كشف مصدر مسئول بملف سد النهضة، أنه سيتم البدء فى تنفيذ الدراسات الفنية للسد الشهر المقبل، بمعرفة المكتب الفرنسى "بى.آر.إل" ومساعده "أرتيليا" الفرنسى لبيان الآثار السلبية للسد على دولتى المصب "مصر والسودان" وذلك بعد سنوات من المفاوضات، بدأت فى مارس 2011 عقب ثورة 25 يناير.
ومن المقرر أن يتم عقد لقاء سداسى يضم وزراء خارجية مصر والسودان وأثيوبيا والمكتب الاستشارى الفرنسى المكلف بإعداد الدراسات الفنية مسئولون عن المكتب الفرنسى "بى. آر .إل" والمكتب المساعد "أرتيليا"، والمكتب القانونى البريطانى "كوربت"، وفور التعاقد سيتم إطلاق عمل المكتبين الاستشاريين للبدء فى تنفيذ الدراسات والانتهاء منها خلال فترة زمنية لن تزيد عن 11 شهراً.
وتحدد الدراسات الهيدروليكية والبيئية والاجتماعية والاقتصادية، كمية ملء السد بالمياه وما إذا كان سيتم ملء نصف أو كل بحيرة السد، فضلاً عن تحديد سنوات التخزين، والأعوام التى من المفترض أن يتم الملء فيها حتى لا تتأثر دولتى المصب "مصر والسودان"، وهو ما سيعتمد فى الأساس على الدراسات الفنية والعلمية مثل كمية الأمطار المتساقطة وقت التخزين الفيضان.
كما يؤكد الخبراء أن جميع المشروعات المائية تحتاج إلى دراسات تفصيلية من النواحى الهندسية والآثار البيئية التى ستنتج عن التغيرات الهيدرولوجية والموفرولوجية لمجرى النهر وتأثير المنشأ على المجتمعات المحلية.
وأكدت مصر فى ملاحظاتها فى تقرير اللجنة الثلاثية الذى صدر فى نهاية مايو 2013، أن إقامة سد النهضة على النيل الأزرق بارتفاع 145 مترا وسعة تخزينية 74 مليار م3 وتشغيله بشكل منفرد لا يراعى مصالح دول المصب سيمكن إثيوبيا من التحكم الكامل فى إيراد النيل الأزرق وما سيتبع ذلك من تأثيرات سلبية على الحصة المائية المصرية ونقص الكهرباء المولدة من السد العالى والذى يمكن أن يصل إلى حد توقف محطة توليد السد العالى تماماً لعدد من السنوات والتى تزيد فى فترات الجفاف بصورة كبيرة، وخاصة أن الدراسات الإثيوبية تقترح الملء فى فترة 6 سنوات (بغض النظر عن إيراد نهر النيل).
كما أن نقص المياه المتاحة لقطاعات الرى والزراعة والشرب فى مصر أثناء فترة الملء وخاصة فى حالة الملء أثناء فترات الفيضان تحت المتوسط أو الضعيف وهو ما له تأثيرات اجتماعية واقتصادية كبيرة قد تؤدى إلى عدم القدرة على زراعة ملايين الأفدنة وفقدان الدخل لملايين المصريين المعتمدين على الزراعة فى دخلهم السنوى، بالإضافة للتأثيرات الاقتصادية نتيجة خسارة شبكة الطاقة فى مصر لجزء كبير من الطاقة المولدة من السد العالى وهو ما يعنى أعباءً اقتصادية لتعويض هذا النقص، بالإضافة إلى أن غمر الغابات والأشجار عند ملء بحيرة سد النهضة، مما سيقلل نسبة الأكسجين المذاب والذى يؤثر على نوعية المياه المنطلقة خلف السد، وهو ما سيؤثر بشكل مباشر على نهر النيل فى السودان وليس فى مصر.
وأكد أن إعادة ملء الخزان بعد انتهاء فترة الجفاف بدون الأخذ فى الاعتبار الاحتياجات المائية لدول المصب سيكون تأثيره ربما أشد من حالة الملء الأول، لأنه بعد انتهاء فترة الجفاف يكون محتوى التخزين فى بحيرة السد العالى منخفض مما يزيد من التأثير السلبى الشديد على مصر.
كما أن نقص الطمى الوارد للسودان سيؤثر على خصوبة التربة، وبالتالى سيدفعها لاستخدام المبيدات الزراعية والمخصبات الزراعية ومع عدم وجود نظام صرف متطور جدا بشكل مباشر سيؤثر على نوعية المياه الواردة لمصر، وهو ما يعنى تدهور فى نوعية المياه المستخدمة سواء فى الزراعة أو الشرب وهو ما سيؤدى إلى تأثيرات جسيمة على صحة المصريين وما يستتبعه ذلك من آثار اجتماعية واقتصادية جسيمة.
ووقع زعماء الدول الثلاث "مصر والسودان وإثيوبيا على إعلان المبادئ منذ ما يقرب 14 شهر وتحديداً فى مارس 2015، حيث ينص هذا الإعلان فى بنده الخامس على إجراء الدراسات المطلوبة والاتفاق على نتائجها بين الدول الثلاث فى فترة لا تتجاوز خمسة عشر شهراً، وبالرغم من ذلك لم يتم البدء فى تنفيذ الدراسات الفنية التى ستوضح تأثيرات السد على دولتى المصب "مصر والسودان"، كما ينص اعلان المبادئ على التزام إثيوبيا بقواعد التخزين التى ستتفق عليها الدول الثلاث على ضوء نتائج هذه الدراسات.