4 مؤشرات اقتصادية هامة أمام المجموعة الاقتصادية للحكومة، تستدعى تدخلًا وجرأة فى اتخاذ القرار، وأساليب معالجة غير تقليدية، وتتمثل تلك المؤشرات فى ارتفاع حجم العجز المتوقع فى الموازنة العامة للدولة بنهاية العام المالى الجارى 2016 – 2017 ليصل إلى 305 مليارات جنيه، إلى جانب نسبة الدين العام إلى الناتج المحلى الإجمالى والتى تصل 98% بنهاية السنة المالية الماضية، بالإضافة إلى فوائد الدين والتى تصل إلى نحو 292 مليار جنيه فى الموازنة الحالية، وهو يمثل 90% من العجز فى الموازنة المتوقع فى نهاية السنة المالية الحالية، إلى جانب السيطرة على التضخم – ارتفاع أسعار السلع والخدمات – والذى وصل إلى 14.8% وهو هدف تسعى إليه الحكومة ويعد الدور الرئيس للبنك المركزى المصرى، وهو الضريبة الحقيقية التى يتكبدها المواطن المصرى.
ويعنى العجز فى الموازنة العامة للدولة، الفارق بين المصروفات – الإنفاق الحكومى على المشروعات – والإيرادات، وتبلغ الإيرادات المتوقعة فى العام المالى الحالى نحو 670 مليار جنيه، ومصروفات 975 مليار جنيه، بعجز فى الموازنة العامة للدولة بـ305 مليارات جنيه، وحجم الناتج المحلى الإجمالى من المتوقع أن يصل إلى 3,2 تريليون – ألف مليار – جنيه، بنهاية العام المالى الجارى 2016 – 2017.
ويتم تمويل العجز فى الموازنة العامة للدولة عن طريق طرح البنك المركزى لأذون وسندات خزانة - أدوات الدين الحكومية - نيابة عن وزارة المالية، والتى تكتتب فيها البنوك العاملة فى السوق المحلية، لتوظيف فوائض السيولة لديها، فى ظل تراجع الطلب على القروض، وعن طريق المساعدات والمنح من الدول العربية والقروض الدولية.
وتعول الدولة كثيرًا على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة والتى تسهم فى زيادة معدلات التشغيل على جانب تعظيم إيرادات الدولة، وهو ما يتطلب خطة تفصيلية لخريطة الاستثمار فى الصناعات ذات القيمة المضافة على مستوى محافظات الجمهورية، إلى جانب الدور الأهم للمجلس الأعلى للاستثمار فى تنسيق الجهود لجذب رؤوس الأموال من الخارج خلال الفترة القادمة.
والمحور الثانى لتعظيم إيرادات الدولة، يمثله قطاع السياحة، وهو الأسرع فى موارد العملة الصعبة دعمًا للاحتياطى الأجنبى لمصر، ويتطلب ذلك خطة شاملة للترويج السياحى للمقاصد المصرية فى الخارج، للعمل على تغيير الصورة الذهنية التى أعقبت 3 حوادث طيران، خلال الفترة الماضية، إلى جانب الاهتمام بحوافز الاستثمار التى تعد أحد أهم الموارد للنقد الأجنبى لجذب تدفقات رؤوس الأموال.
ويتمثل المحور الثالث فى ترشيد الاستيراد للسلع غير الضرورية والاهتمام برفع جودة المنتج المحلى، والتركيز على الأولوية فى ضخ السيولة الدولارية للسلع الأساسية والغذائية ومستلزمات الإنتاج، تؤكد تلك الإجراءات على أهمية دور البنك المركزى وبالتنسيق مع الحكومة فى ضبط منظومة الاستيراد عبر ضخ الدولار فى القنوات الرسمية والضرورية ومنع التلاعب فى الأسواق.
ويعد المحور الرابع، وهو تطبيق ضريبة القيمة المضافة، بعد موافقة مجلس النواب عليها، والمتوقع أن يبدأ تطبيقها فى بداية شهر سبتمبر 2016، أن يحصد حصيلة ضريبية تصل إلى نحو 30 مليار جنيه، يمثل نسبة 10% فقط إجمالى العجز فى الموازنة العامة للدولة المقدر بنحو 305 مليارات جنيه.
