أضحت "ورقة صندوق النقد الدولى" طوق النجاة الأخير للبنان للخروج من أزمته الاقتصادية الخانقة؛ التى أرست أسسها الأوضاع السياسية غير المستقرة، وعززت من عمقها الآثار المترتبة على الحرب الأوكرانية الروسية، بينما تتصارع القوى السياسية مخلفة مشهدا سياسيا ممزقا.
الصندوق لا يزال يطلب من الدولة اللبنانية روشتة الإصلاحات الاقتصادية كبادرة منهلإنجاح اتفاق الصندوق ، بينما لبنان متعثر فى التنفيذ، وهذا كان موضع نقاش بعثة الصندوق التى أدت زيارة إلى بلاد الأرز مؤخرا فى إطار المراجعة الدورية للتطورات الاقتصادية في لبنان، والتقت البعثة خلالها مع ممثلى الحكومة والقوى السياسية البارزة فى الدولة .
الوضع"خطير"
فى هذا السياق، وصف رئيس بعثة صندوق النقد الدولى إلى بيروت أرنستو راميريز، وضع لبنان الاقتصادى بـ"الخطير للغاية"، مشددا على أن تقدم الإصلاحات بطيء بالنظر إلى درجة تعقيد الموقف.
وأضاف راميريز، أن الصندوق كان يتوقع المزيد من حيث إقرار وتنفيذ التشريعات الخاصة بالإصلاحات المالية في لبنان، لافتاً إلى أنّ المسودة النهائيّة لقانون الكابيتول كونترول لا تلبي الأهداف وتحتاج إلى تعديلات.
ولفت إلى أنه لا توجد تقديرات جديدة للخسائر في القطاع المالي اللبناني، مطالباً الحكومة اللبنانية بالتوقف عن الاقتراض من البنك المركزي، مشيرا إلى أنه سيتعين على الجميع تحمل خسائر الأزمة المالية في لبنان.
وشدد على ضرورة معالجة الخسائر قبل إعادة إطلاق الاتفاق الذي تم التوصل إليه على مستوى الخبراء، معتبرا أن الاتفاق الذي وقعته الحكومة نهائي ويحثّ السلطات اللبنانيّة على تسريع تنفيذ الإصلاحات للحصول على حزمة الإنقاذ.
وأكد رئيس بعثة صندوق النقد الدولي تمسك الصندوق بمعالجة الخسائر في القطاع المصرفي، لافتاً إلى أن صغار المودعين محميون إنما كبار المودعين سيتحملون خسائر.
إصلاحات حتمية
من جانبها، أكدت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة بلبنان يوانا فرونتسكا، إن الإصلاحات المتفق عليها بين لبنان وصندوق النقد الدولى باتت حيوية وحتمية.
وأضافت فرونتسكا أنه بعد مرور ثلاث سنوات على إعلان لبنان تعليق سداد ديونه السيادية، لا يزال اللبنانيون يتطلعون إلى تحرك قادتهم لإنقاذ البلد.
وأوضحت المسئولة الأممية ، أن اللبنانيين يشعرون بالغضب لرؤية رواتبهم تفقد قيمتها نتيجة التضخم وتدهور قيمة العملة الوطنية.
وعلى صعيد متصل، انتقد البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، الموقف السياسي الراهن في لبنان، مستنكرا ما آلت إليه الأوضاع في لبنان بعدما كان يعرف باسم "سويسرا الشرق.
وقال الراعي إن"هذا العمى السياسي تسبب وما زال يتسبب في انهيار لبنان المتصاعد اقتصاديا وماليا واجتماعيا، حتى صنف في الموقع 136 قبل البلد الأخير في سوء العيش، وأن العمى السياسي نابع من الكبرياء والأنانية والمصالح الخانقة والأهداف الخبيثة".
وأوضح الراعى، أن هذا العمى جعل الكتل النيابية ومن ورائها من نافذين يمعنون في عدم انتخاب رئيس للجمهورية، لكي لا تنتظم المؤسسات الدستورية، وفي طليعتها المجلس النيابي الفاقد صلاحية التشريع والمساءلة والمحاسبة، والحكومة الفاقدة صلاحية عقد جلساتها لإتخاذ القرارات الإجرائية بموجب الدستور، متسائلا عن سبب تخلي المسئولين عن مسئولياتهم الدستورية بشكل أدى إلى ما وصفه بخراب الدولة وحرمانها من الإصلاحات ومن مواردها.