بعد يومين من الكشف عن تسريب وثائق سرية أمريكية استخباراتية وعسكرية، لا تزال أصداء الأزمة مستمرة، فى الوقت الذى أطلقت فيه وزارة العدل الأمريكية تحقيقا فى كيفية حدوث هذا التسريب وسط مخاوف من تأثيره على الأمن العالمى، بحسب ما ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال.
وأشارت الصحيفة على أن الولايات المتحدة سعت لتقييم الضرر لهذا الخرق الاستخباراتى الكبير، بينما تسعى وزارة العدل والبنتاجون إلى إجابات حول كيفية ظهور عشرات الصور للوثائق السرية التى تتناول حرب أوكرانيا وشئون دولية أخرى على الإنترنت.
وهيمنت تحديد مصدر التسريب وتداعياته على اهتمام القيادات فى البنتاجون، بحسب ما قال مسئولو الدفاع، مع انطلاق تحقيق حكومى داخلى واسع خلال عطلة نهاية الأسبوع.
كما قالت صحيفة واشنطن بوست أن المسئولين الأمريكيين والأوروبيين سارعوا لفهم كيفيةتسريب العشرات من الوثائق السريةالتى تغطى كافة طرق جمع المعلومات الاستخباراتية، وكيف وجدت طريقها إلى الإنترنت.
وأشارت الصحيفة إلى أن هؤلاء المسئولين ذهلوا وأحيانا غضبوا، من الحجم غير العادى للتفاصيل التى تكشفها الملفات عن كيف تتجسس الولايات المتحدة على أصدقائها وأعدائها على حد السواء.
ولفتت الصحيفة إلى أن الوثائق، التى يبدو أن جاءت جزئيا على الأقل من البنتاجون ومصنفة بسرية للغاية، تقدم معلومات تكتيكية حول الحرب فى أوكرانيا، بما فى ذلك القدرات القتالية للبلاد. ووفقا لأحد مسئولى الدفاع، فإن بعض من هذه الوثائق تم إعداده على ما يبدو خلال الشتاء للجنرال مارك ميلى، رئيس هيئة الأركان المشتركة، وآخرين من كبار المسئولين العسكريين، إلا أنها كانت متاحة لأفراد أمريكيين أخرين وموظفين متعاقدين يحملون تصريحات أمنية.
وتشمل وثائق أخرى تحليل من وكالات الاستخبارات الأمريكية عن روسيا والعديد من الدول الأخرى، جميعها يستند إلى معلومات تم جمعها من مصادر سرية.
وتقول واشنطن بوست أن سلسلة الملخصات والإحاطات المفصلة تفتح نافذة نادرة على الأعمال الداخلية للتجسس الأمريكى. فمن بين الأسرار الأخرى، تكشف الوثائق على ما يبدو الأماكن التى جندت فيها السى أى إيه عملاء مطلعين على المحادثات التى تجرى خلف الأبواب المغلقة لقادة العالم. كما تكشف أيضا عن عملية تنصت تظهر محاولة مرتزقة روسيا الحصول على أسلحة من أحد حلفاء الناتو لاستخدامها ضد أوكرانيا، وأنواع صور الأقمار الصناعية التى تستخدمها الولايات المتحدة لتعقب القوات الروسية، بما فى ذلك التكنولوجيا المتقدمة والتى تكاد غير معروفة
وفيما يتعلق بأوكرانيا، قالت واشنطن بوست أن الوثائق الاستخباراتية والعسكرية الأمريكية التى تم تسريبها مؤخرا، تشير إلى نقص مقلق لدى أوكرانيا فى الأسلحة التى قدمها لها الغرب، لاسيما الذخائر والدفاع الجوى، حتى على الرغم من أنها تظهر اختراق أمريكا العميق لخطط روسيا ومعداتها وقوتها البشرية.
وذكرت الصحيفة أن هذه المعلومات التي تم الكشف عنها تقدم لمحة تفصيلية استثنائية لظروف المعارك فى حرب أوكرانيا للفترة ما بين أواخر فبراير وأوائل مارس، فى الوقت الذى حذر فيه الأمين العام للناتو ينس ستولنبيرج من أن معدل استهلاك أوكرانيا للذخائر أعلى عدة مرات من المعدل الذى يمكن لصناع تلك الذخائر إنتاجها به.
