بات حجم وقيمة اللاعب الأرجنتينى ليونيل ميسي كلاعب كرة قدم، منذ وقت طويل، أكبر من محيط المنافسة الثنائية مع نظيره البرتغالى كريستيانو رونالدو، حيث ترك نجم برشلونة هذا الصراع ليتبوأ مكانة أكبر وليبحث عن موقعه الذى يستحقه فى تاريخ كرة القدم.
وتعتبر الميول والأهواء أمرا شخصيا ودائما ما يوجد أنصار لهذا اللاعب أو ذاك، إلا أن الأرقام والبيانات تشير إلى أن ميسي هو أحد اللاعبين الذين كان لهم تأثير حقيقى فى تاريخ أنديتهم والكرة الأوروبية والعالمية، مثله فى ذلك مثل الفريدو دى ستفانو ويوهان كرويف.
وحصد النجم الأرجنتينى، صاحب القميص رقم 10 أمس الاثنين، جائزة الكرة الذهبية للمرة الخامسة فى مسيرته ليوسع الفارق بينه وبين كريستيانو رونالدو، الذى فاز بهذه الجائزة ثلاث مرات مثل كرويف وميشيل بلاتينى وماركو فان باستن.
واقتنص ميسي الكرة الذهبية بعد أن توج فى 2015 بخمسة من أصل ستة ألقاب محتملة مع برشلونة، أهمها الدورى الإسبانى وكأس الملك وبطولة دورى أبطال أوروبا.
وبفوزه بمونديال الأندية الأخير، جمع ميسي فى جعبته 26 لقبا مع برشلونة منذ أن سجل ظهوره الأول معه فى 2004، من بينها أربعة ألقاب فى دورى الأبطال وسبعة ألقاب فى الدورى الإسبانى وثلاثة ألقاب فى مونديال الأندية.
وخلال نفس الفترة، حقق رونالدو رصيدا عاديا من البطولات خلال مشواره مع ناديى مانشستر يونايتد وريال مدريد.
وتوج رونالدو مع النادى الإنجليزى بثلاثة ألقاب فى مسابقة الدورى الإنجليزى، وبطولة واحدة فى دورى الأبطال ولقب وحيد فى مونديال الأندية.
ومع ريال مدريد، الذى انضم إليه فى 2009، كانت إنجازاته أقل بريقا، حيث حصل على لقب الدورى الإسبانى ودورى أبطال أوروبا ومونديال الأندية مرة واحدة فقط.
وأصبح النجم البرتغالى، خلال السنوات السبع التى قضاها فى ريال مدريد الهداف التاريخى لهذا النادى، فقد تجاوز فى العام الماضى عدد الأهداف التى سجلها راؤول جونزاليز (323 هدفا)، إلا أن تأثيره فى مجريات اللعب ومن الناحية التاريخية يبدو بعيدا عما قام به ميسي، الذى سجل 430 هدفا فى 503 مباريات رسمية مع برشلونة.
وقال كرويف: "كريستيانو هداف ولن يكون أبدا اللاعب الذى يستطيع أن يلهم الفريق، فى المقابل ميسي يجيد اللعب بشكل أكبر مع الفريق، فهو يمرر ويصنع العديد من التمريرات الحاسمة، رغم أنه سجل العديد من الأهداف، فبالنسبة لى يوجد فارق كبير بين لاعب كبير وبين لاعب هداف".
ويعتبر نادى برشلونة هو الأكثر تميزا فى الكرة العالمية خلال العقد الأخير، الذى شهد تبنى وتطبيق أسلوب اللعب الذى دشنه اللاعب والمدرب الهولندى السابق كرويف.
وفتح فرانك ريكارد الطريق أمام إحياء هذا الأسلوب الفنى المميز بفضل النجم البرازيلى رونالدينيو، ثم جاء جوارديولا الذى استغل جميع الظروف والإمكانيات من أجل تطوير موهبة جيل بأكمله، وتبعه فى خطواته تيتو فيلانوفا حتى وفاته، ثم أعاد لويس إنريكى إحياء الفريق مرة أخرى بعد فترة سبات تحت قيادة المدرب ألأرجنتينى خيراردو مارتينو.
