العاملين ومهاراتهم وليس جنسياتهم.
خلال 6 أشهر من عملك كسفير لدولة الكويت بالقاهرة.. ما انطباعك عن مصر وشعبها؟
لا أستطيع أن أختصر انطباعى وكل كويتى عن مصر الحبيبة فى هذه السطور، فمصر تعتبر البلد الثانى للكثير من أهل الكويت، فهى ترتبط فى ذاكرة كل كويتى بمعانى الأخوة والتعاون والمحبة، ولا ينسى الشعب الكويتى دور الطبيب المصرى والمعلم المصرى والمهندس المصرى فى أواخر القرن الماضى، كما ساهمت الثقافة المصرية فى توجيه الذوق الفنى لكثير من الكويتيين، ولا يشعر المواطن الكويتى بأنه فى بلد غريب، بل يجد المودة والترحيب من جميع المصريين أينما حل، ولا تزال مصر قبلة مفضلة لعديد من الأسر الكويتية التى تحرص على زيارتها فى المناسبات والأعياد.