يبدو أن إيلون ماسك لا يمثل مشكلة فقط لمنافسيه فى أى من القطاعات التى تعمل فيها شركاته المتعددة، بل إن الملياردير الأمريكى أصبح يؤرق دوائر السياسة فى واشنطن، التى تخشى من نفوذه المتزايد وبعض مواقفه المعارضة للسياسة الأمريكية المعلنة فى عدد من القضايا الدولية.
وقالت وكالة بلومبرج الأمريكية إن إمبراطورية إيلون ماسك العالمية، باتت تمثل مشكلة مؤرقة لواشنطن. فما بين شركاته المتعددة: تويتر وستارلينك وسبايس إكس وتسلا، فإن نفوذ ماسك، الرئيس التنفيذى لهذه الشركات، وصناعة القرار فيها من جانب واحد، جعلته مصدر صداع كبير للرئيس الأمريكى جو بايدن.
وتحدثت الوكالة فى البداية عن ظهور ماسك، أثناء حضوره مباراة نهائى كأس العالم الأخير بين فرنسا والأرجنتين فى قطر، مع سيدة تبين أنها مذيعة روسية من أشد مؤيدى بوتين، مما سبب عدم ارتياح فى واشنطن. ورغم أن ماسك لم يبد تفاعل مع السيدة أو حتى بدا أنه يعرفها، إلا أن الموقف يوضح، من وجهة نظر المسئولين الأمريكيين المشكلة التى يمثلها ماسك. فمنذ شرائه تويتر فى أكتوبر الماضى مقابل 44 مليار دولار، أصبح الملياردير الأمريكى يسيطر على خمس شركات فى خمس قطاعات مختلفة ما بين النقل والفضاء والصحة والاتصالات والسوشيال ميديا، وجميعها تتقاطع مع الحكومة بدرجات متفاوتة، مما يمنح ماسك نفوذا عالميا لا يضاهى.
فسيارة تسلا الكهربائية تدعم أجندة بايدن للمناخ، وتحافظ شركة سبايس إكس على طموحات وكالة ناسا لاستكشاف الفضاء ، كما أن شبكة ستارلينك التابعة لها، والتى يرجح أنها أكبر أسطول من الأقمار الصناعية المملوكة للقطاع الخاص فى العالم، تعد شريان حياة للاتصالات للقوات الأوكرانية التى تحارب الروس.
لكن فى تويتر، يسبب ماسك وطريقة إدارته للمنصة قلقا لفريق بايدن.
فمنذ استحواذه على الشركة، أفسد ماسك، بحسب بلومبرج، موظفيها، وتخلى عن أى مظهر من مظاهر الإشراف على المحتوى، مما سمح بازدهار المعلومات المضللة، وأحيانا على حسابه الخاص الذى يتابعه نحو 132 مليون شخص. كما أنه تحالف بشكل متزايد مع الجمهوريين الذين يزعمون أنهم خضعوا للرقابة من قبل شركات التكنولوجيا الكبرى والديمقراطيين، وأيد ماسك علنا معارضى بايدن.
وفى ظل ذلك، يخشى بعض كبار المسئولين فى إدارة بايدن من أن ماسك، بين إمبراطورية أعماله وثروته الهائلة وتحالفاته الساسية، يقترب من أن يكون شخص لا يمكن المساس به.
فعلى سبيل المثال، يبدو أن ماسك يقرر وحده كيف يمكن أن تستخدم أوكرانيا خدمة ستارلينك، وهى صلاحية شبه رئاسية غير معتادة لشركة دفاعية. كما أنهم يشعرون بقلق بسبب زيادة بصمة تسلا فى الصين، واعتماد ماسك على تمويل من الشرق الأوسط فى صفقة تويتر، الذى ربما يجعله عرضة للتلاعب الأجنبى.
ويصف أحد المسئولين الأمريكيين تسلا بأنها شركة صينية لها فرع أمريكى. حيث مثّل مصنع الشركة فى شنغهاى أكثر من نصف إنتاجها العالم العامم الماضى. بايدن نفسه قال إن الصلات الأجنبية لماسك تستحق النظر فيها.
وفيما يتناقص مع السياسة الأمريكية، اقترح ماسك خطة مواتية لروسيا لإنهاء الحرب فى أوكرانيا وإعادة توحيد تايوان والصين، وهى الخطة التى أشادت بها حكومة بكين علنا.
وفى أكتوبر الماضى، قال السيناتور مارك وارن، الديمقراطى الذى يرأس لجنة الاستخبارات فى مجلس الشيوخ، إنه لا يعتقد أن هناك أمريكى آخر معتمد على سخاء الحزء الشيوعى الصينى أكثر من إيلون ماسك.
ورد ماسك على مخاوف إدارة بايدن بشأنه، وقال فى رسالة بريد إلكترونى لبلومبرج: أؤمن بالدستور، هل يؤمنون هم به".
وتعرض ماسك وشركاته لبعض التدقيق من الوكالات الفيدرالية، ولا يزال فى صدام مع لجنة البورصات والأوراق المالية بسبب تغريداته. وأخضعت وزارة العدل وهيئات فيدرالية أخرى مزاعم الشركة حول القيادة الذاتية لتدقيق أكبر.
وحتى قبل شرائه لتويتر، كان ماسك يتمتع بنفوذ كبير فى واشطن.
فشركته سبايس إكس هى أحد العمالقة الذين تتعاقد معهم الحكومة الأمريكية، وأتم عملا فيدراليا بقيمة 3 مليار دولار تقريبا فى عام 2022. وعملت الشركة على مدار سنوات وجماعات اللوبى التابعة لها للضغط على الكونجرس للحصول على دعم المشرعين، وقامت شركة سبايس إكس بمقاضاة القوات الجوية حول الحق فى التنافس على مشروع مشترك طويل الأبد بين عمالقة الدفاع بوينج ولوكيهد مارتن.