فى 15 ديسمبر 2016 وبينما كان الرئيس عبدالفتاح يفتتح عددا من مشروعات الشبكة القومية للطرق، أطلق مقولته الشهيرة: «مش هنسيب أهلنا فى العشوائيات»، كان ذلك بالتوازى مع شروع الدولة قبل نحو عامين من هذا التصريح فى البدء فى إنشاء مشروع الأسمرات بمراحله المختلفة بالتعاون مع وزارة الإسكان وصندوق تطوير العشوائيات وصندوق «تحيا مصر»، حيث تستوعب تلك المدينة الجديدة ما يقارب من 15 ألف أسرة، على مساحة تصل إلى 185 فدانا، وبها 18420 وحدة سكنية.
ارتسمت الابتسامة على وجه الرئيس السيسى، وهو يرى حلمه يتحقق على أرض الواقع، فمصر التى ظل يراقب أوضاعها منذ أكثر من خمسين عاما ويحلم بأن تكون فى مصاف الدول المتقدمة من حيث البنية التحتية والمشروعات العملاقة والتطور الحضارى والصناعى والعلمى والتكنولوجى، تتخلص اليوم من أزمة كبرى كانت عصية على حكومات سابقة حتى فى أوج الفترات الزمنية استقرارا للبلاد سياسيا وأمنيا واقتصاديا واجتماعيا.
وخلال الحوار الذى أداره الرئيس عبدالفتاح السيسى، مع أهالى حى الأسمرات، بحضور بعض القيادات الشعبية وأعضاء مجلس النواب، قال إنه «يتمنى أن يرى كل المصريين وهم فى أحسن حال، وأنه طالما تحقق ذلك فإن حلمه يسير فى الطريق الصحيح، وعلينا أن نكون يدا واحدة لكى نتقدم».
دلالة الحدث عظيمة، والرسائل التى خرجت من خلال حفل الإفطار كانت من القلب للقلب، وفى ظنى أنها لامست كل من تابعها سواء كان أهالى حى الأسمرات أنفسهم، أو المواطن العادى الذى تابع هذه الفعالية عبر الشاشات، فالأجواء كانت رائعة، واختيار الرئيس أن يكون إفطار الأسرة المصرية هذا العام مع أهالينا الذين انتقلوا من العشوائيات إلى سكن كريم فى الأسمرات، يؤكد على أن الجمهورية الجديدة وهى تدخل حيز التنفيذ، فإنها معبرة عن المصريين جميعا وأن المخطط العام لن يترك شبرا فى ربوع مصر وإلا وستطاله يد التنمية والتعمير حتى يشعر كل المواطنين على - امتداد مصر طولا وعرضا - بالعيش اللائق والكريم.
لم تفارق الابتسامة وجه الرئيس السيسى منذ وصوله إلى حى الأسمرات، واستقبال عدد من أطفال الحى له، ومداعبته لهم، ثم تفقده معرض الأسر المنتجة، وتوجيهاته بتوفير المعدات اللازمة وماكينات التشغيل للسيدات العارضات، حتى يتمكنّ من تطوير أعمالهن والتوسع وكسب المزيد من المال وتعليم وتدريب غيرهن من قاطنى الحى ليعم النفع والخير.
ثم كانت هناك نماذج متميزة، قدمتها لنا مبادرة «جيل جديد» لبناء أجيال جديدة تمتع بالثقافة والرؤية الوطنية، فرأينا الطفل يوسف عبدالله من أحد طلاب مبادرة «جيل جديد» يعبر عن شكره العميق للرئيس السيسى، على المبادرة التى استفاد منها الكثير ومن خلالها اطلع على العديد من المجالات المهمة فى مصر، وما استوقفنى هنا هو أمنية الطفل يوسف، الذى صرح أمام الرئيس بأنه يتمنى أن يصبح فى المستقبل ضابطا فى الشرطة أو القوات المسلحة حتى يستطيع أن الدفاع عن بلده مصر، وهنا كان رد الرئيس على «يوسف»، بأن يتمسك بحلمه ويسعى نحو تحقيقه، فالرئيس نفسه كان يحلم لمصر بأن تتخلص من مظاهر العشوائيات، وأن يعيش الناس فى أحسن حال، وقد تحقق حلم الرئيس وهو يرى تغييرا جذريا فى حياة سكان الأسمرات الذين كانوا يعانون قبل سنوات من الإهمال وعدم الالتفات إلى أحوالهم، لكنهم اليوم يتمتعون بالسكن الجيد والبيئة الملائمة للتعلم وتخريج أجيال تتمتع بالانتماء للوطن وقادرة على العطاء، ومن ثم كان تشدد الرئيس السيسى على ضرورة تعاون ومساعدة الجميع بعضهم لبعض من أجل إلغاء الماضى والنظر إلى مستقبل مزدهر ومشرق، والعمل من خلال برامج مخلصة تتضمن المساعدة فى الارتقاء بأحوال أهالى الأسمرات من كافة المناحى.
هناك رسالة أخرى، كانت أكثر تأثيرا، تضاف إلى الرسائل الإيجابية الكثيرة التى تتميز بها مثل هذه الفعاليات والاحتفالات، فعلى مدار عقود، لم يفكر أحد فى حل مشاكل الغارمين والغارمات، حتى بادر الرئيس السيسى، وبدأ البعض يشكك فى جدية الأمر، ليفاجئهم الرئيس السيسى فى احتفالية المرأة المصرية والأم المثالية لعام 2023 مارس الماضى بالإعلان عن إصداره قرارا بالعفو الرئاسى والإفراج عن جميع الغارمين والغارمات بمراكز الإصلاح المصرية، معلنا أنه تم تنفيذ القرار لقضاء المفرج عنهم شهر رمضان مع أسرهم، وعددهم 85 «40 غارمة - و45 غارما».
