حالة من التوافق هيمنت على اجتماع مجلس الجامعة العربية، على مستوى وزراء الخارجية، فى دورته الـ159، والذى تترأسها مصر، حيث تناول العديد من القضايا الدولية الهامة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، ودعم كلا من سوريا وتركيا بعد كارثة الزلزال المدمر الذى ضربهما الشهر الماضى، ناهيك عن احتواء الأوضاع الاقتصادية التى يشهدها العالم، جراء الأزمة الأوكرانية، ووباء كورونا، بالإضافة إلى الأوضاع فى اليمن وليبيا وغيرها.
وبدأ الاجتماع بتسلم مصر رئاسة الدورة الجديدة، حيث اعتلى الوزير سامح شكرى المنصة، معلنا انطلاقها.
من جانبه، أكد وزير الخارجية سامح شكرى أن أنه لابد من تضافر الجهود العربية لمواجهة التحديات التى تواجه المنطقة كأمن الطاقة والأمن الغذائي.
وأضاف، خلال مؤتمر صحفى على هامش اجتماع مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية، أن الدورة شهدت توافق للرؤى ووجهات النظر مؤكدا على مركزية القضية الفلسطينية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى وتقدم بخالص التعازى لضحايا مخيم جنين.
الأوضاع العالمية ربما نالت قسطا كبيرا من اهتمام الحضور، خلال الاجتماع، والذى شهد زخما كبيرا، فى ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية، جراء الأزمات المتواترة، وعلى رأسها الأزمة الأوكرانية، بالإضافة إلى التغيرات المناخى، وتداعياتها الكبيرة، فى الوقت الذى لم يتعافى فيه العالم من جراء أزمة كورونا.
وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إن اجتماع مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية ينعقد فى أجواءٍ عالمية وإقليمية متوترة ليس من قبيل المبالغة أو التهويل القول بأن العالم يعيش أوضاعًا لم يجربها منذ أربعة عقود، فلأول مرة منذ سنوات طويلة يعود الحديث عن الحرب النووية كاحتمالٍ وارد الحدوث ولأول مرة منذ سنوات نرى المنافسة بين القوى الكبرى، وقد انتقلت إلى مرحلة الصراع بكل ما ينطوى عليه ذلك من تبعات يعانيها العالم بأسره وليس فقط أطراف المنافسة أو الصراع.
وأضاف، فى كلمته أمام اجتماع مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية، أن العالم جرب من قبل صراعات القوى الكبرى، وما يصحبها من استقطاب حاد، وانقسام الدول إلى معسكرات وأحلاف غير أن عالمنا اليوم ليس هو عالم القرن العشرين؛ إذ تضخمت شبكة العلاقات والاعتماد المتبادل والتجارة البينية والاتصال بين الدول على نحو غير مسبوق كما ظهر عدد من القضايا التى لا يمكن علاجها أو التعامل معها سوى فى إطار متعدد الأطراف، وعبر عمل مشترك تنخرط فيه دول العالم كافة تلك هى القضايا الخطيرة التى تخص مستقبل الإنسانية بأسرها مثل التغير المناخى ونزع السلاح والأوبئة والتصدى للفقر وغيرها.
ولم تكن القضايا التى تشغل بال الدول العربية غائبة عن أجندة الاجتماع، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وأزمة سد النهضة، بالإضافة إلى الأوضاع فى ليبيا واليمن.
فحول القضية الفلسطينية، قال شكرى إن ثمة جهودا كبيرة تبذل من الدول وخاصة مصر لتحقيق تسوية سياسية لإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967.
وأضاف أن العمل جار على احتواء التصعيد والإجراءات الأحادية التى تنتقص من عملية السلام وحل الدولتين وآخرها اجتماع العقبة وهدفه الحفاظ على حقوق الفلسطينيين والدعم بعملية السلام.
بينما حذر أبو الغيط من سياسات الحكومة الإسرائيلية، مؤكدا أن اعتلاء هذه الحكومة لسدة السلطة فى إسرائيل يمثل تهديدا لعملية السلام، موضحا إنها حكومة يقوم برنامجها على الاستيطان لا السلام وعلى التوسع والضم وليس التسوية أو الحل، ومن بين رموز هذه الحكومة من يُجاهر علنًا برفض حل الدولتين، بل وبتصفية الفلسطينيين وضم أراضيهم.
وقال إن شهر رمضان المُعظم على الأبواب وهو مناسبة للسلام والرحمة وذكر الله تتطلع فيه أفئدة المسلمين من مشارق الأرض ومغاربها إلى أولى القبلتين وثالث الحرمين، محذرا أن إشعال الموقف فى القدس، وبالتحديد فى المسجد الأقصى والحرم الشريف، خلال شهر رمضان سيمثل عملًا استفزازيًا للمسلمين فى كل مكان وأن سعى عناصر متطرفة فى حكومة الاحتلال لتغيير الوضع القانونى والتاريخى فى البلدة القديمة وتخطيطهم لتحركات استعراضية لتسجيل المواقف لدى ناخبيهم.. لن يكون من شأنه سوى إلهاب المشاعر وتفجير الموقف وإشعال فتيل مواجهات دينية.
وأما قضية سد النهضة فكانت حاضرة بقوة فى حديث وزير الخارجية سامح شكرى، والذى أكد على حرص مصر الشديد على التشاور مع الدول العربية فيما يتعلق بمستجدات هذه القضية، داعيا إياهم إلى دعم الموقف المصري.
فى هذا الإطار، قال شكرى إن ملف سد النهضة سيكون على جدول أعمال القمة العربية المقبلة، وأن مصر دائما حريصة على إطلاع أشقائها على تطورات مفاوضات سد النهضة، وفى كل مراحلها، ومنذ 4 أعوام ومصر تتحدث مع الوزراء العرب فى جلسات التشاور حول هذا الملف، وأكد أنه تم الاتفاق على ضرورة وجود موقف عربى داعم، ودعوة الجانب الإثيوبى للتفاعل وإبداء المرونة.
وأكد شكرى، خلال مؤتمر صحفى فى أعقاب اجتماع مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب، أن التصرفات الأحادية من الجانب الإثيوبى ستقود لمزيد من التوتر، مؤكدا احترامه لحقوق إثيوبيا وكذلك حقوق دولتى المصب، ولابد من اتفاق قانونى ملزم للجانب الإثيوبى، ومع استمرار المفاوضات وجدنا أنه لابد أن يكون الملف على جدول أعمال القمة المقبلة.
وأوضح أن الهدف من هذا القرار إظهار التضامن العربى ووجود رؤية من أجل أن يراعى الجانب الإثيوبى ذلك.