أعلن المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، ترشيح مصر للسفيرة مشيرة خطاب، لمنصب المدير العام لمنظمة اليونسكو، خلال مشاركته فى الحوار الثقافى الذى أقيم مساء أمس الثلاثاء، تحت عنوان "مصر واليونسكو والقضايا الثقافية" بالمتحف المصرى، وحضره عدد كبير من الوزراء والشخصيات العامة.
وقال رئيس الوزراء، أن الحوار الثقافى الذى شهده هذا المنتدى، والذى جمع كوكبة من الشخصيات المصرية المرموقة ثقافياً وفكرياً يناقشون دور مصر ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة(اليونسكو) والقضايا الثقافية الدولية، إنما ينطلق من اقتناع مصر بأهمية توجيه رسالة إلى شعوب العالم أجمع تؤكد خلالها على أنه ليس هناك سلاح أقوى من التلاقى الثقافى والتواصل الفكرى والإبداعى فى مواجهة التحديات القائمة، وفى مقدمتها الإرهاب والتطرف من جانب جماعات الجهل والظلام والتى تستحل قتل الأبرياء وزعزعة أمن واستقرار المجتمعات، والعبث بالتراث الإنسانى بالتدمير والهدم والتشويه.
وأشار إلى أن مصر احتفظت بعضوية المجلس التنفيذى لليونسكو منذ انعقاد أول اجتماعاته فى عام 1946 وحتى الآن باستثناء عدد قليل من السنوات، الأمر الذى أكسبها خبرة فى التعامل مع آليات المنظمة وأنشطتها، وهى ميزة لا تتوفر لكثير من الدول الأعضاء.
وشدد على أهمية التقدم بمرشح لمنصب مدير عام المنظمة وهو المنصب الذى لم يشغله ممثل للعالم العربى منذ إنشاء المنظمة، بسبب إيمان مصر بأهمية الرسالة النبيلة لدورها وثقة فى قدرتها على تحقيق طموحات الدول الأعضاء - خاصة النامية منها - فى جميع أنشطة المنظمة، خاصة تلك المتصلة بتحقيق أهداف التنمية المستدامة التى أقرتها الأمم المتحدة فى شهر سبتمبر الماضى.
وأعلن رئيس الوزراء من قلب المتحف المصرى ترشيح مصر للوزيرة مشيرة خطاب وزيرة الأسرة والسكان السابقة لمنصب مدير عام منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو"، موضحاً أنها سيدة تحمل خبرات وتاريخاً حافلاً مشهوداً به على الصعيدين الوطنى والدولى.
وأوضح أن مصر بهذا الترشيح تقدم للعالم نموذجاً للمرأة المصرية والعربية والأفريقية والمتوسطية المتفتحة والناجحة التى ثابرت واجتهدت وتفاعلت مع العالم دوماً بعقلانية وجدية وبرهنت على تمتعها برؤية عصرية وقدرة على الإنجاز فى العمل الميدانى وشجاعة فى الدفاع عن مواقفها.
وأشار إلى أن مصر تثبت بهذا الترشيح للمجتمع الدولى كله أن المرأة المصرية دائماً ما تتمتع بحظوظ كبيرة فى تبوُّء المواقع الهامة طالما أثبتت الكفاءة المطلوبة، مشيراً إلى أن هذا النهج سارت عليه مصر من قديم الأزل منذ عصر الملكات حتشبسوت ونفرتيتى ونفرتارى وغيرهن رغم الصعوبات التى واجهت مسألة تمكين المرأة والمساواة بين الجنسين على مر السنين ليس فقط فى الدول النامية بل على الصعيد الدولى.
وبدورها، وجهت السفيرة مشيرة خطاب الشكر للرئيس عبد الفتاح السيسى والحكومة المصرية والاتحاد الأفريقى لدعم ترشحها لمنصب مدير عام منظمة اليونسكو، معربة عن فخرها لهذا الترشيح.
