تعتبر أزمة الاتجار بالبشر من أكبر الازمات التي تسبب قلق وفوضى لدى غالبية دول العالم، سيما في أوروبا وأمريكا اللاتينية ، حيث يبحث ممثلون من 23 دولة في القارتين ومنطقة بحر الكاريبى عن حلول جديدة في الوقت الذى تشهد كلا منهما أزمة هجرة غير شرعية تؤجج من الأزمة وتعيق احتواء الظاهرة.
وناقش عدد من الدول في قارتى أمريكا اللاتينية وأوروبا حجم مشكلة الاتجار بالبشر مع التركيز على سبب الحاجة الى إرادة سياسية قوية واتخاذ إجراءات للتغلب على أكبر التحديات التي تواجها القارتين، وفى مؤتمر يعقد الأسبوع المقبل سيتم عرض أمثلة على القيادة الوطنية والجهود الرائدة في مكافحة الاتجار بالبشر داخل منطقة الأمن والتعاون في أوروبا.
وأشارت صحيفة لابانجورديا الإسبانية إلى أنه بين المتحدثين الأمينة العامة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا هيلجا ماريا شميد والرئيس الحالي لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا وزير خارجية مقدونيا الشمالية بوجار عثماني والممثل الخاص لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا لمكافحة الاتجار بالبشر فاليانت ريتشي و تيريزا ماي عضو البرلمان البريطاني ورئيسة الوزراء السابقة للمملكة المتحدة.
وقالت فيليسا بيريز ، نائبة رئيس الشبكة الأيبيرية الأمريكية للمنظمات غير الحكومية التي تعمل في مجال المخدرات والإدمان (RIOD) ، لمن فورتاليزا في البرازيل، إن "السجون مليئة بالفقراء الذين يتعاطون المخدرات ويقومون بالسرقات والأمهات اللاتى ينخرطن في التجارة الغير مشروعة من أجل البقاء مع أطفال جيدين".
وأشارت إلى أن "هذه الظاهرة تجلب نفقات سخيفة ومعاناة للمجتمعات ، ولذلك فلابد من دعم الدول الأعضاء في مكافحتها لغسيل الأموال ، للكشف عن الفاعلين الحقيقيين والمستفيدين من الأعمال الغير قانونية.
وقدمت المفوضية الأوروبية، مقترحًا جديدًا يرمى إلى تعزيز قواعد منع ومكافحة أشكال الاتجار بالبشر، داعية إلى فرض عقوبات إلزامية ضد الشركات التى تشترك فى جرائم الاتجار وليس الأفراد فقط، إضافة إلى تحسين إجراءات التعرف المبكر ودعم الضحايا فى الدول الأعضاء من خلال إنشاء آلية إحالة أوروبية.
وذكرت المفوضية أن القواعد المحدثة ستشمل استهداف جميع أشكال الزواج القسري والتبني غير القانوني ما سيتطلب من الدول الأعضاء تجريم مثل هذا السلوك في قوانينها الجنائية الوطنية مثل الاتجار بالبشر أو توجيه إشارة صريحة إلى جرائم الاتجار بالبشر المرتكبة أو التي تم تسهيلها من خلال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بما في ذلك الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدة أنه سيتم فرض عقوبات إلزامية للأشخاص الاعتباريين الخاضعين للمساءلة عن جرائم الاتجار، ما يشمل استبعادهم من المنافع العامة أو إغلاق المؤسسات التي حدثت فيها جريمة الاتجار بشكل مؤقت أو دائم.
وأوضحت أن القرار يشمل تفعيل آليات الإحالة الوطنية الرسمية لتحسين التحديد المبكر والإحالة للمساعدة وتقديم الدعم للضحايا، ما سيخلق الأساس لآلية الإحالة الأوروبية عن طريق تعيين نقاط الاتصال الوطنية وجمع البيانات السنوية على مستوى الاتحاد الأوروبي حول الاتجار بالبشر التي سيتم نشرها من قبل القمر الصناعي الأوروبي الـ"يوروستات" .
