يعتبر قطاع الزراعة والأنشطة المرتبطة به أحد أهم الركائز الأساسية في اقتصاديات الدول فى دعم ملف الأمن الغذائى بمحاوره المختلفة، نظرًا لأن القطاع المسئول عن توفير الحاجات الأساسية للشعوب وتوفير المواد الخام اللازمة لكثير من الصناعات، إضافة إلى مساهمتها الملموسة في الناتج المحلي كما انه قطاع تشابكي ويعتبر الية مهمة لتوطين التنمية .
وهناك العديد من التغيرات التى يشهدها العالم، و تؤكد بما لا يدع مجال للشك أهمية قطاع الزراعة فى تحقيق الأمن الغذائي للأمم والشعوب ، وأنه لا يقل أهمية عن الصناعة وأن جميع الملفات لابد أن يسير العمل فيها جنبا إلى جنب لضمان تحقيق الاكتفاء الذاتى من المحاصيل الاستراتيجية خلال الفترة المقبلة، وفي مقدمتها القمح والذرة لضمان توفير الأعلاف، ومن ثم ضمان عدم رفع أسعار منتجات اللحوم والدواجن.
وتبنت الدولة مجموعة من السياسات والاجراءات الداعمة تمثل أهمها في تفعيل منظومة الزراعة التعاقدية، من خلال الإعلان عن أسعار ضمان للمحاصيل الاستراتيجية وفي وقت مبكر قبل الزراعة ، على أن يكون الاستلام بالأسعار المتداولة وقت التسليم بما يحفز المزارع والفلاح للتوسع في زراعة هذه المحاصيل.
ويعتبر انفاذ الزراعة التعاقدية هو أحد اهم الآليات لكسر حلقات الاحتكار وتصحيح مسار العملية التسويقية وتأمين عائد مجزي للمزارع وتشجيعه على التوسع في زراعة المحاصيل الاستراتيجية، بما فيها المحاصيل التصنيعية المرتبطة بالأعلاف والزيوت .
وهناك مركزا زراعيا متخصصا، لدية هئية تحكيم مستقلة، ويقوم بالتنسيق بين الاطراف المتعاملة فى مجال انتاج وتسويق المحاصيل الزراعية، بما يحقق التكامل والترابط بين جميع الجهات المتعاقدة فى النشاط الزراعى وسائر عمليات التصنيع الزراعى والانشطة المرتبطة بها".
والزراعة التعاقدية هى الإنتاج الزراعى أو الحيوانى والداجنى أو السمكى، الذى يتم استنادا إلى عقد بين المنتج والمشترى يلتزم بموجبه المنتج بالتوريد طبقا للكميات والأصناف والجودة والسعر وغيرها من الشروط التى يتضمنها العقد، وان تسجيل عقود الزراعة التعاقدية متى طلب أى من الطرفين ذلك، إضافة إلى التوعية والإرشاد والترويج للزراعات التعاقدية، مع وضع نماذج استرشادية للعقود المشار إليها.
وتعد الزراعة التعاقدية أحد أهم آليات تحقيق أهداف التنمية الزراعية وإنفاذها على أرض الواقع من خلال التوفيق ما بين المصالح المتضاربة وكسر حلقات الاحتكار داخل المسلك التسويقى وتصحيح مسارها وإزالة التشوهات الجارية لكل من سعر المزرعة، وعائد الوسيط وسعر المستهلك، وهى آلية هامة للحد من معاناة المزارعين، خصوصاً في مجالات التسويق، وتطوير نظم الإنتاج، وجذب الإستثمار للقطاع الزراعي، كما أنها آلية رئيسية في تجميع صغار المنتجين الزراعيين باعتبارهم أحد المحركات الأساسية للنمو والتنمية الزراعية بالإضافة إلى ذلك أصبح الاهتمام بصغار الزراع ضرورة ملحة للنهوض بالقطاع الزراعي، باعتبارهم العصب الأساسى لتحقيق التنمية الزراعية.
وكان من الضروري إدخال ونشر الزراعات التعاقدية في الزراعة المصرية بصفة عامة والمناطق المستصلحة بصفة خاصة لعدة اعتبارات، من أهمها أن معظم مزارعي المناطق المستصلحة من صغار المنتجين وذوي الحيازات الصغيرة يعانون من مشكلات إنتاجية وتسويقية، وكذلك زيادة مشاركة صغار المنتجين في تحقيق أهداف الدولة الخاصة بالتصدير وتنمية وعيهم بأهمية العمل الجماعي، وتعتبر سياسات الزراعات التعاقدية من السياسات المهمة والضرورية لإحداث تنمية زراعية مستدامة، كما هو الحال في الدول المتقدمة ويتطلب الأمر العمل على وضع خطط استراتيجية لكافة المحاصيل المهمة والمحاصيل الزيتية، وبوجه خاص للحد من تقليل الاستيراد والعمل على
الاكتفاء الذاتى
ويقوم قانون الزراعة التعاقدية، على تعاقد المزارع على بيع محصوله قبل أن يبدأ في زراعته، وأن القانون ينشئ ما يسمى "مركز تسجيل وتحكيم العقود الزراعية"، ومن ثم يقوم المركز بتسجيل العقود المبُرمة بين المزارعين وبين التجار الراغبين في الحصول على المحصول، ويتم ختم العقد، ثم التأمين على العقد في أي شركة تأمين، وهذا على غرار نظام تسجيل الصادرات المعمول به في مصر، ما يزيد من استثمارات شركات التأمين، ويضمن للمزارعين والجميع حقوقهم.
