تستمر ازمة الغاز الطبيعى في اثارة الجدل في العالم ، وخاصة أوروبا ، وذلك مع استمرار حرب روسيا وأوكرانيا ، تسجل أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية واليابان انخفاضا في الطلب على الغاز على المدى المتوسط والطويل مع خفض الطلب العالمى إلى 8% ، أما أوروبا فقط فإنها بالتوازى مع الاتجاه القوى لطاقة الرياح والطاقة الشمسية، فإن هذا الانخفاض سيصل الى 37% خلال العقد الحالي، وفقا لتوقعات أصدرتها مؤسسة التأمين الائتمانى Crédito y Caución الإسبانية.
وأشارت صحيفة "لابانجورديا" الإسبانية إلى أن الطلب العالمي على الغاز سينخفض إلى 8٪ دون المستويات الحالية بحلول عام 2030، مشيرة إلى أن العالم يواجه حاليا أزمة طاقة عالمية غير مسبوقة ، حيث تحتل أوروبا مركز الصدارة في هذه الأزمة بعد أن قطعت روسيا امداداتها من خطوط الأنابيب إلى الاتحاد الأوروبى بنسبة 80% منذ حرب أوكرانيا.
وفقًا للسيناريو المرجعي لشركة التأمين الائتماني طويل الأجل ، والذي يفترض أنه سيكون هناك امتثال لالتزامات الطاقة المختلفة التي أعلنتها بالفعل الدول والإدارات المختلفة ، في عام 2050 سيكون الطلب على الغاز أقل بنسبة 40٪.
أسباب التراجع
وهناك العديد من الأسباب التي أدت إلى تراجع الطلب على الغاز ، والتي منها حرب روسيا وأوكرانيا ، والاضطرابات الضخمة في سوق الطاقة العالمية ، مع رد روسيا على العقوبات الغربية ووضع سقف لأسعار الغاز بتقليل إمدادات الغاز لأوروبا ، وهو ما تسبب في زيادات غير مسبوقة في الأسعار التي بدورها خفضت الطلب بنسبة 13% على الغاز في أوروبا، واستجابت الحكومات بوضع سياسات الطوارئ، تضمنت تقليص الصناعة وخفض منظمات الحرارة خلال الشتاء.
فضلًا عن ذلك، ساعدت ظروف الطقس الشتوية الأكثر اعتدالًا في أوروبا في تقليل احتياجات تدفئة الأماكن، حيث أشارت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها إلى أن سوق الغاز في 2023 تخضع لمستوى عالٍ من عدم اليقين، وبالأخص فيما يتعلق بإجراءات روسيا المستقبلية والآثار الاقتصادية لتقلبات أسعار الطاقة.
توقعت وكالة الطاقة الدولية في تقرير سوق الغاز أن يظل الطلب العالمي ثابتًا على نطاق واسع في عام 2023.
وكشف التقرير أنه على الرغم من ارتفاع الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال في 2022، كانت الزيادة في المعروض متواضعة بنسبة 5.5% فقط.
وحذر العديد من الخبراء من أنه على الرغم من انخفاض الاستهلاك إلا أن أزمة الغاز في القارة العجوز لم تنته بعد ، وأوضح أنطونيو توريل ، خبير الطاقة في مؤسسة CSIC ، أن "حجر العثرة الآن هو الصيف، وبعد ذلك سيكون الشتاء المقبل هو الأزمة الهيكلية للغاز الطبيعى، ولا يستبعد المحللون أن تتضاعف الأسعار في نهاية العام، وفقا لصحيفة "كوبى" الإسبانية.
وأشار الخبير إلى أن فصل الشتاء الحالى تميز بدرجات حرارة معتدلة واحتياطيات تزيد عن 60٪ وارتفاع غير مسبوق في واردات الغاز المسال، وخاصة من الولايات المتحدة، للتعويض عن خفض الغاز الروسي ، كما انخفاض الطلب بنسبة 15% فى أوروبا، ولا سيما فى القطاع الصناعى.
وأوضح دييجو رودريجيز، خبير اقتصادى الطاقة من مؤسسة كومبلوتنس، أن "هذا هو المجهول العظيم، سيكون هناك ضغط على الأسعار عندما يتعين تجديد الاحتياطيات بعد الصيف".
وفى الوقت نفسه، قالت صحيفة "الباييس" الإسبانية إن رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين ، في 13 يناير أكدت أن روسيا قطعت 80 % من إمدادات الغاز إلى أوروبا في الأشهر الثمانية الأخيرة من العام، وتمكن الاتحاد الأوروبى من تغطيتها دون اللجوء إلى قطع الطاقة.
ووفقا لتقرير أصدرته صحيفة الاكونوميستا المكسيكية، فإن أوروبا تشهد ارتفاعا جديدا في أسعار الطاقة بسبب الإضرابات التي تشهدها بعض منشآت الطاقة في الدول الأوروبية، بالإضافة إلى موجة البرد التي تجتاح بعض الدول في أواخر الشتاء، وذلك وسط مخاوف من ارتفاع جديد للأسعار في الفترات المقبلة، بسبب إغلاق المحطات النووية في فرنسا وتأثيرها على الطاقة الكهربائية، في الوقت الذى تتجه القارة إلى الطاقة المتجددة.
حيث أغلقت أوروبا العقود الآجلة المعيارية للغاز الطبيعي، على ارتفاع بنسبة 21٪، وهي أكبر قفزة منذ يونيو الماضى، كما ارتفعت الطاقة الكهربائية الفرنسية السنوية بنسبة 16٪ ، وهي أكبر نسبة في أكثر من 6 أشهر.
وأشار التقرير إلى أنه من بين أسباب ارتفاع أسعار الطاقة في أوروبا أيضا، مخاوف بشأن الأسطول النووي الفرنسي، والإضرابات التي شهدتها بعض الدول بسبب نظام التقاعد أو بسبب المرتبات وارتفاع أسعار الغذاء، إلى جانب موجة البرد التي تشهدها دول أخرى في أواخر الشتاء.
وأوضحت الصحيفة أن تجار السوق يتابعون عن كثب بحثا عن العوامل المحتملة التي يمكن أن تؤثر على أسعار الغاز والطاقة، بعد أن شهدت انخفاضا في الأيام الماضية، ويعتبر الكشف عن العيوب في مفاعلين نوويين في فرنسا من أسباب إثارة مخاوف بشأن صحة أسطول البلاد على المدى البعيد، وهو ما يثير القلق حول ارتفاع أسعار الطاقة في القارة العجوز مرة أخرى.
وأوضحت الصحيفة، أنه لا تزال محطات الغاز الطبيعي المسال الأربعة في فرنسا مغلقة بسبب العمل العمالي، والذي من المتوقع حاليًا أن يستمر حتى 14 مارس.
وفي فصل الصيف، سيجري تجاوز الحد المكون من 20 مفاعلًا مغلقًا ، ما سيجبر فرنسا على شراء الكهرباء من الخارج.
كما استأنفت بريطانيا تصدير الغاز إلى أوروبا عبر ربطها مع بلجيكا ، بعد توقف التدفقات لبضعة أيام وسط اضطرابات في المملكة المتحدة، ولذلك تقدمت عقود الغاز الآجلة لشهر واحد.
قال مورد المملكة المتحدة SEFE Energy Ltd: "تمت زيادة العقود لجذب الشحنات الفورية من الغاز الطبيعي المسال للمساعدة في مكافحة الطلب المتزايد في درجات الحرارة المنخفضة" ، كما أضافت المشاكل الجديدة داخل الأسطول النووي الفرنسي والتي أدت الى تعمق الازمة.