تكهنات عديدة أثارها إعلان روسيا أمس، الأربعاء، عن هجوم أوكرانى بمسيرات استهداف الكرملين، وسط تشكيك غربى فى حقيقية هذا الهجوم وتوعد روسيا بالرد واتهامها لواشنطن بالوقوف ورائه.
حيث قالت صحيفة ذا هيل الأمريكية إن الهجوم بمسيرات أوكرانية فوق الكرملين فى موسكو، سيؤدى على الأرجح إلى حشد جماهيرى فى روسيا، ودفع البعض للتكهن بأن يكون عملية زائفة دبرها الكرملين من أجل تعزيز الدعم قبل احتفالات يوم النصر المقررة قريبا، وهو يوم عطلة وطنية سنوية للاحتفال بهزيمة السوفييت النازيين فى الحرب العالمية الثانية.
ونقلت الصحيفة عن محللين أمريكيين قولهم إن الأمر يبدو كما لو أن بوتين وبعض أعوانه قد دبروا استفزاز مزيفا بما يسمى بالهجوم الإرهابى، والذى يمكن أن تستخدمه روسيا لإلحاق مزيد من الألم والمعاناة بأوكرانيا، أو ربما استخدامه كمبرر لمحاولة اغتيال للرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى.
وقالت بيث نوبل، أستاذ العلام فى فوردهام، ومدير مكتب CBS السابق فى موسكو، إن أوكرانيا لن تجنى شيئا من إغضاب روسيا بمحاولة اغتيال للرئيس بوتين، مشيرة إلى أن المزاعم بوجود محاولة اغتيال كانت بعيدة، نظرا لأنه من المعروف على نطاق واسع أن بوتين يقيم فى مجمع خارج موسكو.
وأشار المحللون إلى عدم وجود تحقق مستقل من الهجوم المزعوم، كما أن هناك تدقيقا أيضا حول أسباب عدم إعلان موسكو عن الحادث إلى بعد ساعات، وأسباب عدم وجود فيديو له حتى مرور بعض الوقت.
فى المقابل رأى البعض احتمالية أن تكون أوكرانيا تقف خلف الهجوم بالفعل، وقال مارك جاليتوى، أستاذ العلوم السياسية والمؤرخ ومؤلف كتاب "حروب بوتين، من الشيشان إلى أوكرانيا"، إنه يعتقد أن بوتين سيرغب فى تجنب أى فشل محرج للأمن الروسى.
وكتب فى صحيفة "ذا سبكتاتور" يقول إن روسيا تعترف بحدوث خرق صادم للأمن الروسى، مشيرا إلى أن أوكرانيا يمكن أن ترغب فى أن تثبت أن موسكو ليست آمنة قبل العيد الوطنى الروسى.
اتهمت الرئاسة الروسية، الخميس، الولايات المتحدة بالمسئولية عن الهجوم الذي استهدف الكرملين، وأشارت إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا يعتزم إلقاء كلمة أو عقد اجتماع لمجلس الأمن القومي ولا تغيير في وتيرة العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا.
وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف: إن واشنطن تقف وراء هجوم كييف على الكرملين ومحاولات الولايات المتحدة للتنصل سخيفة.
وأضاف أنه من المهم أن تدرك واشنطن "المتورطة في الهجوم على الكرملين" خطورة مثل هذا التدخل المباشر في الصراع.
وقال بيسكوف إن واقعة الطائرتين المسيرتين تتطلب تحقيقا شاملا وعاجلا ولا يمكن القول متى ستظهر النتائج، مضيفا "نعلم أن القرارات المتعلقة بهذه الأعمال الإرهابية تم اتخاذها في واشنطن وليس في كييف"، وأوضح الكرملين أن "كييف تنفذ فقط هذه القرارات".
من جانبها، قالت وكالة أسوشيتدبرس الأمريكية أن هجوم المسيرات الأوكرانية على الكرملين، سواء كان حقيقيا أم لا، قد أحدث هزة فى روسيا، مشيرة إلى أن العديد من الأسئلة لا تزال تحوم فوق المزاعم الروسية.
فلماذا لم يعلن الكرملين عن الأمر إلا بعد مرور 12 ساعة، ولماذا لم تظهر تقارير عن الانفجارات قبل الإعلان عنها على تطبيقات المراسلة، التي تظل مليئة بالثرثرة برغم ملاحقة روسيا للإعلام وانتقادات الحرب فى أوكرانيا، ولماذا لم تظهر مقاطع فيديو للهجوم المزعوم إلا بعد الإعلان عنه، ولماذا لم يتم التحقق من الصور.
وذكرت الصحيفة أن الهجوم بمسيرة على الكرملين سيكون الاختراق الأكثر خطورة للمجال الجوى الروسى منذ أن هبط المراهق الألماني ماثياس راست بطائرته ذات المحرك الواحد على حافة الميدان الأحمر عام 1987. ويخاطر الإعلان عن الهجوم، أو حتى تلفيقه، بتقويض ثقة المواطنين فى تفوق الجيش الروسى والتأكيد المستمر على ذلك.
وما يزيد من الإذلال، بحسب الوكالة، هو أن الحادث وقع قبل أقل من أسبوع على عيد النصر، وفى بعض لقطات الفيديو للهجوم، ويمكن رؤية منصات المشاهدة المزخرفة ومنصة العرض العسكرى فى الميدان الأحمر بشكل بارز.
وبالنسبة لبوتين، فإن الاعتراف بأن مسيرات أوكرانية وصلت إلى الكرملين ينكن أن يكون مبررا لتكثيف وحشى للهجمات على أوكرانيا. وطالما أصر المسئولون الروس على أن الجيش يلاحق فقط الأهداف العسكرية.
وقال الرئيس الروسى السابق ونائب رئيس مجلس الأمن الروسى ديمترى ميدفيديف إنه بعد الهجوم الإرهابى الأخير، فلا يوجد خيار آخر سوى القضاء المادى على زيلينسكى وزمرته.
بينما شبه رئيس مجلس النواب فياتيسلاف فولودين الحكومة الأوكرانية بداعش، وقال إنه سيطالب باستخدام الأسلحة القادرة على تدميرها.
وتنص العقيدة النووية لروسيا على أن موسكو يمكنها استخدام الأسلحة النووية لو تعرضت لضربة نووية أو لو واجهت هجوما بالأسلحة تقليدية يهدد وجود الدولة الروسية. وقد اتهم الغرب بوتين بالترتيب لهجوم نووي خلال حرب أوكرانيا.