صراعات وأزمات سياسية وأمنية متلاحقة عصفت بالسودان، قد يكون أخطرها التوتر التى تشهدها الساحة الداخلية الأن ولا أحد يتوقع مداها، لكنها باتت تُنذر بكارثة، قد تدفع الدولة إلى هاوية السقوط، فالمشهد الأن بات أكثر تعقيداً ما بين انفلات أمنى، وتقويض المؤسسات، وإرباك الجيش السودانى وتقويض جهوده فى السيطرة على البُؤر الملتهبة بالداخل ومُهمة ضبط الحدود.
السودان أصبح وبحق على صفيح ساخن، يتخلله حالة من الترقب الحذر، وسط تخوفات إقليمية من انعكاس تلك الأحداث على الأمن القومى ليس السودانى فحسب، أو لجيرانه الحدوديين، بل تخطت تلك المخاوف من التداعيات الأمنية للأحداث وتأثيرها على استقرار المنطقة العربية بأثرها، فى ظل حدود طويلة وممتدة بين السودان مع ليبيا وتشاد قد تجذب نشاط الجماعات المتطرفة، وبات التساؤلات الأن إلى أين ستقف تلك التداعيات؟ وماذا لو استمر الصراع؟ وماذا لو تخطت تلك الأحداث الملتهبة الحدود السودانية؟
سيناريوهات عديدة متوقعة ولكنها سيئة للغاية، فالسودان يقع فى منطقة مضطربة يحدها البحر الأحمر، ومنطقة الساحل والقرن الأفريقي، تأثر العديد من جيرانها الجغرافيين بالاضطرابات السياسية والصراعات الأخيرة، وفر منها اللاجئون السودانيون إلى دول الجوار لتزيد هذه الأعداد الفاره من القتال ملف "اللاجئين" تعقيدا.
إذا ما استمر الحال ولم يمتثل طرفى الصراع إلى النداءات الدولية بإعلاء صوت الحكمة وتغليب مصلحة السودان وشعبه ووضعه فى دائرة الاعتبار، فقد يصبح السودان بيئة خصبة جديدة للتجنيد، وسيشهد بؤر جديدة للعنف سيعانى من ويلاتها الداخل السودانى فى المقام الأول، وسيذوق مرارتها الداعمون لإطالة أمد النزاع، والمنتفعون من هذه الفوضى، وسيُصدر هذا العنف إلى دول الجوار، وتطال نيرانه دول الإقليم بأكمله.
إذا لم ينتبه طرفا الصراع لمشاهد الخراب والدمار التى لحقت بمبانى وشوارع الخرطوم ستنشط الجماعات المسلحة في الداخل السودانى والساحل الإفريقى، وغرب أفريقيا، وستتحد هذه الجماعات المسلحة إجرامية النشاط مع الأخيرة لمدها بالسلاح، وستجد تلك الجماعات عمقا استراتيجيا فى أطراف السودان المترامية، وستجد ملاذا أمنا بين أعراق السودان المختلفة والمتناحرة.
ما يحدث ينذر باندلاع نيرانًا سيُصيب شررها المنطقة بأثرها، ويولد حرائق أخرى على اتساع الرقعة الجغرافية التى تحوى بذور عنف وإرهاب، ولا أحد يمكنه التخمين من أين ستبدأ دائرة العنف؟ التى اتسع مداها بدخول السودان مرحله الفوضى.