وقالت مشيرة خطاب خلال كلمتها عقب الإعلان عنها مرشح مصر لليونسكو إنها تتسلح بالحضارة المصرية وثقافتها فى ترشحها للمنصب، مشيرة لدورها ومسيرتها فى العمل الدبلوماسى المصرى.
وأشارت المرشح لمنصب مدير عام اليونسكو إلى أن وصول مصر للقيادة فى هذه المنظمة أمر طبيعى لمكانة مصر الحضارية، لافتة إلى صدمتها من المشاهد المروعة لبعض المخربين يستهدفون الآثار، موضحة أن العالم ينظر لليونسكو على أنها من يحافظ على الحضارة والتراث.
وأكدت السفيرة مشيرة خطاب أن السلام يظل أملاً يراودنا ولن يتحقق طالما ظلت النساء يعانين من التمييز فى التمتع بالحقوق، موضحة أن العقد القادم عقد لحقوق الإنسان وتمكين المرأة فى خطوة رائعة تدعم إستراتيجية اليونسكو التى وضعت أفريقيا والمساواة بين الجنسيين فى صدر أولوياتها.
وشددت السفيرة مشيرة خطاب على أهمية حماية التراث والحفاظ عليه والمحافظة على البيئة والتصدى لتبعيات تغير المناخ، مشيرة إلى أن ذلك أولوية لمصر وكذلك اليونسكو.
وعلى سياق متصل أكدت السفيرة مشيرة خطاب فى تصريحات خاصة لـ"انفراد" على هامش الحوار الثقافى، أن أهم رؤية لحماية التراث من الهجمات والتهريب يتم عبر خلق قوة بشرية داعمة للتراث ومحافظة عليه، مشددة على أهمية عنصر القوة البشرية المتمثل فى الشباب لحماية التراث، مؤكدة أن المحيطين بالآثار أحرص الناس على تأمينها وحمايتها والحفاظ عليها.
وبسؤالها عن مدى فرصتها فى تولى المنصب فى ظل وجود مرشح قطرى، أكدت السفيرة مشيرة خطاب احترامها للتنافس ولجميع المرشحين، لأنهم على قدر من العلم والمعرفة، مؤكدة أن مصر دولة الحضارة والثقافة والتراث برصيدها الحضارى وتستحق أن تكون فى هذا الموقع، مشيرة إلى أن وجود إمرأة مصرية مرشحة لهذا المنصب يفند ما يتردد من أن المرأة فى مصر حقوقها مسلوبة وتتعرض للقهر.
وأكدت مرشحة مصر لمنصب مدير عام اليونسكو، أنها ستزور كل الدول دون استثناء، موضحة أنها زارت دول المغرب العربى ودول مجلس التعاون الخليجى ودول أفريقية وأوروبية وأنها ستكمل باقى الزيارات لكل دول العالم، معربة عن سعادتها بمبادرة رجل الأعمال محمد فريس خميس بتخصيص صندوق للترويج لمصر ثقافياً فى مختلف أنحاء العالم عبر سفر فرق ثقافية وغنائية وشعراء مصريين وفرق غنائية للتواصل مع الشعوب والثقافات الأخرى.
وبدوره، أعلن وزير الخارجية سامح شكرى خلال كلمته بالفعالية عن تطورين هامين مرتبطين بترشيح مصر لمنصب المدير العام لليونسكو، الأول هو أنه تم اعتماد الترشيح من قبل لجنة الترشيحات التابعة للاتحاد الأفريقى والمجلس التنفيذى للاتحاد، وكذلك على مستوى القمة، لتصبح بذلك المرشحة المصرية هى المرشحة الرسمية للقارة الأفريقية، وقد أوضح وزير الخارجية أن القادة الأفارقة اعتمدوا الترشيح بصورة مبكرة - اخذاً فى الاعتبار أن الانتخابات مقررة فى أكتوبر 2017 - وذلك بصورة استثنائية، حيث أن قواعد الاتحاد الأفريقى لا تجيز ذلك بصورة مطلقة، وذلك تقديراً لمكانة مصر الكبيرة وللسيرة الذاتية الثرية للمرشحة المصرية.
