شهدت الفترة التى تلت حرب يونيو 1967 وحتى أوائل أغسطس 1970، أنشطة قتالية بحرية مصرية بهدف إحداث أكبر خسائر فى القوات البحرية للطرف الآخر بغرض إحراز التفوق وتحقيق السيطرة البحرية للقوات البحرية المصرية، ومن أبطال تفجير ميناء إيلات اللواء الراحل "عمرو إبراهيم البتانونى".
ولد "البتانونى" فى 25 فبراير 1943 بالقاهرة، وعاش بها لمدة عامين قبل أن ينتقل مع عائلته إلى الإسكندرية، كان مهتمًا بالرياضة منذ صغره ومارسها أثناء الدراسة، بداية من كرة السلة حيث قام بتمثيل نادى سبورتنج حتى دورى الدرجة الأولى ثم انتقل إلى كرة اليد ومثل النادى أيضًا، ثم منتخب الإسكندرية.
التحق بكلية سان مارك وتخرج فيها عام 1962 ثم التحق بالكلية البحرية وتخرج فيها عام 1966، ومثل القوات البحرية فى كرة اليد حتى النكسة، ثم التحق البطل بلواء القوات الخاصة وحصل على فرق صاعقة ومظلات وضفادع بشرية، وكان التدريب شاقًا وفى ظروف مرهقة إلى أقصى الحدود، فعمل القوات الخاصة صعبًا ويحتاج للصبر وقوة التحمل لتدريب المقاتل على القيام بعمليات شديدة الصعوبة.
دور البطل "عمرو البتانونى" فى العملية أنه عبر فى الساعة 12.20صباحًا ومعه زملاؤه من تحت الشباك الحديدية، وهجم الملازم أول رامى عبد العزيز بمفرده على "بات يم" بينما هجم البطل "عمرو البتانونى" ومعه الرقيب "على أبو ريشة" على الناقلة "بيت شيفع"، وقاما بتلغيمهما وضبط توقيت الانفجار على ساعتين فقط بدلاً من أربع ساعات كما كانت الأوامر تنص، بناءً على أن فرد القوات الخاصة له أن يقوم بالتعديل فى الخطة الموضوعة حسب مقتضيات الظروف.
فى تمام الساعة الثانية من صباح يوم 6 فبراير بدأت الانفجارات تدوى فى إيلات، وخرجت الدوريات الصهيونية للبحث عن منفذى الهجوم، لكن قد وصل جميع أبطال العملية بنجاح إلى الشاطئ الأردنى.
و فى العام نفسه من العملية توفى الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وتولى محمد أنور السادات الحكم، فكان أول عمل قام به هو زيارة القوات البحرية وطلب رؤية رجال المهمات الخاصة، وأمر بترقيتهم استثنائيًا مرتين من ملازم أول إلى رتبة رائد، وقال "المرة الجاية عايزكم فى حيفا".
ومن المهام التى نفذها أبطال عملية إيلات فى حرب أكتوبر قبيل بدأ الحرب 73، قام لواء الوحدات الخاصة للقوات البحرية بسد فتحات النابلم فى قناة السويس، كما قاموا بالهجوم على المواقع البترولية والحفارات البحرية فى منطقة (أبو رديس) و (بلاعيم)، وكانت هذه المنطقة تضم حفارات بترول مصرية إيطالية ضخمة تقوم بالعمل فى أكبر بئرين للبترول.
وبعد النكسة استغلت إسرائيل هذه الحفارات وبدأت فى استخراج البترول بجنون ونقله إلى إسرائيل، فطلب الرئيس السادات نسف هذه الحفارات والمنطقة كلها فقاموا بذلك بالفعل، وبعد عودته تم منحه وسام النجمة العسكرية الثانى.
وقال عمرو البتانونى، فى تصريحات صحفية له، أن حينما بدأت محادثات السلام بين مصر وإسرائيل وأحد شروطها إخلاء مصر لسيناء عسكريًا، اعتبرها حينها أن هذه الشروط مجحفة، وشعر بحماس الشباب وقتها أننا نتنازل عن حقوقنا، وهذا مما جعله يطلب مقابلة الرئيس آنذاك، وبالفعل قابل وزير الحربية وقتها المشير الجمسى ليقدم استقالته، فرفضها.
فلجأت لفكرة الترشح لمجلس الشعب عن حزب الأحرار الذى كان يترأسه وقتها مصطفى كامل، بعدها رشحه اللواء محمود فهمى عبد الرحمن القائد السابق للقوات البحرية وكان وقتها وزير النقل البحرى، لبعثة فى نيجيريا حيث مكث عشر سنوات فى إدارة ميناء "بورت هاركورت".
وبعد اغتيال الرئيس السادات فى عام 1981، عاد "البتانونى" إلى مصر ليغزو الصحراء، وكانت هذه معركة أخرى خاضها بعد 23 سنة من العمل الشاق أصبحت المزرعة الخاصة له على أحدث مستوى من التكنولوجيا.
كما انتقد البطل فى تصريحات صحفية قبل وفاته، نقاط ضعف كثيرة فى فيلم "الطريق إلى إيلات"، موضحًا أنها تثير الضحك من قبل المتخصصين فى الحروب البحرية، لكنه يبقى برغم ذلك يمثل محاولة لا بأس بها.