على مدى سنوات تتجه الدولة نحو توطين الصناعات، والاستفادة من الخامات الطبيعية لتحقيق قيمة مضافة، وتوفير منتج محلى بجودة عالية للسوق المحلى، وفائض للتصدير، فضلا عن توفير فرص عمل وتحقيق خبرات محلية فى هذه الصناعات، حدث ذلك فى الرمال السوداء ويتجه للرمال البيضاء، بجانب الصناعات المحلية التى تمتلك فيها مصر ميزات تنافسية ومنها صناعات الغزل والنسيج والملابس الجاهزة والجلود والألومنيوم، وأخيرا الأسمدة والمخصبات.
وتمثل صناعة الأسمدة أحد أهم الأنشطة المرتبطة بالزراعة، خاصة مع التوسع الأفقى والرأسى فى استصلاح وزراعة نحو 3.5 مليون فدان، تشكل ما بين 20-30% من مساحة الأراضى الزراعية فى مصر على مدى عقود، وهذا التوسع فى الدلتا الجديدة وجنوب الوادى بتوشكى، ومستقبل مصر والصعيد وسيناء، وهى مساحات تتطلب توفير البذور والسماد والمخصبات الزراعية.
وقد تأثرت صناعة الأسمدة بالأزمة العالمية وانعكاسات الحرب فى أوكرانيا، وواجهت الزراعات فى أكثر من دولة أوروبية أزمة بسبب نقص الأسمدة، والتى تمثل أحد أهم أسس الزراعة، وتعد روسيا وأوكرانيا من أهم مصادر الأسمدة .
ومن هنا تأتى أهمية توجه الدولة واهتمام الرئيس عبدالفتاح السيسى بتطوير وتحديث هذه الصناعة المهمة ومنها تطوير وتحديث شركة النصر للكيماويات الوسيطة، وسبق افتتاح الفرعين الأول والثانى فى أبو رواش الفيوم، وبعدها فى أغسطس 2019 افتتح الرئيس عبدالفتاح السيسى الفرع الثالث للشركة من مجمع الأسمدة الفوسفاتية والمركبة بالمنطقة الصناعية بالعين السخنة، بعد أن كان الفوسفات يتم تصديره كمادة خام ما يفقد الدولة فرصة الحصول على قيمة مضافة، وهو ما انتبهت إليه الدولة بالاتجاه نحو التوسع فى إنتاج الأسمدة الفوسفاتية بمعايير وجودة عالمية ويتكون المجمع الذى يضم 5 قطاعات رئيسية و9 مصانع ومحطة لتحلية مياه البحر ورصيف بحرى لتصدير الأسمدة السائلة والصلبة.
وبالأمس افتتح الرئيس عبدالفتاح السيسى مجمع الأسمدة الأزوتية ويتكون من 6 مصانع لإنتاج الأسمدة الأزوتية، وحسب التقرير الذى كتبه زميلى زكى القاضى فى «انفراد» يتضمن المجمع مصنعا لإنتاج الأمونيا التى تعد أساس إنتاج الأسمدة الأزوتية، بطاقة 400 ألف طن فى العام، ثم مصنع إنتاج اليوريا السائلة بطاقة 300 ألف طن سنويا، ومصنع اليوريا المحببة بطاقة 300 ألف طن سنويا ومصنع إنتاج حامض النيتريك بطاقة 165 ألف طن سنويا ومصنع إنتاج نترات النشادر بطاقة 200 ألف طن سنويا، ومصنع نترات النشادر الجيرية بطاقة 300 ألف طن سنويا.
وقام بتنفيذ المجمع تحالف شركتى تيسن كروب الألمانية وبتروجت المصرية، ضمن توجه لتوطين الصناعة وتقل الخبرات إلى الداخل.
وتنضم مصانع مجمع الأسمدة بالعين السخنة إلى مصانع الأسمدة الموجودة بمجمع إنتاج الكيماويات بالفيوم ليصبح إجمالى إنتاج الشركة من الأسمدة حوالى مليون و 720 ألف طن سنويا من الأسمدة الفوسفاتية والبوتاسية والأزوتية لخدمة قطاع الزراعة بمصر، ولتصدير الفائض لنحو 56 دولة، كما قال اللواء إيهاب عبدالحميد، منها أستراليا ودول تضع شروطا دقيقة للاستيراد، ما يؤكد جودة المنتج المصرى، ومطابقته للمواصفات العالمية.
ويصل عدد العاملين فى شركة النصر إلى 6 آلاف مهندس وعامل وكيميائى وفنى، من شباب الخريجين، ومختلف التخصصات، ومن جميع محافظات الجمهورية، بجانب 20 ألف فرصة عمل مؤقتة خلال عملية الإنشاءات، وتمت مراعاة كل الشروط البيئية لمنع الانبعاثات من خلال فلاتر وأبراج ومحطة لإعادة تنقية مياه الصرف الصناعى مما يتيح الحصول على مياه نظيفة يتم إعادة تدويرها والاستفادة بها فى العمليات الصناعية توفيرا للمياه مع إمكانية الاستفادة بالفائض منها فى رى المساحات الخضراء مع عدم الصرف نهائيا فى شبكة الصرف العمومية للمنطقة الصناعية.
وقد اتجهت الدولة للتصنيع بعد أن كنا نصدر الفوسفات الخام، وأصبحنا قادرين على تعظيم القيمة المضافة، بما يلبى حاجات الزراعة المحلية بتوسعاتها مع فائض للتصدير.
وكان التوجه للتوسع فى صناعة الأسمدة يمثل خطوة استراتيجية مهمة، سبقت الأزمة العالمية ووفرت أسمدة للتوسع الزراعى، مع تحقيق قيمة مضافة للخامات المحلية، خاصة أن الغاز الذى توفر يمثل مادة خام فى الصناعة المهمة للأسمدة وليس فقط الطاقة.
وبعد حديث وزير الزراعة السيد القصير عن محور التوسع الأفقى فى الأراضى الجديدة من خلال مشروعات الدلتا الجديدة ومشروع توشكى ومشروع تنمية أراضى سيناء، قال الرئيس السيسى: «بنتكلم عن إضافة 3.5 مليون فدان، حوالى ثلث الأراضى الزراعية الموجودة حاليا.. وهى حوالى 9 ملايين فدان، وهو ليس مشروعا بسيطا، لكنه ضخم فى احتياجاته من المياه أو الأسمدة، وقال إن الغاز الذى توفر مكننا من التوسع فى صناعة الأسمدة التى يشكل الغاز أحد مكوناتها».
ووجه الرئيس الحكومة بتنظيم رحلات للمواطنين والشباب ليشاهدوا نتاج العمل فى كل مكان وحجم ما تحقق حتى يدركوا قيمة هذه المشروعات وانعكاساتها على الاقتصاد وتعظيم القيمة المضافة، واستغلال الخامات، وكيف نجح هذا فى توفير منتجات وتخزين الحبوب الاستراتيجية، واستيعاب زيادة سكانية تتجاوز 20 مليون نسمة ويوفر احتياجاتهم من الغذاء والسلع.