رحلوا بأجسادهم، لكن تبقى سيرتهم وذكراهم العطرة محفورة في ضمير ووجدان هذا الوطن، قدموا الأرواح في سبيل حماية مصر وآمنها، تركوا فلذات الأكباد والزوجات والأمهات، بميراث ضخم من السيرة الطيبة والسجل الحافل من الإنجازات والنجاحات، حتى يلقوهم هناك يوما من الأيام، في "جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر، فتحية لشهدائنا الأبرار في يوم الشهيد.
الشهيد مصطفى الخطيب
لم يكن ضابطا عاديا، ولكنه كان رجلا وقورا، يتمتع بالذكاء والرزانة، وجمع رصيدا كبيراً من حب الناس، عشق عمله وأخلص فيه واستشهد به، وارتفعت روحه لبارئها في سلام وأمان، تنعم بجنان الرحمن.
تقول "سحر يوسف" زوجة الشهيد لـ"انفراد" أشعر بألم يعتصر قلبي على فراق زوجي الحبيب، الذي كان محبوباً للجميع بما فيهم أهالي كرداسة أنفسهم الذين اغتالوه، فقد اعتاد على حل مشاكلهم، لكنهم خانوه واستدرجوه للمسجد وقتلوه بداخله.
وأضافت زوجة الشهيد، تزوجت البنات وبقيت أعيش على الذكرى، فلم يغب عني لحظة من اللحظات، فقد كان نعم الزوج، حيث تزوجت منه فى 1986 وكان يحمل رتبة "نقيب"، ويعمل فى الأمن العام بمديرية أمن الجيزة لمدة سنتين، ومنها انتقل لأسيوط خلال أحداث الإرهاب، حيث واجه المتطرفين برفقة زملائه لمدة 3 سنوات، ثم انتقل لمباحث السياحة والآثار لمدة 17 سنة، وفى عام 2011 كان مأموراً لمركز شرطة أبو النمرس، وبعدها نقل مأموراً لمركز شرطة كرداسة، حيث كان يدير عمله من القرية الذكية وقتها بسبب حرق القسم، وخلال هذه الفترة نجح زوجى فى تقريب وجهات النظر بين الأهالى والشرطة، حيث كان يعقد الاجتماعات بالأهالى فى كرداسة، ويصلى بهم فى المسجد القريب من المركز، حتى تم إعادة افتتاح المركز وعاد الهدوء للمنطقة مرة أخرى، مضيفة أنه بالرغم من حصوله على ترقية كمساعد مدير أمن الجيزة لمنطقة الشمال، إلا أنه ظل متعلقا بكرداسة، فقد كان يفضل البقاء فى القسم والمرور عليه من حين لآخر حيث كان يقع فى نطاق عمله ضمن عدة أقسام أخرى.
وتتحدث الزوجة عن يوم استشهاد زوجها فتقول: حاولت قوات الشرطة فض اعتصام رابعة والنهضة المسلحين، ويومها قرر زوجى الذهاب صباحاً لمركز كرداسة، حيث أكد لى أن هناك تجمهرات وأنه سوف يتحدث مع الأهالى، خاصة أنه مقبول لدى الجميع وقادر على احتواء الأمر، وشعرت وقتها بشىء غريب، فقد كان وجهه مشرق وبشوش، ولم أدرى أنه سيكون المشهد الأخير الذى يجمعنا، وبعدها عرفت بتجمع الأهالي بمحيط القسم، وحاول الاتصال بزوجي عدة مرات ورد علي قائلاً :"فيه اشتباك اقفلي" حيث كانت هذه الجملة آخر ما سمعته من زوجي الحبيب ليستشهد بعد ذلك."
الشهيد محمد أنور
رغم أنه الإبن الوحيد لها، إلا أنها لم تبخل به، وقدمته والدته فداءا لوطنه، ليستشهد على أرض الفيروز، وتروى دماءه الطاهرة، الأرض التي كانت شاهدة دائما على بطولات لرجال القوات المسلحة والشرطة.
النقيب محمد أنور، ضابط الشرطة، الذي استشهد أثناء أداء عمله في سيناء، تتحدث عنه والدته عفاف شاش في يوم الشهيد، فتقول أنها تتذكر وقت وصول خبر استشهاده لها، في شهر يونيو 2016، حيث كانت تنتظره في هذا اليوم للعودة لها لقضاء إجازته، إلا أنها لاحظت تأخره عن وقت وصوله، فأجرت اتصالا على هاتفه المحمول، وكانت المفاجأة، عندما رد عليها شخص آخر وأخبرها أنه نال الشهادة.
