فى الجلسة الافتتاحية للحوار الوطنى كان الحضور الكثيف مشهدا لافتا، تنوع من كل الاتجاهات والأجيال يمينا ويسارا، وكل التيارات والفئات التى ظهرت على مدى سنوات، تنوع فى الأعمار والاتجاهات، وهذا الحضور الكثيف بأطياف مختلفة، يشير إلى نجاح فكرة الحوار الوطنى وأنها فرصة لمناقشة وتوسيع دوائر المناقشة والمشاركة وأن هناك نية ورغبة فى أن يكون هناك حوار بين الجميع، لمناقشة خارطة المستقبل.
فى الجلسة الافتتاحية تم وضع الكثير من النقاط التى تمثل اتفاقا وتأكيدا بالجدية والتفاعل، حيث أعلن المنسق العام للحوار ضياء رشوان فى الجلسة الافتتاحية أن كل القضايا مطروحة للنقاش فى الحوار، كما قدم السيد عمرو موسى أفكارا وتساؤلات مهمة فى كلمته، تضمنت الكثير من التساؤلات المطروحة، فى السياسة والاقتصاد، والمجتمع، بما يشير إلى أنه لا حواجز أمام النقاش، غير الاستعداد للتفاعل والنقاش بما يسمح ببدائل ممكنة، ويوسع مجالات المشاركة.
هذا الحضور يشير إلى أن هناك جسورا للثقة قامت بفضل عمل لجنة العفو الرئاسية، وحل بعض النقاط السياسية، مع التأكيد على أن الحوار الوطنى أمر محلى مصرى خالص، لا علاقة له بأى تقاطعات أو محاولات لفرض وجهات نظر داخلية أو خارجية، وبالتالى فإن هذه التفاصيل مهمة لكونها تؤكد أن الحوار هو مساحة لاستيعاب الآراء المختلفة، والانتقال إلى مرحلة تمتلك فيها الدولة درجة من اللياقة يمكنها من التفاعل وفتح مجالات للنقاش، من دون شروط مسبقة، وأن يكون الحوار متسعا للكثير من الأفكار القابلة للتطبيق، وتكون كل الأفكار موضوعة فى الاعتبار.
وأهم ما يكشفه حجم التنوع فى الحضور هو وجود رغبة لدى قطاعات كثيرة للانخراط فى هذا الحوار كل بطريقته، وحتى هؤلاء الذين أبدوا رفضهم أو تحفظهم، فى الواقع لم يتوقفوا عن طرح آرائهم فى القضايا المختلفة، فى السياسة والاقتصاد والقضايا الاجتماعية، وكل هذا إيجابى يحتاج إلى البناء عليه، من خلال إتاحة الفرضة للاستماع إلى الآراء والتفاعل معها وفتح المجالات لها لكى تتخذ طريقها، بحيث يكون الجميع مستعدا للاستماع إلى غيره، جاهزا لتقبل الاختلاف فى الرأى بالقدر الذى يعلن فيه اختلافه مع آخرين، وفى نفس الوقت أن تكون التيارات والقوى المشاركة فى الحوار، منطلقة من الاقتناع أو وجهات النظر.
وهناك فرصة أمام التيارات السياسية الحزبية والشبابية والأهلية، لإدارة حوار جاءت الدعوة له من الرئيس عبدالفتاح السيسى، مما يمنحها ضمانات، وأثبتت الفترات السابقة منذ الدعوة للحوار وجود استعداد من الدولة لبناء أرضية مشتركة، وجسور ثقة تسمح بالمزيد من التوسع فى هذا الحوار، بما يمهد الأرض لتوسيع مساحات التفاهم حول الحاضر والمستقبل، خاصة أن الدولة المصرية بلغت الآن درجة من اللياقة السياسية تضاعف من حجم الثقة والاطمئنان، والشعب المصرى لديه حواسه القادرة على الفرز والتفاعل، هذه الثقة تكونت بناءً على تجارب واضحة ونتائج على الأرض، الدولة أكثر استقرارا، وقطعت شوطا مهما فى إنجاز الكثير من الملفات الصعبة، وهناك تساؤلات مطروحة حول الخطوات المقبلة، والتصور العام للعمل العام والسياسى ومواقف التيارات المختلفة.
والحوارات والمناقشات تعكس حالة من الحيوية بين الدولة والمجتمع، بما يسمح بالمزيد من إدارة التنوع سياسيا ومجتمعيا، وبعد هزيمة الإرهاب، والوصول إلى الاستقرار، فإن هذا يسمح بإدارة التنوع والإجابة عن تفاصيل مطروحة وأسئلة، وعلى مدى سنوات خسر الذين راهنوا على الخارج، فى قضايا حقوق الإنسان أو العمل السياسى، هناك فرصة، تحتاج كل الأطراف الى استغلالها، واضعين فى اعتبارهم تجربة سنوات سابقة تكشف أن الحوار وتوسيع المشاركة وإدارة التنوع هى البديل الأفضل للمستقبل.