قالت صحيفة نيويورك تايمز إنه فى الوقت الذى لا يزال فيه المفاوضات حول سقف الديون مستمرة فى واشنطن، مع اقتراب الموعد الذى قد تضطر فيه الحكومة الأمريكية على التوقف عن دفع فواتيرها، فإن جميع المعنيين يحذرون من أن التخلف عن سداد الدين يمكن أن يكون له عواقب كارثية. لكن ربما لن يتوقف الضرر الذى سيلحق بالاقتصاد الأمريكي على التخلف الفعلى عن السداد.
فحتى لو التوصل إلى اتفاق قبل اللحظة الأخيرة، فإن حالة الشكوك الطويلة يمكن أن تؤدى إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض وتقوض استقرار الأسواق المالية المهزوزة بالفعل. ويمكن أن تؤدى إلى تراجع فى الاستثمار أو التوظيف من قبل الشركات عندما يواجه الاقتصاد الأمريكى مخاطر متزايدة بحدوث ركود، والعجز عن تمويل مشروعات عامة.
وعلى نطاق أوسع، فإن المواجهة يمكن أن تقلص الثقة فى استقرار النظام المالى الأمريكي وسيكون لها آثار دائمة. فى الوقت الراهن، لا يبدى المستثمرون إشارات كبيرة على القلق.
وعلى الرغم من تراجع الأسواق يوم الجمعة بعد أن أعلن اقادة الجمهوريين فى الكونجرس توقف فى المفاوضات، فإن التراجع كان بسيطا، مما يشير إلى أن المتداولين يراهنون على أن الحزبين سيتوصلون إلى اتفاق فى النهاية، مثلما حدث دائما من قبل.
إلا أن شعور المستثمرين قد يتغير سريعا مع حلول ما يسمى بالموعد إكس، عندما يقترب الوقت الذى لا تصبح وزار الخزانة قادرة على دفع فواتير الحكومة. وكانت وزيرة الخزانة جانيت يلين قد قالت إن هذا الوقت يمكن أن يكون مبكرا بحلول الأول من يونيو القادم.
وهناك شيئا قد حدث بالفعل، فمع خشية المستثمرين من تخلف الحكومة الفيدرالية عن سداد ديونها من سندات الخزانة، فقد بدأوا يطالبوا بمعدلات فائدة أعلى تعويضا عن الخطر الأكبر.
ولو فقد المستثمرون الثقة فى أن القادة بواشنطن قادرون على حل المواجهة، فقد يصيبهم حالة من الذكر، وفقا لروبرت ألميديا، الخبير الاستراتيجي فى الاستثمار العالمى فى شركة إدارة الاستثمارات MFS.
وأشار ألميديا إلى أن التحفيز يتلاشى الآن، والنمو بطئ، فيبدأ الجميع فى رؤية كل المشكلات الصغيرة، وهو ما يجعله الموقف الصعب بالفعل أكثر ضغطا. وعندما يتحرك القطيع، فإنه يميل إلى التحرك بطريقة سريعة حقا وعنيفة.
وهذا ما حدث خلال المواجهة الخاصة بسقف الديون عام 2011. فقد أظهرت التحليلات بعد ان فترة كانت فيها الولايات المتحدة على وشك التخلف عن السداد، أن تراجع سوق الأسهم تسبب فى تبخر 2.4 تريليون دولار من ثروة الأسر، وهو ما استغرق وقتا لإعادة بناء وكلف دافعى الضرائب مليارات من المدفوعات مرتفعة الفائدة. والآن، فإن الدين أعلى ثمنا، والقطاع المصرفى يعانى من هزة بالفعل، كما أن التوسع الاقتصادى يتراجع.
ويقول راندال إس كروسنز، الخبير الاقتصادى فى جامعة شيكاغو، والمسئول السابق الاحتياطى الفيدرالي، عن الموقف عام 2011 كان صعبا للغاية، فقد كان هناك حالة تعافى من الأزمة المالية العالمية. لكن فى الوقت الراهن،، حيث يوجد الكثير من الهشاشة فى النظام المصرفي، فإن هناك مزيد من المخاطر. وتتراكم هشاشة فوق أخرى. ويكن ان يسبب التوتر المتزايد مزيدا من المشكلات عبر عدد من القنوات.
يأتى هذا فى الوقت الذى لا تزال فيه المفاوضات معلقة بين الجمهوريين والديمقراطيين من أجل التوصل إلى اتفاق لرفع سقف الديون، بما يسمح للحكومة بمواصلة الاقتراض.
وسيجرى الرئيس بايدن عقب عودته مع هيروشيما محادثات مع رئيس مجلس النواب كيفين مكارثى، وأطلع الرئيس الأمريكي على تحديث من فريقه خلال الساعات الماضية حول وضع المفاوضات المتعلقة برفع سقف الديون.
وكان مكارثى قد قال إن البيت الأبيض تراجع، ولا يعتقد أنهم سيمضون قدما فى المحادثات لحين عودة الرئيس بايدن إلى البلاد.
ورد البيت الأبيض ببيان قالت عنه صحيفة ذا هيل إنه قلب الطاولة على مكارثى بالقول أن فريق رئيس مجلس النواب وضع على الطاولة عرضا كان خطو كبيرة للوراء، واحتوى مجموعة من المطالب الحزبية المتشددة التي لا يمكن تمريرها أبدا من مجلسى الكونجرس.
وتابع البيان: للتوضيح، فإن فريق الرئيس مستعد للاجتماع فى أي وقت، ودعونا نكون جادين بشأن ما يمكن أن يمر بطريقة غير حزبية، ويصل إلى مكتب الرئيس ويقلل العجز واتهم البيان القيادة الجمهورية التي تدين بالفضل لجناحها المتشدد، بتهديد البلاد بالتخلف عن سداد الديون لأول مرة فى تاريخها ما لم يتم تحقيق مطالب حزبية.