طوال سنوات لم تتوقف مصر عن تأكيد دعمها لأمن واستقرار العراق الشقيق، والتعاون فى كل المجالات الاقتصادية والتجارية، وتأتى زيارة رئيس الوزراء العراقى محمد شياع السودانى، لمصر فى سياق العلاقات الممتدة والقوية بين البلدين الشقيقين، حيث أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى، عقب لقاء السودانى، أمس، دعم مصر الثابت لأمن واستقرار العراق الشقيق، والاعتزاز بالعلاقات الاستراتيجية بين البلدين، وأكد أن مساندة العراق وتقديم الدعم الكامل للشعب العراقى على مختلف الأصعدة من الثوابت الراسخة للسياسة المصرية، خاصة فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب وترسيخ الأمن والاستقرار.
الرئيس أكد حرص مصر على تفعيل وتنويع أطر التعاون الثنائى المشترك فى شتى المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية، والإسراع فى تنفيذ المشروعات المشتركة بين البلدين، وفقًا لاحتياجات الشعب العراقى وبما يعزز التكامل بين الجانبين ويحقق الأهداف المشتركة، بجانب مواصلة العمل فى إطار آلية التعاون الثلاثى مع المملكة الأردنية الشقيقة.
وعلى مدى 4 سنوات كان الرئيس حريصًا على تأكيد هذه العلاقة، ومنذ مارس 2019، بدأت جهود بناء التعاون الثلاثى بين مصر والعراق والأردن من خلال قمم ثلاثية استمرت تنمو بشكل متواصل، وجاءت مشاركة الرئيس السيسى، فى قمة بغداد للتعاون الثلاثى، أحد مظاهر هذه الثمار، والبناء على ما تحقق وتقييم التطور فى مختلف مجالات التعاون، وتعزيز التشاور السياسى بينهم حول سبل التصدى للتحديات التى تواجه الوطن العربى ومنطقة الشرق الأوسط، ومثل التنسيق الثلاثى المصرى العراقى الأردنى، قاعدة لتأسيس موقف إقليمى، بانضمام دول مجلس التعاون والجوار إلى مؤتمر بغداد بنسخته الأولى، وكان ثمرة لهذه النواة التى صنعها التنسيق الثلاثى، بهدف بناء دور عربى فاعل.
وفى يونيو 2021، كانت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى، هى أول زيارة يقوم بها رئيس مصرى للعراق منذ ثلاثة عقود، ومثلت خطوة بالغة الأهمية والتأثير ثنائيا وإقليميا، وتأكيدا لسياسة مصر لدفع استعادة العراق لمكانته الإقليمية، وثمرة لجهود بذلت على مدى السنوات الأخيرة، لبناء أساس لتحرك عربى، يمثل إحدى مهام إعادة التضامن العربى، وكانت الزيارة استكمالا لعلاقات تم بناؤها على مدى السنوات بين القاهرة وبغداد، وتعززت باتفاقات اقتصادية وتجارية، ولجان مشتركة، فضلًا عن تنسيق المواقف العربية والإقليمية بشكل يدعم نظرية الفعل العربى.
وعقدت النسخة الأولى من مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة فى أغسطس 2021، وأصدرت توصيات أكدت دعم الدول المشاركة لجهود تعزيز مؤسسات الدولة لحفظ وحدة واستقرار العراق، ومساعيه لمواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية، فى وقت تواجه فيه المنطقة تحديات مختلفة.
وجاءت النسخة الثانية فى ديسمبر الماضى، فى البحر الميت، بمشاركة واسعة من الزعماء العرب والجامعة العربية ودول جوار العراق، ومجلس التعاون الخليجى، وفرنسا والاتحاد الأوروبى، تأكيدًا لمواصلة دعم العراق فى مرحلة دقيقة من التعافى السياسى والاقتصادى، وترسيخ سيادته وتعزيز التوازن فى علاقاته بمحيطه العربى، ودور العراق المهم فى المعادلة الإقليمية وأهمية إبعاده عن الاستقطابات والتجاذبات لتمهيد السبيل نحو الانطلاق الاقتصادى، وتلبية تطلعات المواطنين والتخفيف من معاناتهم الطويلة.
وكان الحضور الإقليمى القوى لدول جوار العراق فى النسخة الثانية من مؤتمر بغداد والحضور الدولى، ممثلًا فى الاتحاد الأوروبى وفرنسا، أحد أهم الأطراف الأوروبية، من شأنه أن يساهم فى تدعيم مبادرات الحل السياسى، وطرح القضايا الإقليمية فى سياقات ثنائية، يمكن أن تمثل تقاطعًا مع القضايا المطروحة إقليميًا، سواء الاقتصادية أو السياسية المتعلقة بالاستقرار والسلام.
من هنا تأتى زيارة رئيس الوزراء العراقى لمصر، وتأكيد الرئيس السيسى دعم العراق واستقراره، والتعاون الثنائى، حيث أشاد رئيس الوزراء العراقى محمد شياع السودانى، أمس، بالروابط الأخوية الوثيقة والتاريخية التى تجمع بين البلدين، معربًا عن تقديره للجهود المصرية الداعمة للعراق على كل الأصعدة، ومؤكدًا حرص العراق على تعزيز أطر التعاون الثنائى الراسخة مع مصر واستطلاع آليات دفعها إلى آفاق أرحب والاستفادة من الكفاءات المصرية فى مختلف المجالات، خاصةً فى ضوء الدور المصرى البارز فى تعزيز آليات العمل العربى المشترك فى مواجهة الأزمات والتحديات الراهنة بالمنطقة، والذى يعد نموذجًا يحتذى به فى الحفاظ على الاستقرار والنهوض بالأوضاع التنموية والاقتصادية والاجتماعية.
ومن هنا تتواصل جهود مصر لدعم العراق واستقراره، وعودته لمحيطه الإقليمى، وتقديم كل الخبرات لدعم الشعب العراقى الشقيق فى كل المجالات والمحافل.