أسابيع وربما أيام قليلة، ويبدأ الهجوم المنتظر الذى تحدثت عنه أوكرانيا على مدار أشهر الذى تستهدف به دحر القوات الروسية فى المناطق التى توغلت فيها منذ بداية الحرب. لكن كييف تواجه العديد من التحديات التى تجعل الانتصار ضرورة هذه المرة من اجل ضمان استمرار الدعم الغربى لها.
وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن أوكرانيا تستعد لشن هجوم مضاد ضد القوات الروسية بحلول الشهر المقبل، بحسب ما قال مسئولون أمريكيون، فى ظل مخاطر وشيكة. فبدون تحقيق انتصار حاسم، فإن الدعم الغربى يمكن أن يضعف، ويمكن أن تصبح كييف تحت ضغط متزايد لدخول مفاوضات خطيرة من أجل إنهاء أو تجميد الصراع.
وأشارت الصحيفة إلى ان الولايات المتحدة ودول الناتو قدمت لاوكرانيا مدفعية وذخائر للمعركة القادمة، والآن يقول المسئولون إنهم يأملون أن تستمر هذه الإمدادات، فى تغيير عما كان عليه الحال قبل شهرين، عندما كانت الأسلحة تتدفق فقط، وكان المسئولون الأمريكيون قلقين من أن الإمدادات قد تنفذ.
وفى الوقت نفسه، فإنه من المتوقع أن تصبح 12 كتيبة قتالية أوكرانية كل منها مكون من 4 آلاف جندى، جاهزة بنهاية إبريل، وتقوم الولايات المتحدة بتدريب وإمداد 9 من هذه الكتائب.
وعلى الرغم من أن اوكرانيا لا تشارك تفاصيل كثيرة تتعلق بخطتها العملياتية مع المسئولين الأمريكيين، فإن الصحيفة ترجح أن تبدأ العملية فى جنوب البلاد، بما فى ذلك على طول ساحل أوكرانيا على بحر آزوف بالقرب من شبه جزيرة القرم التى ضمتها روسيا.
ونقلت نيويورك تايمز عن ألكسندر فيرشوبو، سفير الولايات المتحدة السابق لدى روسيا والمسئول رفيع المستوى بالناتو، قوله إن كل شىء يتوقف على هذا الهجوم المضاد. فالجميع يحدوه الأمل، وربما التفاؤل المفرط، لكنه، أى الهجوم، سيحدد ما إذا كان سيكون هناك نتيجة لائقة بالأوكرانيين من حيث استعادة الأراضى فى أرض المعركة وخلق نفوذ أكبر بكثير للحصول على قدر من التسوية بالتفاوض.
وفى حين يقول المسئولون الأوكرانيون إن هدفهم هو اختراق الدفاعات الروسية المحفورة وإحداث انهيار واسع النطاق فى الجيش الروسى، فإن المسئولين الأمريكيين يقدرون بأنه من غير المرجح أن يؤدى الهجوم إلى تحول كبير فى الزخم لصالح أوكرانيا.
ويواجه جيش أوكرانيا العديد من التحديات، وهو أحد الأسباب التى تجعل الجمود النتيجة الأكثر احتمالا. فالقتال فى باخموت شرقى أوكرانيا خلال الشتاء قد استنزف احتياطى الذخيرة وأدى إلى خسائر كبير فى بعض الوحدات ذات الخبرة.
ومع ذلك، فإن المسئولين العسكريين الأمريكيين يقولون إنه من الممكن أن يفاجئهم جيش أوكرانيا مرة أخرى، فهو الآن يتسلح بالدبابات الأوروبية وناقلات الجنود المدرعة الأمريكية ولديه وحدات جديدة مدربة ومجهزة من قبل قوات الناتو والأمريكيين.
وكان وزير الدفاع البريطانى بين والاس قد قال، خلال زيارته لواشنطن الأيام الماضية، إنه متفائل بإمكانية أن تواصل أوكرانيا الزخم بين العام الجارى والقادم، لكنه قال إنه ينبغى أيضا أن يكون واقعيا، ولن تكون هناك لحظة عصا سحرية لموعد انهيار روسيا.
