رصد محمد منصور الباحث بالمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتجية، 3 نقاط رئيسيىة تعد بمثابة المحددات الأساسية لمصر للنظرة المصرية المتعلقة بالأمن القومي العربي بشكل عام، مؤكدا أن السياسة الخارجية لمصر تعمل علي دعم الحفاظ على أمن وسيادة وأستقرار المنطقة العربية ليس هذا فحسب بل عدم التدخل في شئونها ودعم جيوشها وحكوماتها الوطنية.
وقال "منصور" في تصريحات لـ"انفراد":"الموقع الجغرافي والاستراتيجي والتاريخي لمصر في منطقة الشرق الأوسط، فرض عليها منذ عقود التزامات قومية وإقليمية ودولية هائلة، لحفظ الأمن والاستقرار في هذا النطاق الجغرافي المضطرب.
وأضاف :"المقومات السياسية والاقتصادية والعسكرية لمصر، مكنتها دوماً من لعب دور بناء في حلحلة الأزمات الإقليمية، والمساهمة في إيجاد حلول لها، خاصة خلال السنوات الأخيرة، ما بين الملف الفلسطيني - وهو أحد الملفات الأساسية التي اضطلعت مصر بدور بناء فيها على المستوى الأقليمي - مروراً بتداعيات ما بعد عام 2011 في كل من سوريا والعراق وليبيا واليمن، وصولاً إلى التدهور الحاد في الأوضاع الحالية بالسودان.
وتابع :"نستطيع أن نعتبر خطاب الرئيس المصري خلال القمة العربية الطارئة التي تم عقدها في مدينة مكة المكرمة في مايو عام 2019، بمثابة المحدد الأساسي للنظرة المصرية المتعلقة بالأمن القومي العربي بشكل عام، وهي نظرة ترتكز على ثلاثة نقاط رئيسية،النقطة الأولى تتعلق بمواجهة فعالة للتهديدات الإرهابية التي تواجه المصالح الإقتصادية والمجال الحيوي للدول العربية، وذلك عن طريق حزمة من الإجراءات من بينها تفعيل الآليات الأمنية والعسكرية والإستخباراتية المشتركة للدول العربية بغرض مكافحة الأنشطة الإرهابية بمختلف أنواعها بما في ذلك التهديدات الإرهابية التي تشكلها بعض الدول الإقليمية على المحيط الإقليمي والداخلي العربي، وكذا تفعيل آليات العمل العربي المشترك على المستوى السياسي والدبلوماسي والاقتصادي، بهدف تأمين غطاء اقتصادي وسياسي يساهم في محاصرة الآثار الآنية للتهديدات التي تتعرض لها الدول العربية داخلياً وإقليمياً، وأيضاً التحفيز المستمر والمتصاعد للقوة التصنيعية العسكرية الذاتية وكافة أنواع التبادل العسكري بين البلدان العربية.
وأشار إلي أن النقطة الثانية ترتبط بتحديد إستراتيجية واضحة للتعامل مع المشاكل الداخلية في الدول العربية، سواء على المستوى الإقتصادي أو الإجتماعي أو السياسي، وذلك من أجل محاولة إيجاد حلول لهذه المشكلات، ومنع أستثمار أطراف عربية وإقليمية ودولية لهذه المشكلات من أجل إثارة قلاقل داخلية تؤثر بالسلب على استقرار الدول العربية.
وأوضح أن النقطة الثالثة تتعلق بإيجاد مقاربة عربية مشتركة للتعامل مع القضايا الإقليمية ذات الصلة الوثيقة بالمجال الحيوي للدول العربية، وعلى رأس هذه القضايا تأتي القضية الفلسطينية، وقضايا أخرى مهمة مثل الأزمات في سوريا وليبيا واليمن، وذلك على قاعدة أساسية يتم الألتزام فيها بالحفاظ على وحدة وسيادة واستقرار هذه الدول، وعدم التدخل في شئونها، والحفاظ على الدولة الوطنية من التفكك، ودعم المؤسسات الوطنية العربية وحمايتها باعتبارها الذراع الأساسي الضامن لاستقرار الدول، والسعي للتسوية السياسية للأزمات، وإنفاذ إرادة الشعوب في تحقيق مصيرها ومستقبلها.
وقال :"هذه النقاط تسعى مصر إلى تحقيقها دوماً خلال محاولتها إيجاد حلول للأزمات العربية المختلفة، ملتزمة في ذلك بخطوط عريضة تتكون منها استراتيجيتها في هذا الصدد، من بينها الحفاظ على أمن وسيادة واستقرار الدول العربية، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، ودعم جيوشها وحكوماتها الوطنية، والحفاظ على علاقات ممتدة مع كافة الأطراف السياسية والإجتماعية في الدول العربية المختلفة، بشكل يوفر للقاهرة القدرة على ممارسة دور الوساطة في حال اندلاع أزمات أو تصاعدت خلافات في هذه الدولة او تلك.
وأشار إلي أن كل ما سبق يخدم هدف رئيسي من أهداف التحرك العربي المشترك وهو تحقيق المواجهة الحازمة للتدخلات الإقليمية في الشأن العربي، وكذا التهديدات الخارجية سواء كانت تقليدية أم غير تقليدية، وعدم قبول أية محاولات لمد النفوذ الخارجي داخل النسيج العربي الواحد، او السماح بتواجد قوات أجنبية أو ميليشيات ممولة من الخارج على أراضي الدول العربية.
وأكد أن النظرة المصرية للأمن القومي العربي صبغت بشكل واضح التعامل المصري مع الملفات العربية الساخنة، سواء الأداء المحلي على مستوى المواقف السياسية والتصريحات، أو على مستوى الأداء الدبلوماسي المصري في المحافل الإقليمية أو الدولية، حيث ترى القاهرة أن دوائر الأمن القومي الخاصة بها، والتي تمتد على طول وعرض المنطقة العربية، تتطابق مع دوائر الأمن القومي العامة للوطن العربي، وأن تحقيق الأستقرار والأمن في هذه الدوائر سوف ينعكس بشكل إيجابي على مصر، خاصة في ما يتعلق بالدول العربية التي تتماس مع مصر حدودياً، وهي ليبيا والسودان، فالأولى تمكنت مصر فيها - بالتعاون مع الأطراف الدولية - من فرض من إيقاف العمليات القتالية التي كانت تدور رحاها في عاصمتها طرابلس عام 2020، وهو ما ساهم في الدخول في مسارات توحيد المؤسسات الحكومية والعسكرية في هذا البلد الشقيق خلال الفترات الماضية، وهو نفس التحدي الذي تواجهه منطقة الشرق الأوسط في ما يتعلق بجمهورية السودان، التي تعمل مصر حالياً بشكل حثيث، بالتعاون من اطراف اقليمية ودولية، على ايقاف القتال في عاصمتها، بالتوازي مع تنفيذ عمليات إجلاء عاجلة للمواطنين المصريين والأجانب.