والمحور الخامس لتعظيم إيرادات الدولة والتى تسهم فى تقليص عجز الموازنة، فى عدة أفكار أخرى سريعة قابلة للتطبيق، يتمثل فى رفع جودة إدارة الأصول والأراضى المملوكة للدولة وغير المستغلة بالاستثمار سريع العائد، والعمل على إخضاع الاقتصاد غير الرسمى إلى المنظومة الرسمية للاقتصاد عن طريق توسيع القاعدة الضريبية وإخضاع المنشآت التى لم تكن خاضعة للضريبية، وتقنين أوضاع البناء على أراضى الدولة وترشيد الدعم الذى تخطو فيه الحكومة خطوات جيدة، فى منظومة دعم الطاقة، ووصول الدعم إلى مستحقيه.
ويبقى مؤشر السيطرة على مستوى التضخم – ارتفاع أسعار السلع والخدمات – أخطر المؤشرات على الاقتصاد المصرى، والذى وصل إلى أعلى مستوياته منذ نحو 7 سنوات، وسجل 14.8% فى شهر يونيو الماضى، وهو ما يستلزم، حزمة من الإجراءات الخاصة بسحب السيولة من الأسواق برفع متوقع لأسعار الفائدة فى الاجتماع القادم للبنك المركزى، وتوفير منافذ بيع السلع الأساسية بكافة المنافذ على مستوى الجمهورية لتصل إلى المواطنين بأسعار فى متناول اليد، إلى جانب دور للمواطن نفسه فى تغيير نمط الاستهلاك بالبنك عن السلع الرفاهية أو غير الضرورية والتكيف مع الأوضاع الضاغطة فى الاقتصاد المصرى.
وتعد نسبة التضخم المتوقعة من تطبيق قانون ضريبة القيمة المضافة، والتى تشير التقديرات إلى أنها لن تزيد عن 3%، ذات أهمية فى ضبط منظومة الرقابة على الأسواق من قبل الأجهزة الرقابية المختلفة لمنع الجشع وتخزين السلع، خاصة وأن نسبة 90% من السلع الغذائية معفاة من ضريبة القيمة المضافة، وسوف يكون التضخم الناتج عنها محدودًا على محدودى الدخل، فى ظل فلسفة "أن الأكثر دخلا يدفع ضريبة أكبر من الأقل دخلاً على أساس حجم الاستهلاك"، وأن قائمة السلع المعفاة من ضريبة القيمة المضافة تصل إلى نحو 52 مجموعة سلعية.
وتتمثل مصادر العملة الصعبة ذات الأهمية للبلاد، فى الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وإيرادات قطاع السياحة ورسوم عبور قناة السويس، وتحويلات العاملين المصريين بالخارج، وإيرادات الصادرات، إلى جانب المساعدات والمنح والودائع من دول الخليج وتركيا التى دعمت أرصدة الاحتياطى الأجنبى خلال الفترة الماضية، وبعض تلك القطاعات تأثرت بالفعل على مدار السنوات الـ5 الماضية نتيجة الاضطرابات، خاصة قطاعى الاستثمارات والسياحة.
ودائمًا ما يؤكد البنك المركزى المصرى، التزامه بتوفير الدولار لتلبية الاحتياجات الأساسية للمواطنين، كالمواد الغذائية وغيرها، واحتياجات هيئة السلع التموينية، وهو ما دفعه لتدشين آلية العطاءات الدولارية والتى تعمل على توفير الدولار للبنوك، وهى سياسة ترشيد استخدامات العملة الصعبة مع تراجع مواردها الأساسية وهى قطاعات السياحة والاستثمارات والصادرات، وتتمثل فى طرح عطاء دولارى أسبوعى بنحو 120 مليون دولار، وإجمالى نحو 500 مليون دولار شهريًا للبنوك العاملة فى السوق المحلية.