أضافت أن "محمد" هو الإبن الوحيد لها، ورغم ذلك لم تبخل به، وبتضحيته فداءا لحماية الوطن، وأشارت أن الرئيس عبد الفتاح السيسي كرمها سابقا في عيد الشرطة، كما ألقت كلمة خلال الاحتفال، وأنها فخورة بهذا التكريم، وأكدت أنها لو كان لديها أبناء آخرين لقدمتهم أيضا لحماية الوطن.
واستشهد النقيب محمد أنور أثناء أداء عمله في سيناء، حيث كان يقضى خدمته بقسم شرطة الحسنة بسيناء، وأثناء توجهه على رأس قوة أمنية لنقل المتهمين إلى المحكمة بسيارة ترحيلات، جلس بجوار الشرطى قائد السيارة، ثم تلا بعض الأدعية، وعقب تحرك السيارة فى طريقها المعهود لنقل المتهمين، وضع سماعة الهاتف فى أذنه بعد تشغيل آيات القرآن، وخلال سلوك قائد السيارة طريق الحسنة – صدر حيطان" كانت العناصر الإرهابية قد استعدت لتفجير السيارة بزرع عبوة ناسفة على جانب الطريق، وفور مرور السيارة بجوارها انفجرت العبوة لتصيب شظاياها النقيب محمد أنور برأسه، فيلقى ربه شهيدا، بينما يصاب عريف شرطة من قوة قسم شرطة الحسنة.
الشهيد محمد مبروك
رصيد كبير من حب الناس حازه الشهيد البطل محمد مبروك، الذي خلد الجميع سيرته، فقد كان أحد أبرز رجال الأمن المعلوماتى، ومن ثم كان على رأس قائمة الاغتيالات لدى الجماعات الإرهابية، ففي يوم 18 نوفمبر عام 2013، وبينما كان البطل محمد يستعد للخروج من مسكنه متوجها إلى عمله، فتح إرهابيون وابلا من النيران عليه لتسكن اثنتا عشرة رصاصة في جسده ليفوز بالشهادة على الفور.
الشهيد محمد مبروك كان هدفا جوهريا للجماعة الإرهابية، باعتباره كنز المعلومات بالوثائق والأدلة فى القضية الشهيرة، باسم "قضية التخابر"فكان التخلص منه ضرورة لإسكات صوته نهائيا.
ولد الشهيد المقدم محمد مبروك عام 1974، وتخرج في كلية الشرطة عام 1995، والتحق بجهاز أمن الدولة عام 1997 حتى مايو من عام 2011 ثم نقل إلى جهاز الأمن الوطني بمديرية أمن الجيزة .
أشرف الشهيد البطل محمد مبروك على العديد من القضايا المهمة ومنها الإدلاء بأقواله أمام نيابة أمن الدولة في قضية التخابر الشهيرة، فهو الشاهد الرئيسي في القضية، كما إشراف على تحريات قضية هروب محمد مرسي وأتباعه من سجن وادي النطرون، وإجرائه تحريات عن أحداث مكتب الإرشاد في المقطم وغيرها.
أسهم الشهيد البطل بدور حيوى وبارز بعد ثورة 30 يونيو في عمليات إلقاء القبض على القيادات التنظيمية لجماعة الإخوان الإرهابية، بدءا من خيرت الشاطر وصولا إلى المرشد العام محمد بديع.
الشهيد عمر القاضي
الشهيد عمر القاضي ابن قرية ساقية المنقدى بمركز اشمون في محافظة المنوفية.. أحد الابطال الذين دافعوا عن تراب مصر بدمه من الإرهاب والذي استشهد أول أيام عيد الفطر 5 يونيو 2019.
تقول والدة الشهيد إن عمر نجلها الأصغر لديه ولدين هما كمال وعمر، يتمتع بحسن الخلق منذ صغره ومحبوب من أهل قريته وزملائه وكان بارا بي وبوالده رحمة الله عليه ، ودائما ما كان يتمنى الشهادة ونالها، مؤكدة أنها كانت تخاف عليه دائما ولكنه كان يتمني الشهادة حيث أكد لها قبل شهور من استشهادية أنه يتمني أن ينال الشهادة في سبيل الوطن.
