حالة من الجدل الشديد والنقاش أثارتها التسوية التى توصلت إليها شبكة فوكس نيوز الأمريكية مع إحدى شركات ماكينات اتصويت، وأثارت تكهنات بمزيد من الملاحقات القضائية لوسائل الإعلام فى الولايات المتحدة.
و قالت صحيفة نيويورك تايمز إن التسوية التى تم التوصل إليها فى اللحظات الأخيرة لقضية شركة أنظمة التصويت دومينيون ضد شبكة فوكس نيوز، والتى ستدفع الشبكة بمقتضاها أكثر من 787 مليون دولار للشركة، قد أشعلت اختبارا عالى المخاطر للحمايات التى يوفرها التعديل الأول للدستور الأمريكى لوسائل الإعلام، وسيكون هذا مزيد من التحديات القادمة على الأرجح.
فبعد ما يقرب من 60 عاما على قرار المحكمة العليا بالإجماع فى قضية "نيويورك تايمز ضد سوليفان"، والتى جعلت من الصعب على الشخصيات العامة كسب قضايا تشهير ضد وسائل الإعلام، يتعرض الحكم التاريخى لاعتداء مستمر من القضاة والياسيين والمحامين، ومعظمهم، وليس جميعهم، من المحافظين.
وكان من الممكن أن يعاد تشكيل النقاش بدعوى دومنينون القضائية، التى سعت إلى تعويض 1.6 مليار دولار عن خسائر نشر فوكس نيوز أخبار كاذبة بشأن دور الشركة فى انتخابات 2020.
فلو خسرت فوكس نيوز، لواجهت المنظمة الإعلامية القوية احتمال حدوث أضرار قياسية، لكن انتصارها كان سيثير أسئلة عن تفسيرات القضاء الفيدرالى للتعديل الأول للدستور الأمريكى، والتى تجعل من المستحيل محاسبة أى شخص على الأكاذيب المتهورة والمدمرة.
فلم يكن من قبيل الصدفة أن أحد مؤسسى الشركة القانونية التى مثلت دونيون فى القضية يقود حملة لجعل المحكمة العليا تتراجع عن قرارا فى قضية سوليفان.
وكانت المحكمة العليا قد قضيت فى قرار عام 1964 بأنه من أجل الفوز فى قضية تشهير، ينبغى على المسئولين أن يفعلوا أكثر من مجرد أظهار أن عدم الدقة فى مقال ما قد أضر بهم، وأن عليهم أن يثبتوا أن هذ الأكاذيب كانت نتاج خبث حقيقى، أو بعبارة أخرى كانت متعمدة أو ناجمة عن تجاهل طائش للحقيقة.
وظل الحكم فى قضية سوليفان على مدار عقود بمثابة حماية أساسية سمحت للصحفيين بتغطية الشخصيات العامة بقوة بدون خوف من نشر أخطاء عنهم، حتى لو كان خطأ خطيرا، أو أن يعرضهم فعل ذلك لأضرار مدمرة.
من ناحية أخرى، قالت وكالة أسوشيتدبرس إن التسوية الضخمة للقضية تعد أول حجر زاوية فى إستراتيجية قانونية أكبر كبير تهدف إلى مكافحة المزاعم الكاذبة ونظريات المؤامرة بشأن الانتخابات، والتى هزت الولايات المتحدة على مدار ثلاث سنوات تقريبا.
وهناك عدة دعاوى قضائية مماثلة ضد أولئك الذين نشروا أكاذيب تعلق بالانتخابات، بما فى ذلك قضية أخرى ضد فوكس. ويتراوح المدعون ما بين شركة لتقنية التصويت إلى العاملين فى الانتخابات فى جورجيا الذين تم اتهامهم زورا بالتلاعب فى فرز الأصوات فى تلك الولاية. ومن بين المتهمين، مستشارون مقربون من الرئيس السابق دونالد ترامب ومجموعة محافظة مولت فيما العام الماضى يزعم حدوث تزوير واسع النطاق للناخبين خلال الانتخابات الرئاسية التى فاز بها جو بايدن عام 2020.
ويقول المحامون المشاركون فى هذه الجهود إنها محاولة للرد على من تسببت أكاذيبهم حول انتخابات 2020 إلى أحداث اقتحام الكونجرس، ولا يزالوا يرددون الأكاذيب فى الدوائر المحافظة.
وإذا استمرت التحديات القانونية فى إحداث تسويات لافتة للنظر أو تعويضات عن الأضرار، فليس من الواضح أنها ستغير السلوك أو تواجه الهجمات على المؤسسات الديمقراطية.
وقالت جين كيرتلى، أستاذ أخلاقيات الإعلام والقانون بجامعة منيسوتا، إنه لا تعتبر رفع عوى تشهير ألية جديدة للتعامل مع مشكلة المعلومات المضللة.
وكانت الدعوى المرفوعة ضد فوكس نيوز وشركتها الأم فوكس كورب من شركة دومنيون واحدة من أولى دعاوى التشهير المرفوعة بعد أن قضى ترامب وحلفائه أسابيع فى الإدعاء الكاذب بأن انتخابات 2020 قد تمت سرقتها. وكان إحدى نظريات المؤامرة التى طرحوها هى أن شركة آلات التصويت ومقرها دنفر كانت جزءا من مؤامرة لمنح الانتصار لبايدن.