كما تزيد من فرص نجاح تحسين أسعار المزارعين عندما يكون التطبيق من خلال تجمعات زراعية فعالة مثل الجمعيات الزراعية، وتحمي حقوق المنتجين والمزارعين من تلاعب بعض المسوقين للمنتج، وتتيح حصول المنتج أو المزارع على دفعات نقدية خلال فترة الزراعة و تتيح التسويق الملائم فى جميع الاسواق، من خلال عناصر البنية التسويقة المتعددة منها المخازن المبردة ، ومحطات الفرز والتعبئة فى صورة عمل جماعى مركزى مما يحقق وفرة فى اقتصاديات تشغيل هذه التسهيلات مع إمكانية اقامة مناطق زراعية متخصصة تساعد على نجاح الحد من انتشار الأمراض والاوبئة الزراعية و تفيد المصدرين فى عدة جوانب منها إتاحة التعاقد المسبق لتصدير كميات محددة من المنتجات الزراعية مما يساعدهم على الاستفادة من الفرص التسويقية المناسبة للأسواق الخارجية.
كما تفيد المصنعين، حيث ستعمل على زيادة معدلات التشغيل فى وحدات التصنيع ،مما يساعد على تقليل سلبيات الطاقات العاطلة ويقلل تكلفات الإنتاج مما يساعد فى زيادة القدرة التنافسية للمنتجات المصنعة و بالنسبة للمنتجين توفر الضمانات التسويقية والمستقرة وإتاحة الفرصة لاستخدام تقنيات زراعية لزيادة الإنتاجية، كما تتيح مصادر تمويلية إضافية لصغار المزارعين حيث يمكن استخدام العقود كضمانات للقروض و تمكن المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة من الحصول علي الضمانات الائتمانية من قبل القطاع المصرفي بضمان عقود الزراعة التعاقدية.
وتتضمن إنشاء مناطق زراعية متخصصة مما يرفع كفاءة التسويق ويخفض من تكاليف الإنتاج ويحد من انتشار الأمراض والأوبئة الزراعية وتنمية مهارات المزارع وخبراته في تطبيق الممارسات المزرعية الجيدة واستخدام التقانات الحديثة في الزراعة، و تعزيز منظمة سلاسل القيمة وبالتالي مد الأسواق المحلية والأجنبية بمنتجات آمنة وعالية الجودة ، وانخفاض التكاليف الإنتاجية وزيادة الإنتاج، وتوفر فرص التشغيل ، إضافة إلي التحكم في نوعية السلع وجودتها وتحد من المخاطر وعدم اليقين ، بالإضافة إلي زيادة دخول المزارعين مقارنة بالزراعة غير التعاقدية.
وهناك آثار اجتماعية للزراعات التعاقدية منها نشر الوعي الثقافي بين المزارعين بالانواع المناسبة من البذور المعززة للانتاجية، وارشاد المزارعين بمواصفات الجودة للمنتجات الزراعية، والمساهمة في ترشيد استخدام الأسمدة والمبيدات نظراً لما تتضمنه العقود من مواصفات للإنتاج الزراعي متضمنة نسب الأسمدة والمبيدات، وضمان توفير الإنتاج الزراعي للشركات المتعاقدة في المواعيد المناسبة ،وبما يضمن عدم تعرض هذه الشركات لاي مشاكل في الحصول على المنتجات الزراعية في الوقت المناسب، ورفع مستوى جودة المنتجات الزراعية وهو ما ينعكس على زيادة رفاهية المستهلكين .
وهناك آثار قتصادية للزراعة التعاقدية منها ضمان حصول المزارعين على عائد مجزي من بيع منتجاتهم الزراعية و المساهمة في زيادة الإنتاجية الفدانية وهو ما ينعكس في وصورة زيادة الدخل الزراعي وتقليل الفاقد الزراعي إلى اقل قدر ممكن، وهو الامر الذي ينعكس في صورة زيادة قيمة الإنتاج الزراعي ، كذلك تقليل نشاط الوسطاء وتقليل الهوامش التسويقية ، و تقليل التداول للمنتجات الزراعية وهو ما ينعكس في صورة خفض في التكاليف التسويقية من ناحية وتقليل الفاقد التسويقي من ناحية أخرى، وضمان حصول القطاع الخاص على المنتجات الزراعية بأسعار عادلة ومناسبة و زيادة معدلات التصدير وهو ما ينعكس على زيادة حصيلة الدولة من العملات الأجنبية وتقليل العجز في الميزان الزراعي ، وتشجيع زيادة الإنتاج الزراعي وهو ما يساهم في تقليل حجم الواردات الزراعية ، ومن ثم المساهمة في تقليل العجز في الميزان الزراعي ، وزيادة الاستثمار في القطاع الزراعي وضمان الحصول على اكبر انتاج ممكن من نفس الموارد الأرضية والمائية المتاحة ، وهو الامر الذي ينعكس في صورة زيادة إنتاجية وحدة الأرض والمياه .