بدأ أعضاء الحزب الوطنى الأسكتلندى (SNP)، البالغ عددهم نحو 100 ألف شخص، بالإدلاء بأصواتهم لاختيار رئيس وزراء جديد بعد استقالة رئيسة الوزراءنيكولا ستورجن، وستستمر عملية التصويت لمدة أسبوعين على أن تعلن النتيجة النهائية يوم الاثنين 27 مارس.
وفقا لصحيفة الجارديان، يتنافس 3 مرشحين على هذا المنصب، وهم وزير الصحة من الأصول المسلمة حمزة يوسف، ووزيرة الخزانة كيت فوربس، ووزيرة الشؤون المحلية آش ريجان، إلا أن كل التوقعات تفيد بانحسار المنافسة بين يوسف وفوربس، وهما يشكلان خطين سياسيين متناقضان.
وستكون هذه الانتخابات تاريخية، ففى حال فوز حمزة يوسف، فإنه سيكون أول رئيس وزراء مسلم فى تاريخ أسكتلندا وأوروبا، أما فى حال فوز كيت فوربس، فإنها ستكون بذلك أصغر رئيسة وزراء فى تاريخ البلاد وعمرها لم يتجاوز 32 عاما.
وتتحكم 3 ملفات أساسية فى اختيار قواعد الحزب الوطنى الأسكتلندى لزعيمهم الجديد، وهى ملف الانفصال عن المملكة المتحدة، وقضية قوانين الشواذ والأقليات الجنسية، والأزمة المعيشية التى تعيشها البلاد.
فى آخر استطلاع رأى لمؤسسة "إبسوس" (Ipsos)، حول المرشح الأوفر حظا للفوز فى الانتخابات، ظهر نوع من الاختلاف بين توجه الأسكتلنديين بصفة عامة، وبين توجه الكتلة الناخبة للحزب الوطنى الأسكتلندي.
وكشف الاستطلاع عن أن كيت فوربس تتقدم على حمزة يوسف بـ8 نقاط فيما يخص رأى المواطنين الأسكتلنديين حول المرشح المفضل لديهم للفوز برئاسة الوزراء.
فى المقابل، هناك تقارب بين المرشحين فيما يخص نوايا التصويت داخل الحزب الوطنى الأسكتلندى، حيث كشف 33% من أعضاء الحزب أنهم سيصوتون لحمزة يوسف، مقابل 32% لصالح كيت فوربس.
ويحظى حمزة يوسف بدعم قوى من طرف زعيمة الحزب نيكولا ستورجن، التى ترى فيه استمرارا لمشروعها، خاصة ما يتعلق بالانفصال، فى المقابل تحظى كيت فوربس بثقة الكتلة المحافظة داخل الحزب.
ومن المتوقع أن يخفق المرشحون الثلاثة بالحصول على نسبة 50% المطلوبة، الأمر الذى يعنى الذهاب لجولة انتخابات ثانية مع استبعاد المرشح الأقل نيلا للأصوات فى الجولة الأولى.
يسيطر قضية الشواذ وتغيير الجنس على النقاشات بين المرشحين للانتخابات، خاصة بعد استعمال الحكومة البريطانية لحق الفيتو لإسقاط قانون أقرته حكومة نيكولا ستورجن الذى يسمح للأطفال فى سن 16 عاما بتغيير جنسهم دون موافقة الوالدين ودون موافقة طبية.
يقدم حمزة يوسف نفسه كمدافع عن حقوق الأقليات الجنسية والشواذ، والدفاع عن زواج الأشخاص من نفس الجنس، فإن منافسته كيت فوربس تقف على النقيض من ذلك تماما، حيث أعلنت صراحة أنها لا تؤيد زواج الأشخاص من نفس الجنس، وكذلك ترفض فكرة الإنجاب خارج إطار الزواج، كما ترفض قانون تسهيل عمليات تغيير الجنس.
وتستمد كيت فوربس مواقفها من نشأتها وتلقيها تربية محافظة، وهو ما رفع شعبيتها فى صفوف الكتلة المحافظة فى أسكتلندا، فى مقابل إعلان هيئات الدفاع عن الشواذ دعمها لحمزة يوسف.
وهكذا تحول الصراع بين المرشحين إلى صراع بين تيار تطلق عليه الصحافة الأسكتلندية "التيار التقدمي" الذى يمثله حمزة يوسف، وبين "التيار المحافظ" الذى تمثله كيت فوربس.
أما عن قضية الانفصال عن بريطانيا، فقد انتقل حمزة يوسف للسرعة القصوى فى موضوع الانفصال عندما أعلن -فى آخر مناظرة انتخابية مع باقى المرشحين- أنه فى حال وصوله لمنصب رئيس الوزراء، فإنه سيعلن تنظيم انتخابات مبكرة ويضمن أغلبية تزيد على 60% بالتحالف مع حزب الخضر، وبعدها سيجرى استفتاء انفصال عن بريطانيا.
وبات حمزة يوسف يمثل الخط الأكثر تشددا فى التعامل مع مسألة الانفصال عن المملكة المتحدة، مشترطا لتحقيق ذلك حصوله على دعم أغلبية الأسكتلنديين، فى حين تقول كيت فوربس إنها ستسعى للانفصال لكن فى وقت اخر، وترى أن الاستفتاء يمكن أن ينتظر لـ6 سنوات مقبلة دون الدخول فى مواجهة مع لندن الآن.
وإذا ما تمكنحمزة يوسفمن الفوز ووصوله إلى رئاسة الوزراء، فإنه سيكون بذلك قد حقق إنجازا تاريخيا كأول شخص "مسلم" يصل لهذا المنصب فى كل أنحاء أوروبا، ليمضى بذلك على خطوات رئيس الوزراء البريطانى ريشى سوناك الذى دخل التاريخ كأول رئيس وزراء بريطانى من أصول آسيوية.
ورغم ذلك، يبدو أن المقارنة مع مصير سوناك قد تكون محفوفة بالمخاطر، فخلال المنافسة بين ريشى سوناك وليز تراس على زعامة حزب المحافظين، ورغم أن قيادة الحزب كانت مع سوناك، فقد اختارت القواعد الشعبية ليز تراس على حساب سوناك، لاعتبارات أيديولوجية يحركها الميل للشخص الأبيض تفضيلا على "الأجنبي".
وبناء على ذلك، فقد يقع حمزة يوسف ضحية نفس العقلية، خاصة أن انحسرت المواجهة بينه وبين كيت فوربس، حيث قد تختار القواعد كيت رغم دعم القيادة ليوسف.