وأكدت أن أكثر من 7 آلاف شخص يقعون كل عام ضحايا للاتجار بالبشر في الاتحاد الأوروبي ويمكن توقع أن يكون هذا الرقم أعلى من ذلك بكثير ، حيث لا يزال العديد من الضحايا غير مُسجلين وتبلغ التكلفة السنوية للاتجار بالبشر داخل دول الاتحاد حوالي 2.7 مليار يورو مع حقيقة أن غالبية الضحايا هم من النساء والفتيات، مع ذلك أصبحت نسبة الضحايا من الذكور آخذة في الارتفاع أيضًا، لا سيما فيما يخص أشكال الاستغلال في العمل.
أزمة الهجرة
وتعتبر الهجرة الغير شرعية أبرز أسباب زيادة الاتجار بالبشر ، حيث قالت صحيفة "الباييس" الإسبانية إن أكثر من 14 الف مهاجر وصولوا إلى الدول الأوروبية منذ بداية عام 2023 ، وهو يعنى تضاعف عدد المهاجرين الذين وصلوا فى نفس الفترة فى عام 2022 إلى ثلاثة أضعاف، ويرجع ذلك إلى موجة الهجرة المستمرة التي تقلق الدولة الأوروبية ، ولهذا السبب أقرت جيورجيا ميلونى ، رئيسة وزراء إيطاليا ، بعض الإجراءات لاحتواء هذه الظاهرة ، مثل زيادة العقوبات على من يعملون مع شبكات استغلال البشر، و الاتجار في البحر.
وحذرت السلطات الساحلية من وصول آلاف المهاجرين في الأيام الأخيرة على الساحل الإيطالي ، خاصة في جزيرة لامبيدوزا ، بعد القيام برحلات خطرة على متن قوارب في ظروف محفوفة بالمخاطر من شمال إفريقيا.
وفى إسبانيا ، وصل حوالى 400 مهاجر إلى الشواطئ الإسبانية خلال يومين فقط ، ووفقا لبيانات نشرتها وزارة الداخلية الإسبانية فى بداية شهر ابريل الجارى، فقد دخل 4287 شخصا إسبانيا بشكل غير منتظم منذ بداية العام.
وفى اليونان ، ترك قبطان قارب يقل 400 مهاجر عابراً بين اليونان ومالطا، وذلك بعد ان نفذ الوقود من السفينة وغمرت المياه سطحها السفلى ، وتحاول السلطات انقاذ المهاجرين الذين انتابهم حالة من الذعر والعديد منهم يحتاجون الى عناية طبية.
وتطالب حكومات دول الاتحاد الأوروبى بالتوصل الى حل جذرى ونهائى لأزمة الهجرة ، دعا وزير الداخلية الفرنسى ، جيرالد دارمانين ، الى نص حازم ضد الهجرة غير النظامية ، كما وعد بإعادة مشروع القانون فى غضون اسابيع ، وقال الوزير الفرنسى أنه من المهم أن يكون هناك قانون حازم ضد الهجرة غير الشرعية، مشيرا إلى أنه يمهد الطريق لمدة عام تقريبا لهذا القانون الذى كان سيشمل عنصرين رئيسيين أحدهما لتسهيل طرد الأجانب والاخر يتعلق بالاندماج ولا سيما تنظيم بعض العمال فى القطاعات المتوترة.
وسيطرت أزمة المهاجرين على اللقاء الأول بين رئيس الوزراء الإسبانى بيدرو سانتشيز ورئيسة الوزراء الايطالية جورجيا ميلونى والذى جاء ضمن الجولة الأوروبية لسانتشيز قبل تولي إسبانيا رئاسة الاتحاد الاوروبى.
واتفق الزعيمان على أن المشكلة تزداد خطورة وباتت تتطلب استجابة سريعة وحاسمة من الاتحاد الاوروبى، حيث قامت ميلونى بفرض عقوبات جديدة على المنظمات غير الحكومية التى تنقذ المهاجرين من البحر.