ليست جميع الأفلام التى تدور حول كبرى البورصات حول العالم محض خيال، فبعضها يكون مرتكزاً على قصص نجاح وذكاء حقيقية، مثل قصة نجاح رجل الأعمال براد كاتسوياما (38 عاما)، الذى حقق مليارات الدولارات من الاستثمارات فى "وول ستريت"، واستطاع تحدى عمالقة البورصة بإنتاجه برنامجاً استطاع إبطاء قدرتهم على الاستيلاء على التعاملات فائقة السرعة، ما مكن الشركات الأقل حجماً على الحصول على بعضها، الأمر الذى دفع شركة "سونى بيكتشرز إنترتينمينت" لشراء حقوق إنتاج قصته وعرضها.
فلاش بويز
عرض موقع "bbc عربى" كتاب "فلاش بويز" للمؤلف الاقتصادى مايكل لويس، الذى حقق نسبة مبيعات كبيرة، ويسرد قصة نجاح كاتسوياما، الذى بدأ عمله فى بورصة نيويورك كوسيط مالى عام 2002 لصالح "رويال بنك أوف كندا"، ووجد مشكلة عند شرائه أسهما لصالح زبائنه، فعندما يحاول شراء أسهم بسعر معين، ويضغط على مفتاح "شراء"، لا يجد إلا عدداً محدوداً للغاية من الأسهم لا يزال متوفراً بالسعر المطلوب، بينما يرتفع سعر باقى الأسهم المطلوبة للشراء فى أقل من الثانية.
وتوصل "براد"، بعد إجراء بعض التحقيقات، إلى أن المشكلة تكمن فيما يسمى نظام "التعاملات فائقة السرعة"، المعروف اختصاراً باسم "إتش إف تى"، وهى عبارة عن نظام يستعمل برامج حاسوبية معقدة للقيام بملايين التعاملات المالية والتجارية فى الثانية الواحدة.
تعاملات فائقة السرعة
ويوضح الموقع، أنه باستعمال معلومات مولّدة بسرعات تفوق أضعاف سرعة غمضة العين، يمكن لأجهزة الكمبيوتر فائقة السرعة تلك، والتى تستعمل برامج "التعاملات فائقة السرعة" المثبتة عليها، أن تقدّر القيمة المرتفعة لسعر سهم من الأسهم قبل أن يحصل ذلك الارتفاع فى السعر بالفعل.
ويشير الموقع إلى أن هذا النظام "التعاملات فائقة السرعة" الذى بدأ منذ 1999، مكّن بعض بنوك الاستثمار الضخمة وصناديق التحوّط (المَحافظ الوقائية) وغيرها من مؤسسات الاستثمار، أن تشترى أسهماً فى جزء من الثانية (أو فى غضون مايكرو ثانية، وهو واحد من المليون من الثانية) قبل غيرها من الشركات الأخرى، ما ينتج عن تحقيقها أرباحاً تعادل مليارات الدولارات على مدى عدة سنوات من خلال بيع تلك الأسهم بسعر أعلى.
مطبات السرعة
وبم أن "براد" لم يكن باستطاعته استخدام هذا النظام، فبدأ مع فريق من زملائه العمل على إيجاد وسيلة لتعطيل عمل نظام الأجهزة فائقة السرعة أو نظام "إتش إف تى"، فابتكروا ما يشبه "مطبات السرعة" الموجودة على الطرقات، وهى منظومة يتم عبرها إبطاء التعاملات التجارية والمالية بمقدار 350 مايكرو ثانية، مستعملين 38 ميلاً من أسلاك الألياف البصرية المخزونة فى علبة بحجم صندوق أحذية، بحسب موقع "بى بى سى عربى".
وبالرغم من أن هذا لا يبدو وكأنه فاصل زمنى مهم، لكنه إبطاء كافٍ لمنع الشركات التى تعتمد على أنظمة "التعاملات فائقة السرعة" من السيطرة على السوق.
تأسيس شركة سمسرة للأسهم 2012
ويسرد الموقع كيف أسس "براد"، عند تركه شركة "رويال بانك أوف كندا"، وبمباركة البنك، فى 2012، شركة سمسرة للأسهم تدعى "آى إى إكس"، والتى تستفيد من نظامه الجديد الخاص بإبطاء سرعة الأنظمة فائقة السرعة، وبدأت شركته عملها فى مكاتب بدون نوافذ ولا تتجاوز مساحتها (18.5 متر مربع) فى وسط حى مانهاتن، وكانت الشركة بالكاد تدفع مرتبات العاملين، ووجدت مشقة كبيرة لتحصل على تمويل باعتبارها شركة ناشئة.
وأضاف الموقع أن شركة "آى إى إكس" بدأت فى النهاية فى تحقيق تقدم بين المتاجرين فى سوق الأوراق المالية ممن أرادوا الخلاص من سوق تقليدية تبدو وكأنها تغشهم، لكن الدفعة الأكبر إلى الأمام لشركة "آى إى إكس" جاءت فى مارس 2014 عندما طُرح كتاب "فلاش بويز"، وبحسب براد، غيّر ذلك الكتاب من مسار حياته، لكن الأهم أنه ساعد عامة الناس على أن يفهموا تفاصيل تلك المسألة.
وبعد ذلك، يضيف "بى بى سى عربى"، تقدم "براد" بطلب لأن تصبح شركته بورصة جديدة ومسجلة، ما أثار ردود فعل غاضبة من الكثيرين فى مؤسسات "وول ستريت" العريقة، والذين دافعوا عن نظام "التعاملات فائقة السرعة"، وهاجموا شركة "آى إى إكس"، معتبرين أن نظام "مطبات السرعة" الذى يستخدمه براد وزملاؤه غير منصف، وخاطئ، لأنه يشوه الأسعار.
حتى إن الأمر وصل بجيف سبريتشر، المدير التنفيذى لشركة إنترناشينال إكستشينج، وهى الشركة المالكة لبورصة نيويورك، إلى حد تسمية نهج شركة "آى إى إكس" بأنه "غير أمريكى".
مصادقة شركة "آى إى إكس"
وبالرغم من الانتقادات الموجهة لشركة "آى إى إكس"، صدقت الجهة الحكومية المسئولة عن تنظيم قطاع الأوراق المالية، وهى "هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية"، على اعتبار الشركة البورصة رقم 13 فى الولايات المتحدة الأمريكية فى أوائل يونيو 2016.