أشاد وزير الخارجية سامح شكرى رئيس الدورة 159 لمجلس الجامعة العربية بالاستجابة السريعة والواسعة من الدول العربية للدعوة التى وجهتها جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية لعقد هذه الدورة غير العادية للمجلس الوزارى للجامعة العربية، والتى تأتى فى أعقاب اجتماعين للجامعة على مستوى المندوبين الدائمين منذ اندلاع الأزمة الأخيرة فى السودان الشقيق، بما يؤكد عمق الاهتمام العربى بالتطورات الجارية هناك وتوافق الإرادة على أهمية تكثيف الجهود العربية لوضع حد لتفاقم تلك الازمة، جاء ذلك خلال كلمته أمام مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزارى فى الاجتماع الاستثنائى لمجلس الجامعة لمناقشة تطورات الوضع فى السودان.
أعرب وزير الخارجية عن تضامن مصر التام والكامل مع الشعب السودانى الشقيق فى أزمته الحالية، والتى تفاقم من الأزمات المركبة والمتتالية التى يعانى منها السودان على مدار سنوات عدة، مؤكدا استعداد مصر الدائم لتقديم كافة أوجه الدعم للخروج من الازمة الراهنة، والعودة بالسودان إلى مسار التهدئة والحوار السلمى، حقنا لدماء الشعب السودانى، مؤكدا قلق مصر العميق من استمرار المواجهات المسلحة والخرق المتكرر لإعلانات وقف إطلاق النار المتتالية على النحو الذى يهدد بتدهور متسارع للأوضاع المعيشية الصعبة فى السودان، الأمر الذى يعلى من أهمية تضافر كافة الجهود العربية فى سبيل إعلاء مصلحة الشعب السودانى ووقف الأعمال العدائية والمسلحة الجارية، واللجوء إلى الحوار لمعالجة جذور الأزمة وحل الخلافات التى ساهمت فى اندلاع الاشتباكات.
وأشار "شكرى" إلى أن مصر بما لديها من تاريخ وروابط سياسية واقتصادية وإنسانية متجذرة مع السودان حريصة كل الحرص على حقن دماء الشعب السودانى، وعودة الاستقرار والهدوء له وتدعم كافة الجهود اللازمة لإيجاد حل سودانى مدعوم عربياً، يضمن الاحترام الكامل لسيادة السودان ووحدة وسلامة أراضيه، وعدم التدخل فى شئونه الداخلية، والتعامل مع أزمته الحالية باعتبارها شأناً داخلياً سودانياً، وضرورة أن تتسم أية عملية سياسية فى السودان بالشمول فى تناول الملفات الشائكة والمتشابكة.
شدد وزير الخارجية على أن مصر تؤكد وجوب الحفاظ على تماسك مؤسسات الدولة فى السودان وعدم تعرضها لخطر الانهيار، والحيلولة دون أى تدخل خارجى فى الشأن السودانى تجنباً لتأجيج الصراع وتهديد السلم والأمن الإقليميين، وبحيث نتجنب جميعاً، داخلياً فى السودان، وكذلك اقليميا ودوليا، تكرار معاناة التجارب المزعزعة للاستقرار والسلم والأمن التى شهدناها ولا نزال فى دول المنطقة.
أشار وزير الخارجية إلى قيام مصر بجهود حثيثة واتصالات مكثفة مع كافة الأطراف الفاعلة السودانية والإقليمية والدولية على مستوى كل من مسئولى الدول والمنظمات، للتباحث حول سبل الخروج من الأزمة الحالية، كان آخرها الاتصال مع الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السودانى الانتقالى، والفريق أول محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع لمساعدة السودان فى الخروج من محنته، وتوفير البيئة الملائمة لحل الخلافات من خلال الحوار.
كشف وزير الخارجية عن استقبال مصر بكل ترحاب منذ بداية الأزمة أكثر من 57 ألفاً من الاشقاء السودانيين، فضلا عن مساهمتها فى إجلاء أكثر من أربعة الاف مواطن أجنبى فضلاً عن الرعايا المصريين بما يتجاوز ستة آلاف، الأمر الذى يعكس جانباً هاماً من جوانب الأزمة وآثارها الإنسانية المرشحة للتفاقم حال استمرار التردى فى الأوضاع فى السودان الشقيق. لذا فإننى من هذا المنبر، مجددا التشديد على ضرورة الوقف الفورى والعام والشامل لأطلاق النار فى السودان، وضمان الالتزام به، وبما لا يقتصر هدفه على الأغراض الإنسانية وذلك حقنا للدماء السودانية وحفاظا على أمن وسلامة المدنيين ومقدرات الشعب السودانى الشقيق. كما أؤكد أن دقة وخطورة الوضع الحالى فى السودان، وما قد يكون له من تداعيات إقليمية، يحتم على كافة الأطراف الإقليمية والدولية، وفى مقدمتها دولنا العربية، أن توحد جهودها ومساعيها لمنح الثقل المطلوب للتحرك الجماعى الذى من شأنه التأثير على الأطراف المتنازعة وحثها على وقف أعمال الاعتداء والاشتباكات العسكرية، بما يكفل العودة إلى الحوار السياسى فى السودان، وتجنب الانزلاق إلى وضع أمنى أكثر سوءا وأشد خطورة على السودان وشعبه، وعلى دول جواره ومحيطه الإقليمى.
ثمن وزير الخارجية جهود الأمانة العامة والدول الأعضاء، مجددا الإعراب عن ثقة مصر فى أن هذا الاجتماع سيخرج بخطوات عملية تحمل بصمات إيجابية على مسار العمل العربى المشترك، بما يرقى إلى تطلعات الشارع العربى فى مواجهة تحديات الازمة السودانية الحالية.