وأكدت أن ذكرى استشهاد نجلها لا تغيب عن بالها حيث أن نجلها الشهيد سافر يوم 24 واستشهد يوم 5 يونيو وكان إحساسها أنها لن تراه مرة أخري وكانت دائمة الاتصال به يوميا في شهر رمضان قبل الافطار ويوم وقفة العيد اطمأننت عليه، ولكنها كان بداخلها أن هناك شيئا ليس طبيعيا لتتصل به أول ايام العيد ولكنه لن يرد حتى جاء خبر استشهاده.
ولد الشهيد عمر القاضي بقرية ساقية المنقدي التابعة لمركز أشمون بمحافظة المنوفية والتحق بكلية الشرطة عام 2013 وتخرج فيها عام 2017، انضم بعدها لقطاع الأمن المركزي وتسلم عمله في أحد قطاعات الأمن بمحافظة شمال سيناء، واستشهد القاضي يوم 5 يونيو 2019 الذي تزامن مع أول أيام عيد الفطر المبارك خلال التصدي لهجوم إرهابي على كمين "البطل 14" بالعريش وقت تكبيرات صلاة العيد.
الشهيد أحمد شوشة صقر
وقف يقاتل رجلا لا يهاب الخائنين، وقف رجلا حتى نهاية عمره، وما سبيل العمر أمام حب الوطن، هو البطل " أحمد شوشة"، الذي سطر بدمه بطولة لن يمحيها التاريخ مهما مرت السنوات والأيام.
النقيب شهيد أحمد شوشة استشهد فى حادث الواحات، فيما أصيب 28 من رجال الشرطة.
النقيب أحمد شوشة وقف بطلا كالصقر يطلق الرصاص من سلاحه تجاه أشقاء الشياطين، حتى نفذت ذخيرته لكنه لم يستسلم ولم يرفع رايته البيضاء، بل وقف شانها حتى تستشهد بجوار أصدقائه ليروي بدمه الأرض المصرية.
البطل " أحمد شوشة" التحق بالعمليات الخاصة ولقب بـ"أسد الصحراء"، نظرا لشجاعته، إلى الأمن المركزى عقب تخرجه فى كلية الشرطة ونظرا لتفوقه تم إلحاقه بفرقة المهام القتالية بالعمليات الخاصة وتم اختياره ليكون مشارك بمأمورية الواحات.
عقب استشهاد البطل "شوشة"، أصيب والده بصدمة لم تعبر عنها سوى الدموع والحزن الذي خيم على وجوه أسرته وأصدقائه.
شيعت جنازة البطل المصري بحضور الآلاف من أهالى السويس، وسط حضور لافت لجميع فئات المجتمع.
استشهد "شوشة" بحوار زملائه لكنه كان بطلا منع كل من تسول نفسه الاقتراب من أرض مصر الأبية، كان البطل امن سيرته وروحه مازالت معنا نستنير بها وتبقى لنا ضوء نرى به مستقبل مشرق على أرض الوطن الذي لا يهاب الأعداء.
الشهيد " محمود أبو العز"
الشهيد النقيب محمود أبوالعز، ابن منطقة مصر القديمة، أحبه الجميع من زملائه، فهو عريس السماء ، استشهد على يد مجموعة من الخارجين عن القانون فى 5 مارس 2013، قبل زفافه بثلاثة شهور فقط.
تقول والدة الشهيد في تصريحات لـ "انفراد" ، أن ابنها دفع حياته أثناء مطاردة أمنية له مع مجموعة من العناصر الإجرامية الخارجة عن القانون، فى 5 مارس 2013 ، وكان عمره وقتها 22 سنه ، مشيره الى أن محمود كان أصغر أشقائه، وتوفى والده وهو فى الصف الثاني الابتدائي.
وأضافت أن محمود أبو العز استشهد قبل زواجه بثلاثة أشهر، وكان خاطب ابنة عمه ولكن رصاص الغدر لم يمهله حتى يعيش ليفرح بزفافه ، وأنها فخورة بلقب "أم الشهيد" .
وتضيف والدة الشهيد، أن نجلها كان يأخذ كمية كبيرة من الأطعمة ويقوم بتوزيعها على الجميع، مضيفة أن الشهيد طيلة فترة حياته وخدمته في الشرطة لم يستغل منصبه في يوم الأيام ضد أي شخص، موضحة أن أبنها كانت له طقوس معينة في رمضان معهم، لافتة إلى أنه كان دائما يقوم بجمع الأسرة في رمضان في منزل العائلة، مشيرة إلى انها أصبحت تفتقد هذه الروح بعد رحيل الشهيد، إلا أن ما يصبرها الآن هو أن نجلها نال الشهادة وأنه في مكانة عالية في الجنة.