أما التطور الثانى الذى أعلن عنه وزير الخارجية، فهو تشكيل مجلس استشارى للحملة يضم نخبة متميزة من العقول المصرية البارزة فى مختلف المجالات المرتبطة بنطاق عمل اليونسكو سواء فى الثقافة أو العلوم أو التعليم أو الاتصالات وتكنولوجيا العلومات أو الآثار، فضلاً عن شخصيات لديها اتصالات واسعة على الصعيد الدولى، ويضم هذا المجلس كلاً من الدكتور إسماعيل سراج الدين، والدكتور جابر عصفور، والدكتور زاهى حواس، وعمرو بدر، والدكتور فاروق الباز، والسفيرة فاطمة الزهراء عتمان، ومحمد سلماوى، ومحمد فريد خميس، والدكتور مصطفى الفقى، والدكتورة ملك زعلوك، والدكتورة نادية مكرم عبيد، وناصر عبد اللطيف، وهشام الخازندار، والدكتور هشام الشريف.
ومن جانبها، قالت الفنانة علوى سفير منظمة اليونسكو لحماية التراث، إن ترشيح مشيرة خطاب اختيار صائب لمصر لما تتمتع به من دور بارز فى العديد من المجالات، ولدورها فى إطلاق مبادرة التعليم للجميع ومبادرة تعليم الفتيات ومساهمتها فى بناء 220 مدرسة، وأدت مبادرتها لإصدار اليونيسيف عرض انجازات مصر فى هذا المجال.
وأكدت الفنانة ليلى علوى عقب إعلان رئيس الوزراء ترشيح مصر للسفيرة مشيرة خطاب إن الإصرار والعمل الدؤوب سمة شخصية للسفيرة مشيرة خطاب.
وانفرد "انفراد" بقرار القاهرة ترشيح السفيرة مشيرة خطاب لمنصب المدير العام لمنظمة اليونسكو، خلفاً لإيرينا باكوفا، التى قررت المنافسة على منصب سكرتير عام الأمم المتحدة.
وكانت مصادر قد أكدت لـ"انفراد"، أن مشيرة خطاب بدأت جولة خارجية للدول الأعضاء فى المجلس التنفيذى لليونسكو البالغ عددها 58 دولة، وهى الدول التى لها حق التصويت فى انتخاب مدير عام اليونسكو، مؤكدة أن الهدف من هذه الجولة "جس نبض" هذه الدول قبل الإعلان الرسمى من جانب مصر عن الدفع بمشيرة خطاب.
وقالت المصادر، إن وزارة الخارجية أعدت تقريراً عن جولة مشيرة خطاب ولقاءاتها الخارجية، وتقييم سفاراتنا بالخارج لردود أفعال الدول الأعضاء فى المجلس التنفيذى على المرشحة المصرية، وتوقيع الرسائل الخاصة التى سيتم إرسالها باسم رئيس الجمهورية إلى رؤساء الدول الأعضاء فى المجلس التنفيذى لطلب دعم المرشحة المصرية.
ووافقت قمة الاتحاد الأفريقى الـ27 التى عقدت برواندا على الطلب المصرى بدعم السفيرة مشيرة خطاب، على رئاسة اليونسكو، بعد اعتماده من قبل المجلس التنفيذى للقمة.
وسبق أن أعلنت قطر عن ترشيحها لوزير الثقافة السابق، مستشار الأمير الحالى للشئون الثقافية، حمد الكوارى، لمنصب المدير العام لليونسكو، وهو ما زاد من سخونة المعركة الانتخابية، خاصة أن التنافس سيكون شديداً للحصول على دعم الدول العربية التى لها حق التصويت فى الانتخابات، وهى بالإضافة إلى مصر وقطر، المغرب والسودان ولبنان وسلطنة عمان والجزائر.