وعلى الرغم من أن أوكرانيا قد ابتعدت عن السرية المعتادة المحيطة بالخطط العسكرية من خلال التحدث صراحة عن المعركة القادمة، وذلك لأن القادة الأوكرانيين بحاجة إلى حشد الروح المعنوية والضغط على الغرب للحصول على الأسلحة، فإن المسئولين الأمريكيين يتوقعون أن يستخدم الجيش الاوكرانى الخداع لإخلال توازن الروس.
وترى نيويورك تايمز أن أفضل فرصة لأوكرانيا لتقديم عرض جيد فى الهجوم المضاد تعتمد على الاستخبارات الأمريكية والأوكرانية والناتو. فلو استطاعت الولايات المتحدة وحلفاؤها تحديد نقاط الضعف فى الدفاعات الروسية، فيمكن أن تستغلها كييف فى ظل السرعة والحماية التى توفرها الدبابات ومركبات برادلى المدرعة.
غير أن المكاسب الكبيرة غير مضمونة أو غير مرجحة بالضرورة، وفقا للصحيفة. فساحة المعركة مليئة بالألغام التى وضعا الروس، وسيعتمد التقدم الأوكرانى على ما إذا كانت قوات كييف قادرة على نشر معدات إزالة الألغام التى قدم الغرب الكثيير منها.
وفيما يتعلق بتدريب الجنود، قالت نيويورك تايمز إن أوكرانيا كونت كتائب قتالية جديدة من خلال الجمع بين المجندين الجدد ونواة صغيرة من الجنود المخضرمين ذوى الخبرة. وبدءا من يناير الماضى، ذهبت الوحدات إلى ساحات التدريب الأمريكية فى ألمانيا لتعلم كيفية استخدام معداتها الحديدة وكيفية إجراء ما يسميه الجيش الأمريكى مناورات الأسلحة المشتركة، باستخدام الاتصالات الفعالة لتنسيق القوات المتقدمة مع الوحدات الداعمة مثل الدبابات والمدفعية.
وعلى الرغم من أن التدريب على هذه التكتيكات سار بشكل جيد وفقا للعديد من المسئولين الأمريكيين، إلا أن استخدامها فى التدريبات أسهم مما هو عليه الحال فى المعارك الفعلية، خاصة مع الروس.
وقال الجنود الذين يقاتلون فى أوكرانيا إنه حتى الآن، كان من المستحيل تنفيذ حرب المناورة المعقدة. وقد عانوا لتنسيق عملياتهم لأنها تتطلب اتصالات قوية، وهو أمر صعب لأن المعدات اللاسلكية تختلف من وحدة إلى أخرى، وهى عرضة للتشويش الروسى.
وتواجه روسيا تحديات بدورها، فمنذ بداية الغزو كانت هناك شكوك حول الكفاءة الأساسية للقادة الروس وإمدادات الجنود المدربين جيدا والعتاد والقذائف الخاصة بالمدفعية. وقد وسع الروس استخدام صواريخ كروز وفقدوا الآلاف فى باخموت وحدها، واستنزفوا مخازن الذخيرة الخاصة بهم أسرع مما يمكنهم إحلالها بالإنتاج المحلى.
لكن روسيا تعمل لسد هذه الفجوات. فقد كثفت القوات الروسية قدرتها على استخدام المسيرات والمدفعية لاستهداف القوات الأوكرانية بشكل أكثر فعالية. وبدأوا مؤخرا فى استخدام القنازبل الانزلاقية، التى تستخدم الجاذبية وأجهزة التوجيه الأساسية للوصول إلى أهدافها دون إحداث ضجيج، لإثبات أنهم لا يزالوا قادرين على نشر أسلحة أحد فى ساحة المعركة.
وتقول الصحيفة إن هذه الجهود تعنى أن فرصة أوكرانيا لتحقيق مكاسب كبيرة ضد القوات الروسية المستنزفة قد لا تظل مفتوحة إلى أجل غير مسمى.