فى هذا الإطار، كان حديث السيدة منال على سعيد من إحدى الغارمات التى تم الإفراج عنها أوائل شهر رمضان المبارك، والتى عبرت عن شكرها العميق للرئيس عبدالفتاح السيسى على قرار الإفراج عن الغارمين والغارمات فى رمضان حتى يحتفلون فى الشهر الكريم وسط عائلاتهم.
تقول منال إن المبلغ الذى ألقى بها فى السجن يبلغ 45 ألف جنيه مصرى»، داعية الجميع إلى عدم اللجوء فى أى حال من الأحوال إلى إيصالات الأمانة، وضرورة النظر على مدى الإمكانيات المتاحة لدى كل فرد وعدم النظر إلى أعلى منها حتى لا يتم اللجوء فى نهاية المطاف إلى التوقيع على إيصالات الأمانة لتحقيق الطموحات التى تعد أكبر من إمكانيات الأفراد.
كانت أجواء البهجة والسرور تحيط المكان من كل جانب، وترتسم على وجوه أهالى الأسمرات، الذين تحدثوا مع الرئيس فى مشهد اتسم بالود والصراحة والبساطة فى النقاش والطرح وحتى فى ردود الرئيس نفسه، الذى أذاب الفوارق وجعل الناس ينخرطون معه فى حوار هادئ ومفعم وبنّاء بعيدا عن أجواء البروتوكول.
لقد كان لافتا رد الرئيس السيسى على أحد المواطنين من أهالى الأسمرات المشاركين فى الإفطار، بعدما أعرب عن فخره بالمشاريع التى تقوم بها الدولة المصرية، حيث أكد الرئيس أنه عقب أحداث 2011 كان لا بد من التحرك والعمل لتغيير الوضع وتعويض العجز المتوافر سابقا فى المرافق وغيرها، وبعد مرور أكثر من 11 عاما منذ عام 2011 زاد تعداد الشعب المصرى ما يقرب من 20 إلى 25 مليون نسمة، كما زادت أعداد السيارات ما يقرب من 2 أو 2,5 مليون سيارة، فكان لا بد للدولة أن تتحرك بمعدلات نمو كى تعوض النقص والعجز الذى كان موجودا فى مرافقها.
لم يتمكن رؤساء سابقون لمصر من فعل كل تلك المشروعات بسبب التكلفة الباهظة، لكن مصر 30 يونيو وجدت أنه لا مجال للتأخير ثانية أخرى، فقد كانت الدولة فى نوم عميق وتعمل بمهدئات ومسكنات حتى بلغت القلوب الحناجر، فانفجرت الأوضاع فى 2011 وخرجت عن السيطرة، واختلت عجلة القيادة ليدفع الشعب ثمنا باهظا بعد ذلك مباشرة، ولولا فضل الله وحكمة وانتماء وقوة قواتنا المسلحة لما قامت لمصر قائمة مرة أخرى.
المبادرة الضخمة «حياة كريمة»، كما يؤكد الرئيس السيسى ستغير وجه الريف المصرى، حيث تسعى لتحسين حياة 60 مليون إنسان من خلال مشروعات صرف صحى ومياه، «لأن الصرف الصحى كان غير آدمى بعدد من القرى»، كما أن الدولة ستواصل جهودها لتحسين حياة المواطنين.
كما لم يغفل الرئيس السيسى قضية التعليم، وشدد خلال تناوله الإفطار مع أهالى الأسمرات على ضرورة التعليم الجيد، حتى نرتقى بالمجتمع، فبدون تعليم جيد لن نحافظ على أى إنجاز، ولن نستطيع مجاراة العالم الذى يتقدم علنيا وتكنولوجيا بشكل مذهل.
إن التعليم الذى يرضى طموح الرئيس السيسى كبر بكثير مما نحن فيه، حيث يرى الرئيس أيضا بأننا دون التكاتف والعمل جنبا إلى جنب سيكون من الصعب أن نصل إلى ما نريد، ولهذا كانت إشارة الرئيس إلى عدد سكان مصر الكبير، حيث إن التعليم الأساسى به 25 مليون طالب، والتعليم الجامعى 4 ملايين، وهذا حجم دولتين أو ثلاث دول مجتمعة، على حد تعبير الرئيس السيسى.
ولم يغفل الرئيس السيسى الإجابة عن أسئلة الشارع حول كم الإنجازات التى تدشنها الدولة المصرية يوميا، مؤكدا أن كل ما تم إنجازه خلق العديد من فرص العمل للشباب من خلال مشروعات البنية الأساسية التى تنفذها الدولة، ومصر تحتاج إلى توفير مليون فرصة عمل سنويا.
هو بالفعل يوم مبهج فى تاريخ مصر، وسيظل محفورا فى ذاكرة أهالى الأسمرات وأبنائهم، وسيذكر التاريخ أن مصر تحت قيادة الرئيس السيسى تستهدف التنمية فى كل ربوعها، حضرها وريفها، مدنها ونجوعها وقراها، لا تترك مواطنيها فى مساكن غير آدمية، بل تخطط وتعمل من أجلهم ولأجلهم، مهما كانت الظروف الاقتصادية صعبة، والمناخ ضاغطا، لكنها دائما مشغولة بتوفير حياة كريمة لمواطنيها، ومهمومة بأوضاعهم، ولن ترضى أبدا وهى تنطلق بثبات وقوة وإرادة نحو جمهوريتها الجديدة أن ينزلق قطاع من مواطنيها ولا يلحق بركب التقدم والتطور.