فى مسلسل «تحت الوصاية» يسعى مؤلف ومخرج العمل إلى تسليط الضوء على قضية اجتماعية، هى الوصاية على الأطفال القصر واحتمالات وجود تناقضات بين مصالح الوصى الجد ومطامع أو احتياجات العم.
يقدم المسلسل الفكرة فى قالب درامى باعتبار أن البشر ليسوا ملائكة ولا شياطين، إنما تحدد تحركاتهم وتصرفاتهم أحيانا مطالب واحتياجات تتقاطع مع الأطراف الأخرى، حيث تسقط الحواجز بين الخير والشر، ويحاول الطرف الشرير البحث عن مبررات لأطماعه حتى يعطيها مشروعية على عكس الحقيقة.
والواقع أن منى زكى تقدم دورا معقدا ومتشابكا بجانب أنه ملىء بالتفاصيل، لكنها تقدمه بنضوج وقدرات عالية على التعبيرات المتعددة، منى زكى تقدم دور حنان من دون أى مكياج، وبمشاعر صادقة، وخليط من الأم التى تدافع عن أطفالها بكل الطرق، وتضطر إلى خوض تجارب الحياة، وفى نفس الوقت تسعى لأن تلبى مطالب طفولية لابنها ياسين، منى زكى تدخل مرحلة عالية من النضوج الفنى، تجعلها قادرة على تلوين أدائها مع كل موقف من المواقف، وحتى وهى تغنى وتلعب مع ابنها، فهى تقدم وجها جديدا من وجوه متعددة، بين السيدة المرتبكة المنكسرة، والقوية التى تعافر فى الحياة، أو الباحثة عن عاطفة، لكنها تقطع هذا الميل عندما ترى أنه سيعطلها عن إنجاز مصالح أبنائها.
والواقع أنه بجانب الجهد الكبير لمنى زكى ونجوم العمل، هناك لمحات لمشاهد وصور تضاعف من قيمة العمل، حيث تلتقط الكاميرات مشاهد بالفعل أقرب إلى لوحات فنية، تجعل «تحت الوصاية» بجانب أنه دراما إنسانية، فهو أيضا عمل مكتمل الأركان، وهذا بالطبع يذكر للمخرج محمد شاكر خضير، الذى يسجل فى العمل صورا ولمحات تضاعف من أهمية العمل، والمخرج محمد شاكر خضير متمكن من أدواته، حريص على تقديم سيمفونية إنسانية ولهذا يبذل جهدا واضحا فى الصورة والسياقات والأداء، وكما كتب زميلى الناقد على الكشوطى رئيس قسم الفن بـ«انفراد» فإن المخرج فى «تحت الوصاية» يقدم «صورة حقيقية للواقع بجماليات تخطف العين، فالبراح الذى منحه المخرج للعمل جعل للمسلسل روحا مختلفة خارج نطاق دراما المنازل المغلقة والكومباوندات ليصنع عالمه الخاص»، وهو بالفعل توصيف صحيح.
وبجانب منى زكى وأدائها المتعدد والموهوب، هناك أداء رائع لعدد من الموهوبين والقادرين من الفنانين الكبار على رأسهم الفنان القدير رشدى الشامى فى دور عم ربيع الذى يقدم دورا من الأدوار الكلاسيكية فى الأداء، وله أكثر من عمل لكنه يبدو هنا كأنه يقدم شعرا ولوحات من الأداء العالمى، وبالطبع الدور الذى يقدمه دياب «صالح» بخلطة مشاعر متناقضة بين الشر والرومانسية والمشاعر مع خطيبته، وأيضا الدور الذى يقدمه البحارة الثلاثة، أحمد عبدالحميد فى «شنهابى» وعلى صبحى «عيد» وخالد كمال «الريس حمدى»، ولبنى ونس التى تعيش مرحلة من النضوج الفنى الكبير، ومها نصار التى تقوم بدور أخت حنان، وزوجها ولهما دور مميز وحتى أم صالح ووالده يقدمان دورا مهما وإنسانيا.