بتوتر شديد، يتابه العالم أوضاع البنوك فى العالم، الكبيرة منها والصغيرة، فى ظل مخاوف من أزمة مصرفية ومالية تشبه ما حدث فى عام 2008. وحتى الآن، تشير التطورات إلى حالة من عدم الارتياح.
فقد قالت شبكة "سى إن إن" الأمريكية إن بنك فرست ريبابليك First Republic الذى يواجه أزمة ثقة من المستثمرين والعملاء، سيتلقى 30 مليار دولار من أكبر بنوك أمريكا فى محاولة لإنقاذه.
وقالت وزارة الخزانة الأمريكية فى بيان إن إظهار الدعم من قبل مجموعة من البنوك الكبرى مرحب به للغاية، ويظهر مرونة النظام المصرفى. وتشمل هذه البنوك الكبرى، جيه بى مورجان وبنك أوف أمريكا وسيتى جروب وويلز فارجو وتروست.
وستوفر هذه الأموال للبنك المتعثر فى سان فرانسيسكو سيولة يحتاجها بشدة لمواجهة عمليات السحب من العملاء، ولدعم الثقة فى النظام المصرفى الأمريكى خلال هذه المرحلة المضطربة للبنوك.
ورفض متحدث باسم فرست ريبابليك التعليق على الأمر. لكن البنوك المشاركة فى إنقاذه قالت فى بيان لها، إن تحركهم يعكس ثقتهم فى فرست ريبابليك وفى البنوك بمختلف أحجامها، وأضافوا أن البنوك الإقليمية ومتوسطة وصغيرة الحجم ضرورية لصحة وعمل النظام المالى.
وقد توقفت أسهم بنك فرست ريبابلك عدة مرات، الخميس، بسبب التقلب الشديد، قبل أن تنهى اليوم على ارتفاع أكثر من 10%. وكان البنك قد شهد انخفاضا فى سعر السهم بلغ 70% تقريبا خلال الأسبوع الماضى، فى ظل قلق المستثمرين من أن يكون البنك معرضا لخطر اندفاع العملاء إلى سحب ودائعهم.
وقالت "سى إن إن" إن المشكلات التى يواجهها البنك تسلط الضوء على القلق المستمر بشأن النظام المصرفى فى أعقاب انهيار بنكى "سيلكون فالى" و"سيجنتشر" هذا الأسبوع.
وكانت وكالتا التصنيف فيتش و"إس أند بى جلوبال" قد قللتا التصنيف الإئتمانى لبنك فرست ريبابلك يوم الأربعاء بسبب المخاوف من أن المودعين قد يسحبون أموالهم.
وأوضحت سى إن إن أن العديد من البنوك الإقليمية، من بينها فرست ريبابلك، لديها كميات هائلة من الودائع غير المؤمن عليها فوق حد 250 ألف دولار المحدد من قبل وكالة تأمين الودائع الفيدرالية. وعلى الرغم من أنه ليس قريبا من النسبة الهائلة للودائع غير المؤمن عليها فى بنك سيليكون فالى، والتى تمثل 94% من إجمالى ودائعه، إلا أن فرست ريبابليك لديه 68% من إجمالى الودائع غير مؤمن عليها، وفقا لإس إند بى جلوبال.
وكانت بداية الأزمة قد ظهرت قبل أسبوع عندما انهار بنك "سيليكون فالي"، المصنف رقم 16 ضمن أكبر البنوك فى الولايات المتحدة، مما أدى إلى تدخل السلطات الأمريكية، فيما وصف بأنه أكبر انهيار لبنك أمريكى منذ عام 2008. وبعدها بيومين، قامت السلطات بإغلاق بنك سيجنيتشر فى نيويورك.
وقالت بى بى سى إن السلطات الأمريكية تدخلت لضمان ودائع العملاء التى تتجاوز الحدود المعتادة 250 ألف دولار، سعيا لتفادى المزيد من عمليات سحب الودائع البنكية. لكن التقلب ظل مستمرا فى الأسواق المالية.
وفيما وصفته "بى بى سى" بأنه علامة على اضطراب النظام المصرفى، سجل الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى زيادة هائلة فى حجم الإقراض الطارئ للبنوك، إذ بلغت قيمته 318 مليار دولار فى شكل قروض مستحقة بدءا من يوم الأربعاء، مقارنة بـ15 مليار فقط دولار الأسبوع السابق. وشمل ذلك ما يقرب من 12 مليار دولار عُرضت من خلال صندوق تأسس فى أعقاب انهيار بنك "سيليكون فالى".
وقال بول أشوورث، كبير الاقتصاديين فى أمريكا الشمالية لدى مؤسسة "كابيتال إيكونوميكس"، إن حجم الزيادة فى الإقراض الطارئ للاحتياطى الفيدرالى يؤكد أن هذه أزمة خطيرة للغاية تواجه النظام المصرفى، محذرا من آثار كبيرة على الاقتصاد الحقيقي.
واتسعت المخاوف من أزمة مالية عالمية أمس، الخميس، بعد أن أعلن بنك كريدى سويس السويسرى، الخميس، إنه سيتحرك لتعزيز أمواله، ويقترض ما يصل إلى 54 مليار دولار من البنك المركزى السويسرى بعد تراجع حاد فى أسهمه، أدى إلى تراجع لدى أكبر المقرضين الأوروبيين.
وكان كريدى سويس قد خسر أكثر من ربع قيمة أسهمه فى مرحلة ما يوم الأربعاء. ووصل سعر سهم كريدى سويس إلى مستوى منخفض قياسى بعد أن أعلن البنك الوطنى السعودى، أكبر حامل للأسهم فى البنك، أنه لن يضع مزيدا من الأموال فى البنك الذى يعانى من مشكلات طويلة قبل وقت طويل من انهيار البنوك الأمريكية.
وقال كريدى سويس إنه سيلجأ إلى خيار اقتراض ما يصل إلى 50 مليار فرانك، من البنك المركزى فى سويسرا. وأوضح أن هذه السيولة الإضافية ستدعم أعمال وعملاء البنك الرئيسيين مع قيام كريدى سويس بالخطوات الأساسية لإنشار بنك أكثر بساطة وتركيزا على احتياجات العملاء.