فى الحلقتين السادسة عشرة والسابعة عشرة من مسلسل الكتيبة 101، يقدم العمل توثيقا دراميا واسعا لواحدة من أكثر الهجمات الإرهابية التى شهدتها مصر، والتى مثلت نقطة فاصلة فى تاريخ وحياة الإرهاب ليس فى مصر ولكن فى المنطقة العربية.
العملية استغرق الإعداد لها وقتا وأموالا ضخمة لتجهيزها، ومعها حشد إعلامى داعم ولجان على مواقع التواصل، حاولت أن تعيد ما فعله داعش فى الرقة والموصل 2014، والهدف إعلان الشيخ زويد إمارة داعشية ترفع عليها الأعلام السوداء وعزلها وانتزاعها من مصر، وتم التخطيط لهجوم شامل على كل المحاور بمئات من التكفيريين المدربين وكميات ضخمة من السلاح وقذائف الهاون والسيارات المفخخة، والقنابل والعبوات الناسفة التى تم زرعها فى كل مكان وشارع وممر، وتم الهجوم فى الأول من يوليو على كل الكمائن بالشيخ زويد، تمهيدًا لرفع الرايات السوداء على الشيخ زويد والعريش.
كل من عاصر هذا اليوم يتذكره جيدًا، ومن لم يعاصره عليه الآن أن يتابع حلقات المسلسل التى توثق لهذا اليوم، عندما هاجم الإرهابيون كلا من كمين مثل الرفاعى والجورة بأكثر من 100 إرهابى، بالسيارات المفخخة والقنابل ومدافع الهاون، واجههم أقل من عشرين مقاتلا، صمدوا وصدوا الهجوم وأسقطوا عشرات القتلى.
يومها كانت لجان التنظيم ومنصات دعم الإرهاب خارج مصر تبث على مدى ساعات فيديوهات قديمة وبيانات مزيفة عن انتصارات وهمية للدواعش، وبيانات وهمية تبثها محطات معروفة، بكثافة، ويمكن الرجوع إلى أرشيف الإنترنت وهو متاح، وإحدى ميزات عصر المعلومات، ويمكن الرجوع لتغريدات وفيديوهات وبيانات وهمية على حسابات أصدقاء الإرهاب، تم إعلان أرقام مبالغ فيها لشهدائنا، كانت خطة إرهابيى بيت المقدس إعلان احتلال الشيخ زويد وإقامة نقطة ارتكاز، ورغم البث الكثيف الذى وقع فى فخه كثير من حسابات مواقع التواصل، وساعدت على انتشاره قنوات كبرى معروفة اشتركت بشكل كبير فى ترديد هذه الدعاية، وساعد فى ذلك صمت القوات المسلحة التى خاضت واحدة من أعنف المعارك فى تاريخ الحروب ومواجهة الإرهاب، فقد صمد ضباط ومقاتلو الكمائن، وقاتلوا ببسالة، وكان الصمت تكتيكا مهما، لأنه جعل الشيخ زويد فخا كبيرا دخله الإرهابيون من بيت المقدس بكل ثقة.
الخطة كانت لها أهداف دعائية أكثر منها حقيقية أن يبقوا رافعين أعلامهم السوداء مدة لالتقاط أفلام لينصرفوا ويعيشوا عليها، دعاية سابقة التجهيز من أفلام قديمة وبيانات مزورة، ساعدتهم قنوات ومواقع وحسابات على فيس بوك، ومواقع إخبارية ووكالات أنباء، كجزء من المخطط، بما كان يشير إلى أن العملية مجهزة ومرسومة لإحداث تأثيرات ونتائج تتبعها خطوات أخرى، مثلما حدث فى الرقة والموصل، وحتى تغريدات بعض التابعين لداعش أو الإخوان وتدويناتهم على فيس بوك كانت تتعامل على أن الإرهابيين حققوا نتائج، ولم يكن المهاجمون مجرد إرهابيين، لكنهم قوات مدربة ومجهزة للقتل وتم إنفاق ملايين على تدريبهم وتسليحهم، لكنهم لم يحسبوا أنهم يصطدمون بصخرة الجيش المصرى، حيث كانت الدعايات المزيفة اتخذت مجراها، قبل أن تتضح الصورة، ويستغيث الإرهابيون عبر أجهزة اللاسلكى، وهم مرعوبون يفرون كالجرذان مثلما كانوا دائمًا.
كان خروج الإرهابيين من جحورهم، فرصة لاختبار قوة الجيش المصرى، حيث وقعت خسائر ضخمة فى تنظيم الجرذان، وهو ما ظهر فى هذا اليوم المشهود، والبطولات الأسطورية التى سجلها التاريخ لقواتنا المسلحة، التى لم تهزم فقط الإرهابيين لكنها حمت الشيخ زويد من أكبر هجمات الإرهاب.
دراما الكتيبة 101، تعيد تذكيرنا بهذا اليوم، والمعارك وشكل وحجم وتسليح وتمويل الإرهاب، ومقاتليه من الخارج، وبنيته التحتية واتصالاته وظهيره الإعلامى والفضائى، لكن كل هذا راح فى المواجهة الكبرى مع القوات المسلحة.
فى الكتيبة 101، أسماء لأبطال استشهدوا أو أصيبوا وحكوا القصص والأساطير، الملازم أدهم الشوباشى حكى عن عبدالرحمن الذى تصدى وحده لأكثر من 20 تكفيريا، وأبانوب الذى فدا زملاءه والكتيبة، والعقيد أركان حرب أحمد عبدالحميد الدرديرى، الذى تصدى مع جنوده لعشرات التكفيريين، وكانوا شهودًا وشهداء على واحدة من أعنف المعارك فى مواجهة الإرهاب وهزيمته فى مصر وحولها. وفشل لجان وقنوات الدعاية التى زيفت وزورت، ثم عادت لتشكو من القوة المفرطة.