وحصل برشلونة على أربعة ألقاب لبطولة دورى أبطال أوروبا منذ عام 2006، حيث كانت المرة الأخيرة التى توج فيها بهذا اللقب حتى ذلك التاريخ عام 1992.
ومنذ ذلك التاريخ، تعاقب على النادى الكتالونى مدربون ولاعبون ورؤساء، حتى جاء ميسي الذى دشن حقبة من الانتصارات المتلاحقة دون انقطاع.
وكتب المدرب الأرجنتينى السابق سيزار لويس مينوتى، الفائز مع منتخب بلاده بكأس العالم عام 1978، فى عموده الدورى لصالح وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): "فى الحقيقة، ميسي ينافس على مستوى آخر منذ وقت طويل ليضع نفسه فى صف العمالقة الأربعة الكبار: الفريدو دى ستفانو وبيليه ويوهان كرويف ومارادونا".
وشكل مارادونا حالة فريدة فى كرة القدم، فقد كان لاعبا صاحب موهبة كبيرة ولمع خلال مونديال 1986، وأثار بقدمه اليسرى وبشخصيته المؤثرة شغف وحب شعب مدينة نابولى الإيطالية وجميع الجماهير الأرجنتينية، إلا أن مسيرته لم تكن طبيعية.
ويرتبط تاريخ ميسي بشكل أكبر بتاريخ اللاعبين الثلاثة الآخرين، الذين كانوا علامات مميزة فى حقبة كل منهم ونجحوا فى تغيير مسار وتاريخ فرقهم.
وكان ألفريدو دى ستفانو لاعبا متكاملا واتخذه ريال مدريد قاعدة بنى عليها أسطورته، التى منحته فى النهاية لقب نادى القرن العشرين.
وكاد دى ستفانو أن ينضم فى بادئ الأمر لصفوف برشلونة، إلا أنه اختار فى النهاية نادى العاصمة الإسبانية وقاد النادى الملكى للفوز ببطولة دورى الأبطال خمس مرات متتالية فى الفترة ما بين عامى 1956 و1960.
وأما فيما يتعلق بكرويف، فقد كان محورا لأسلوب ونظريات لعب مختلفة، تبناها نادى أياكس أمستردام والمنتخب الهولندى عرفت باسم الكرة الشاملة.
وساهم هذا الأسلوب الفنى الجديد فى قيادة النادى الهولندى للفوز بثلاثة ألقاب أوروبية فى الفترة ما بين عامى 1971 و1973، قبل أن يخسر المنتخب الهولندى فى العام التالى نهائى المونديال.
ويعتبر بيليه رمزا لنادى سانتوس البرازيلى، الذى لا يزال إلى يومنا هذا يفخر بخروج هذا اللاعب، أشهر من ارتدى القميص رقم 10، من بين جنباته.
وشهدت بداية الستينيات من القرن الماضى، تألق بيليه ليفوز بلقبين لبطولة كوبا ليبيرتادوريس ولقبين لبطولة انتركونتيننتال، وتوج مسيرته بثلاثة ألقاب لبطولة كأس العالم، اشتهر خلالها المنتخب البرازيلى بأسلوبه الجمالى والفنى الراقى.
ويعد لقب المونديال هو اللقب الوحيد الذى لم يحصل عليه ميسي حتى الآن، بعد أن خسر نهائى المونديال عام 2014 مع المنتخب الأرجنتينى.
ويخوض ميسي مونديال كأس العالم القادم فى روسيا عام 2018، وهو فى عمر يناهز 31 عاما، وهو ما لا يراه الكثيرون سنا متأخرة تعيق التألق فى مثل هذا الحدث.
وقال لويس إنريكى المدرب الحالى لميسي فى برشلونة: "ميسي يمكنه أن يستمر لأى مدة يرغب فيها، تفوقه المستمر يوما تلو الآخر يرتبط بشخصيته الفريدة التى يمتلكها اللاعب الأول فى العالم، إنه لاعب لن يتكرر".