ولا تزال تلك المشكلة قائمة. فقد سعت الولايات المتحدة والناتو والاتحاد الأوروبى وحلفاء أوكرانيا للحصول على مزيد من الذخائر من كوريا الجنوبية وأوروبا الشرقية ووسط أسيا، وأدوات إنتاج المزيد بأنفسهم تحسبا للهجوم الأوكرانى المضاد الذى ربما ينطلق بعد أسابيع.
كما أن الدفاع الجوى لحماية المواقع الحساسة، والأفراد العسكريين والمعدات والمدنيين هاما أيضا. ووفقا لإحدى الوثائق، وهى تقييم صادر من هيئة الأركان المشتركة لوزارة الدفاع، فإن قدرة أوكرانيا على تقديم دفاع جوى متوسط المدى لحماية الخطوط الأمامية ستنخفض تماما بحلول 23 مايو. وقالت الوثيقة إنه مع نفاذ ذخائر الطبقة الدفاعية الأولى، فإن معدل استهلاك الطبقتين الثانية والثالثة سيزداد، مما يقلل من القدرة على الدفاع فى وجه الهجمات الجوية الروسية من كافة الارتفاعات.
وكان هذا التقييم واحدا من بين عشرات الصور التي تم تسريبها على الإنترنت، وحصلت عليها واشنطن بوست وصحف أخرى، والتي تظهر التحديثات والتقييمات المتعلقة بقدرات أوكرانيا الدفاعية، والإحاطات الاستخباراتية العالمية حول مجموعة من الدول الأخرى.
وفى الوقت الذى تسابق فيه إدارة بايدن للتحقيق فى تسريب وثائق سرية أمريكية، التزمت واشنطن وتل أبيب الصمت بشأن معلومات حساسة بشكل خاص تم الكشف عنها ضمن التسريبات، والتي تتحدث عن تمرد مزعوم من قبل أكبر جهاز استخباراتى فى إسرائيل ضد خطة الإصلاح القضائى التي اقترحها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وأوضحت الصحيفة أن الوثيقة المسربة مصنفة سرية للغاية، وقالت إنه فى فبراير الماضى، ساند بعض كبار قادة جهاز الموساد احتجاج مسئوليه والمواطنين الإسرائيليين على الإصلاحات القضائية المقترحة من قبل الحكومة، وشمل ذلك دعوات صريحة للتحرك، والتي انتقدت الحكومة الإسرائيلية، وفقا للإشارات الإستخباراتية.
ورأت الصحيفة أن الكشف عن تدخل مباشر فى السياسة الإسرائيلية من قبل الموساد، وهو جهاز للاستخبارات الخارجية محظور عليه التدخل فى الأمور الداخلية، سيكون هاما فى خد ذاته، ناهيك عن أن ظهور هذه المعلومات على السطح نتيجة تجسس أمريكا، على ما يبدو، على أقرب حلفائها فى الشرق الأوسط يمكن أن يشعل بشكل أكبر فترة من الاضطراب السياسى التاريخى فى الدولة العبرية.
وقال ناتان ساكس، الباحث فى شئون إسرائيل فى معهد بروكينجز، إنه لو كانت هذه المعلومات دقيقة، فإنها تمثل تغييرا دراميا فى الطريقة من قبل قيادة الموساد، وتضع إسرائيل فى وضع غير مسبوق. وأضاف أنها إشارة على المدى الذى دفعت إليه حكومة نتنياهو الائتلافية المجتمع الإسرائيلى وحجم المخاطر.
وأصدر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي اليوم الأحد بيانا بنيابة عن الموساد، وصف فيه التقارير الإعلامية حول الملفات السرية بأنها كاذبة ولا أساس لها على الإطلاق. وأضاف البيان أن الموساد وكبار العاملين به لم يشاركوا فى قضية المظاهرات على الإطلاق، ويكرسون عملهم لخدمة الدولة الذى قاد الموساد منذ تأسيسه.