خلاف جديد تظهر ملامحه داخل التكتل الأوروبى، مع فرض خمس دول أوروبية حظرًا على واردات الحبوب الأوكرانية الضخمة والتي تضر بالقطاع الزراعى لديها باعتبارها أرخص سعرًا ، إلا أن المفوضية الأوروبية رفضت القيود التي فرضتها بولندا وبلغاريا والمجر ورومانيا سلوفاكيا على استيراد الحبوب الأوكرانية.
تفاصيل الأزمة بدأت عقب التحرك العسكرى الروسى لأوكرانيا في فبراير العام الماضي، حين تعطلت طرق تصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، ما أدى إلى تكدس كميات كبيرة من الحبوب بلغت 20 مليون طن في موانئ البلاد، وأدى ذلك إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية على مستوى العالم، الأمر الذى أجبر الاتحاد الأوروبي في مايو الماضي على إنشاء ما عُرف بـ "ممرات التضامن" لضمان قدرة أوكرانيا على تصدير الحبوب عبر أراضي بلدان التكتل مع تعليق الرسوم الجمركية على المنتجات الأوكرانية.
وكان "الممر الأوروبي" يمثل طريقا احتياطيا للحبوب الأوكرانية المهمة للغاية للأمن الغذائي للدول الفقيرة، بعد أن واجه طريق التصدير التقليدي المتمثل في البحر الأسود اضطرابات عديدة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.
وبعد فترة وجيزة، تزايد تدفق الحبوب الأوكرانية عبر أراضي بلدان الاتحاد الأوروبي خاصة بعد أن اتهمت كييف موسكو بعرقلة تصدير الحبوب عن طريق البحر بموجب اتفاق تصدير الحبوب بوساطة أممية، الأمر الذى دفع المزارعين في بولندا إلى الاحتجاج على دخول الحبوب الأوكرانية إلى بلادهم وإغراق الأسواق المحلية بها، رغم أنه كان من المفترض أن يتم بيع هذه الحبوب خارج بلدان الاتحاد الأوروبي.
وأعلنت بولندا، أنها حظرت العديد من الواردات الزراعية من أوكرانيا، بما في ذلك تلك التي كانت متجهة في النهاية إلى دول أخرى، حتى أوائل يوليو على الأقل.
وكتب رئيس الوزراء البولندي ماتيوز موراويكي على تويتر: لن نترك المزارعين من دون مساعدة، فيما أكد وزير التنمية الاقتصادية فالديمار بودا، أن الحظر كامل، بما في ذلك العبور عبر بولندا.
وبدوره، أعلن وزير الزراعة المجري، إستفان ناجي، أن حظر بودابست واردات الحبوب والبذور الزيتية من أوكرانيا، بالإضافة إلى المنتجات الزراعية الأخرى بما فيها الفواكه والخضراوات ومنتجات الألبان ولحم البقر ولحم الخنزير والبيض، سيستمر حتى 30 يونيو.
وكانت بولندا إلى جانب دول أخرى ملاصقة لأوكرانيا هي بلغاريا ورومانيا وسلوفاكيا والمجر، بمثابة "ممر أوروبي" يسمح بنقل وتخزين حبوب أوكرانيا الرخيصة، تمهيدا لشحنها للدول المحتاجة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.
وردًا على غضب المزارعين، أعلنت بلغاريا والمجر وبولندا ورومانيا وسلوفاكيا، وهي الدول التي تحد أوكرانيا من الغرب، فرض قيود على استيراد الحبوب الأوكرانية، فانتقدت المفوضية الأوروبية هذه الخطوة، لكنها قالت إنها ستعمل على تقديم حزمة جديدة من المساعدات للمزارعين المتضررين من "ممرات التضامن" وللخروج بإجراء مشترك.
ويرى خبراء في تصريحات لدويتش فيله الألمانية، أنه في حالة فرض حظر على واردات الحبوب الأوكرانية عبر الممرات الأوروبية المؤقتة، فإن هذا سوف يؤدي إلى رفع أسعار المواد الغذائية على مستوى العالم مرة أخرى خاصة وأن صادرات أوكرانيا تمثل 10 % من صادرات القمح العالمية و15% للذرة و13ب%للشعير، بحسب بيانات المفوضية الأوروبية.
وتسبب وقف تصدير أوكرانيا للحبوب عبر البحر الأسود مع بدء الحرب في رفع أسعار المواد الغذائية إلى مستويات قياسية في فبراير العام الماضي مما تسبب في حالة ذعر حيال الأمن الغذائي العالمي.
وسارعت المفوضية الأوروبية إلى التحذير من أن القرارات التي تتعلق بالسياسة التجارية داخل التكتل يجب اتخاذها بشكل جماعي، مشددة على أن القرارات أحادية الجانب غير ممكنة، وفقًا لتصريحات المتحدث باسم المفوضية الأوروبية لوسائل الإعلام.
وفى حالة استمرار الدول الأوروبية في التعسف وفرض قيود على واردات الحبوب الأوكرانية، فإنها قد تتعرض لعقوبات بسبب انتهاكها قواعد الاتحاد الأوروبي، لكن المفوضية، التي تمثل الذراع التنفيذي للتكتل، تبدو أكثر اهتماما بالسعي لإيجاد حل، وفقًا لما نشرته الشبكة الألمانية.
ووفقًا لدويتشة فيله، فإن المفوضية الأوروبية تدرس تقديم حزمة جديدة من المساعدات بقيمة حوالي 100 مليون يورو .
وكان الاتحاد الأوروبي قد قدم حزمة دعم بقيمة 56 مليون يورو للمزارعين المتضررين، بالإضافة إلى خطط دعم على مستوى البلدان الأوروبية تم تمويلها جزئيا من خلال تدابير تخفيف قواعد المساعدات الحكومية في الاتحاد الأوروبي.
وبحسب مصادر أوروبية، فإن العمل ينصب حاليا على الخروج بإجراء مشترك من قبل الاتحاد الأوروبي بما يضمن وصول الحبوب الأوكرانية إلى الأسواق خارج الاتحاد الأوروبي كما هو مخطط.
من جانبه أقر الزراعة الأوكراني ميكولا سولسكي، بأن المزارعين البولنديين باتوا في وضع صعب، لكنه شدد على الصعاب التي تواجه قطاع الزراعة في بلاده.
وقال: نؤكد أن المزارعين الأوكرانيين يواجهون أصعب وضع في الوقت الحالي، إذ يتكبدون خسائر فادحة جراء الحرب الروسية على بلادهم. ويلقى بعضهم حتفه خلال العمل في الحقول بسبب الألغام الروسية.