قالت صحيفة الإكونوميست فى افتتاحيتها بعددها ليوم الجمعة، إنه على أصدقاء تركيا فى الغرب إقناع الرئيس رجب طيب أردوغان بضبط النفس واحترام القانون إزاء إجراءاته الواسعة والعميقة ضد مختلف الشرائح فى الدولة التركية فى أعقاب تحرك الجيش، مضيفة أنه بالرغم من أنه يمتلك العديد من أوراق اللعبة لأنه حليف للغرب ضد داعش ويتحكم فى الطرق الجنوبية الشرقية المؤدية لأوروبا المهمة، لأنه من خلالها تتزود القارة بالغاز الطبيعى الذى تحتاجه ويمنع اللاجئين السوريين من التسلل لحدودها، إلا أنه ليس بمنأى عن الضغوط، فقبل تحرك الجيش بأيام قام بمحاولات لرأب الصدع بينه وبين إسرائيل وروسيا.
أردوغان ينقلب على التعددية التركية
وقالت الصحيفة البريطانية إن أردوغان يدمر الديمقراطية، فقد أعلن حالة الطوارئ لثلاثة أشهر، واعتقل 6 آلاف جندى وآلاف آخرين من الشرطة والقضاة ووكلاء النيابة وأساتذة الجامعة والمدرسين والموظفين الحكوميين، بالإضافة إلى شعور الأكراد والعلمانيين والأقليات الأخرى بالخوف بسبب وجود الموالين لأردوغان فى الشوارع.
وأضافت الصحيفة أن عملية التصفية أثرت على 60 ألف شخص على الأقل لدرجة أن البعض يقارنها بتصفية الولايات المتحدة للبعثيين فى العراق، فالأمر يتعدى الحاجة إلى الحفاظ على أمن الدولة، فأردوغان يخلط بين المعارضة والخيانة ويقوم هو بالانقلاب على التعددية التركية، وبهذا يقود بلاده إلى المزيد من الصراعات والفوضى مما يؤثر على جيران تركيا وأوروبا والغرب.
"السلطان المنتقم"
وأما الاقتصاد التركى، وهو أهم نجاحات أردوغان على حد قول الإكونوميست، فهو فى أضعف حالاته لأنه لم يعد السائحين يقصدون تركيا مما يعنى أن العجز فى ميزانية البلاد سيزداد، ولكى تحصل تركيا على الاستثمارات الأجنبية والقروض التى تحتاجها فعليها إقناع الأجانب بأنها مستقرة، وهو هدف صعب مع تصرفات "السلطان المنتقم" التى يتبعها أردوغان.
وأضافت الصحيفة أن تركيا تواجه "تمردًا من الأكراد ومن الجهاديين"، وأن عواقب تحرك الجيش ستمدد لفترة طويلة لأن الجيش التركى قام بقتل العديد من الأكراد، وفقد مصداقيته بعد تحركه الأخير، وأضعف من قدرته على حماية الحدود ومحاربة الإرهابيين، وهز حلف شمال الأطلسى وأطلق العنان "لرئيس استبدادى".
أردوغان يغض الطرف عن أن نصف الشعب فقط صوت له
وكانت تركيا تقوم بدور الحصن للغرب ضد الاتحاد السوفييتى ثم ضد الفوضى فى الشرق الأوسط، وكانت حكومة حزب العدالة والتنمية نموذجا لحكومة ديمقراطية إسلامية مستقرة ومنتعشة فى بداية سنواتها، ولكن بعد مظاهرات ميدان تقسيم فى 2013 وفضيحة فساد كبرى أصبح أردوغان أكثر استبدادا بسجنه للصحفيين وتصفيته لضباط بصفوف الجيش وتخويفه للقضاء باسم "اقتلاع الدولة الموازية"، على حد الإكونوميست.
وأخيرًا تغاضى أردوغان عن مرور الإرهابيين لسوريا عبر تركيا، كما يريد دستورًا جديدًا ليكون رئيس تنفيذى وكأنه بحاجة لصلاحيات أكثر مما يمتلكه، ويظن أنه بالرغم من أن نصف الأتراك فقط صوتوا له، فبإمكانه القيام بما يشاء، بحسب الإكونوميست.
وبعد الاضطرابات الأخيرة يشعر حلف شمال الأطلسى "الناتو" بالقلق، ولو كانت تركيا تطالب بالانضمام للناتو اليوم لكان من الصعب قبولها، وبالرغم من ذلك فإن التحالف قد يطرد أى عضو أن عصفت به المشاكل، طبقًا الصحيفة.
التعذيب فى تركيا
أعربت أن هنا، وهى ناشطة فى منظمة "الحرية من التعذيب" البريطانية، فى مقال لها بالإندبندنت إنها "شعرت بالصدمة" حيال عدم تطرق بيان وزير الخارجية جون كيرى والممثل الأعلى للاتحاد الأوروبى للشئون الخارجية فيديريكا موجرينى الأخير لمسألة التعذيب فى تركيا، قائلة أن "الصمت المقيت" يحيط بالتعذيب فى تركيا فى أعقاب تحرك الجيش، كما إنه كان يُمارس قبله.
كما انتقدت البيان لعدم طرحه سوء معاملة من يتم القبض عليهم أو إلغاء اتفاقية اللاجئين بين تركيا والاتحاد الأوروبى، داعية تركيا لاحترام القانون وهى تتعامل مع مدبرى تحرك الجيش بما أنها أحد الموقعين على اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، مضيفة أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان وجدت خروقات تركية للاتفاقية.
وأبرزت الناشطة قلقها من إعفاء آلاف القضاة من مناصبهم بسبب انعدام فرصة فرض الحماية الضعيفة بالأساس على المعتقلين، قائلة أن بعض الأتراك طلبوا اللجوء لبريطانيا بسبب التعذيب وإن تركيا كانت دائمًا واحدة من أكثر 10 دول تأتى منها هذه الطلبات ولكنها احتلت الممركز الخامس العام الماضى.
ويقول الأطباء فى المنظمة إنه فى خلال الـ25 عاما الماضية تعرض بعض الرجال والنساء الأتراك للضرب والصعق والاغتصاب والتعذيب الجنسى للرجال والنساء أثناء استجواب الجهات الأمنية التركية لهم، غالبًا على خلفية أنشطتهم السياسية.