ثلاث رسائل حاسمة، وجهها البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية فى عظته أمس للأقباط وللرئيس وللشعب المصرى كله، بعدما صمت طويلًا على تكرار أحداث العنف الدينى فى المنيا.
الرسالة الأولى "كل يغضب على طريقته وأفضل الاعتكاف وليس الصلاة"
غضب الأقباط لتكرار حوادث العنف الدينى فى المنيا، البابا أيضًا يغضب كرجل فى موقع المسئولية وأب روحى للقبط فى عموم مصر يؤذيه ما يطالهم، أمامه طريقين لا ثالث لهما، يخرج عن صمت الباباوات الوقور فيحشد خلفه الجماهير ونسقط فى بئر الطائفية البغيض وإما أن يهدأ شعبه ويفتح طريقًا للحوار مع الدولة التى شكل برلمانها المنتخب لجنة لتقصى الحقائق لتكشف ما يجرى فى المنيا.
وعلى العكس من البابا شنودة الذى كان يفضل الاعتكاف فى الدير قرر البابا تواضروس إلغاء عظته الأسبوعية وتحويلها إلى اجتماع للصلاة من أجل مصر.
طريقة البابا تواضروس تختلف كثيرًا عن طريقة سلفه البابا شنودة، البابا شنودة غضب كثيرًا فإنه يفضل الاعتكاف فى قلايته بدير الأنبا بيشوى بوادى النطرون، حيث أسس مقرًا باباويًا هناك قضى فيه فترة اعتقاله أيام السادات، وظل يتردد عليه طوال عصر مبارك كراهب لا ينسى أبدًا حياة العزلة حتى وإن كانت سلاحًا يشهره البابا للضغط على النظام، استخدمه 6 مرات فى حوادث شهيرة أولها الخانكة فى عصر السادات ثم الاعتداء على كنيسة نجع حمادى مرورا بأزمة وفاء قسطنطين وحتى أحداث القديسين.
ويفسر كمال زاخر مؤسس التيار العلمانى، اعتكافات البابا شنودة فيقول إن الغرب يعتبر الاعتكاف نوعا من العصيان المدنى لذلك فإن البابا تواضروس رفض اللجوء إلى تلك الآلية فى لحظة تشهد فيها مصر تربص دولى وإقليمى كبير.
الرسالة الثانية: الكنيسة بعيدة عن السياسة ولن تتورط فيها
رفض البابا تواضروس الاستجابة لغضب الشباب القبطى طوال الأسبوع الماضى الذى طالبه بالكلام أو الرد ففضل الصمت حين كان عليه أن يتكلم، وهو ما يقرأه المفكر القبطى كمال زاخر المهتم بالشأن الكنسى فيرى أن البابا تواضروس أكد للأقباط أن الكنيسة لها أدواتها التى تختلف عن أدوات السياسة وهى الصلاة وليس الخطب والحشد والتصريحات الإعلامية، مؤكدًا أن ما فعله البابا يؤسس للفصل بين الكنيسة والسياسة وهو مما يبرر حالة صمت البابا الطويلة التى اعقبت أحداث الدنيا لدرجة تذمر شباب الاقباط من هذا الصمت مدفوعين بالمقارنة بين البابا تواضروس والبابا شنودة.
الرسالة الثالثة: الحكومة تتحمل مسئولياتها ولا ننتظر تدخلا رئاسيا
البابا أيضًا، قال فى عظته الأسبوعية إنه التقى رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل أمس الأول لوضع حلول للمشكلات الطائفية التى تواجهها البلاد خاصة فى محافظة المنيا واصفًا الأحداث الطائفية بالمؤلمة وذلك فى التى قرر تحويلها لاجتماع للصلاة من أجل مصر.
وقال: نحن نفكر كيف تتم عمليات تنفيذ القانون وكيف نخصص السلام والهدوء في بلادنا لذا تمَّ تخصيص الاجتماع للصلاة من أجل كل أسرة مصرية مجروحة في الوطن والكنيسة والأسر التي تعرضت للاعتداء وأن تعود الروح المصرية التى عشنا فيها سابقًا ونرفع قلوبنا من أجل كل تلك الأمور".
زاخر يقرأ تصريحات البابا تواضروس فيقول إنه أعلن عن لقائه برئيس الوزراء لكى يقوم بمسئولياته كرئيس للحكومة التى يتبعها محافظ المنيا وقياداتها الأمنية المتهمة بالتقصير وذلك من أجل تطبيق القانون دون الحاجة إلى تدخل الرئيس الذى يعنى ظهوره فى المشهد تحول القضية من القانونى إلى السياسى بما يملكه رئيس الدولة من إجراءات استثنائية قد يلجأ لتطبيقها فى حالة عجز الحكومة عن الحل مؤكدًا أن رسالة البابا كانت واضحة لشعبه ومفادها "نحن مواطنون مصريون نخضع للقانون وللحكومة ولا ننتظر قرارات استثنائية لإنقاذنا".
كانت محافظة المنيا قد شهدت هذا الشهر أربعة أحداث عنف دينى بدأت بتعرية سيدة الكرم مرورا بحرق منازل أقباط فى قرية كوم اللوف بسمالوط ، ثم حرق منازل أخرى فى قرية أبو يعقوب وصولًا إلى قتل قبطى فى اعتداء بالأسلحة البيضاء بقرية طهنة الجبل وحتى الاشتباكات التى وقعت أمس الأول بقرية ادمو بمركز المنيا وجرى التصالح فيها.