حالة من القلق انتابت الأوساط السياسية فى الولايات المتحدة، وأماكن كثيرة حول العالم، من المخاطر التى باتت تهدد الانتخابات والحملات الانتخابية فيها بسبب الذكاء الاصطناعى. ومع اقتراب سباق الرئاسة الأمريكى القادم، المقرر العام المقبل، تكتسب هذه التحذيرات زخما واهتماما كبيرين، خاصة وأن قضية تضليل الناخبين مطروحة بالفعل فى الولايات المتحدة فى السنوات الأخيرة.
ورصدت وكالة أسوشيتدبرس الأمريكية تحذير علماء سياسة وخبراء تقنيين من المخاطر التى يمثلهاالذكاء الاصطناعىعلى الانتخابات والحملات الانتخابية.
وقالت الوكالة فى تقرير لها أن طالما كان هناك تحذير من أن أدوات الذكاء الاصطناعى القوية والرخيصة يمكن أن تسمح لأى شخص قريبا باختلاق صور غير حقيقية ومقاطعة مصورة وصوتية تبدو حقيقية بما يكفى لخداع الناخبين، وربما التأثير على أى انتخابات. وكانت الصور المركبة التى ظهرت حتى وقت قريب غير مقنعة وإنتاجها مكلف، خاصة فى الوقت الذى توجد فيه أنواع أخرى من المعلومات المضللة غير المكلفة، والتى يسهل نشرها عبر السوشيال ميديا. وهذا التهديد الذى مثله ما يعرف بالتزوير العميق عبر الذكاء الاصطناعى أو الديب فيكDeep Fake، بدا دائما على بعد عام أو عامين. لكن الأمر لم يعد كذلك.
فأصبح بإمكان أدوات الذكاء الاصطناعى المتطورة أن تنتج الآن أصوات بشرية مستنسخة وصور ومقاطع صوتية وأخرى مصورة تبدو حقيقية للغاية، وذلك خلال ثوان، وبتكلفة بسيطة. ويمكن أن ينتشر هذا المحتوى بسرعة وقوة على السوشيال ميديا إلى جمهور منتقى بعناية شديدة، الأمر الذى يمكن أن يدفع الألعاب الانتخابية (القذرة) إلى مستوى جديد، وفقا لتقرير.
وأوضح تقرير أسوشيتدبرس أن تداهيات هذا الأمر على انتخابات 2024 وما يسبقها من حملا ت كبيرة بقدر ما هى مؤرقة، فالذكاء الاصطناعى يمكنه ليس فقط إنتاج رسائل بريد إلكترونى مستهدفة من الحملات أو نصوص أو مقاطع فيديو، لكن يمكن أيضا استخدامها فىتضليل الناخبينوانتحال صفات مرشحين، وتقويض الانتخابات على نطاق وبسرعة لم يشهدهما أحد من قبل.
وحذر أيه جيه ناش، نائب رئيس الاستخبارات فى شركة الأمن الإلكترونى زيرو فوكس، من أنهم غير مستعدين لذلك الأمر، وقال أن أكثر ما يقلقه هو قدرات الصوت والصورة التى ظهرت، فعندما يكون هناك إمكانية للقيام بذلك على نطاق واسع وتوزيعه على منصات السوشيال ميديا، فإن الأمر سيكون له تأثير كبير.
وعدّد خبراء الذكاء الاصطناعى السيناريوهات المقلقة التى يمكن فيها استخدام التكنولوجيا لإنشاء مواد إعلامية حقيقية بهدف تضليل الناخبين أو الافتراء على أحد المرشحين أو حتى التحريض على العنف.
ومن بين هذه السيناريوهات الرسائل الروبوتية بصوت المرشح توجه الناخبين للإدلاء بأصواتهم فى موعد خطأ، تسجيلات صوتية لمرشح يعبر فيها عن آراء عنصرية مثلا أو يعترف بجريمة، أو لقطات مصورة تظهر شخصا يلقى خطابا أو يجرى مقابلة لم يقم بها على الإطلاق. أو صور مزيفة هدفها أن تبدو أشبه تقارير الإعلام المحلية والتى تزعم خروج مرشح ما من السباق.
وقال أورين إيتزيونى، الرئيس التنفيذى المؤسس لمعد ألين للذكاء الاصطناعى، والذى تنحى العام الماضى لبدء منظمته غير اللاربحيةAI2: ماذا لو قام إيلون ماسك بمهاتفتك شخصيا وطلب منك أن تصوت لصالح مرشح ما.. سيستمع إليه كثيرون، لكن هذا ليس إيلون ماسك؟.
وسبق أن شارك الرئيس السابق دونالد ترامب، الذى يخوض سباق 2024، عبر السوشيال ميديا محتوى تم إنشائه باستخدام الذكاء الاصطناعى، من بينه مقطع فيديو تم التلاعب به لمذيع سى إن إن أندرسون كوبر، نشره ترامب على منصته تروث سوشيال يوم الجمعة، والذى شوه رد فعل كوبر على حوار ترامب المفتوح مع سى إن إن الأسبوع الماضى، وذلك باستخدام أداة استنساخ صوتى بالذكاء الاصطناعى.