بالصور.."انفراد" فى أرض الغموض.. "التبت"سقف العالم والأساطير البوذية.. قصر بوتالا شاهد على حكم الدلاى لاما.. المنطقة مليئة بالمعابد البوذية ويسكنها المسلمون.. والمحافظ:لا نطبق سياسة الطفل الواحد

انخفاض فى الضغط، وقلة فى الأوكسجين، هذا ما واجهنا فى مقاطعة التبت فى جمهورية الصين الشعبية، التى وصل ارتفاعها عن سطح البحر إلى 4900 متر، والتى استغرقت الرحلة خمس ساعات من العاصمة الصينية بكين بالطائرة، للوصول إلى مدينة "لاسا"، عاصمة مقاطعة التبت، التى سميت بـ"سقف العالم".

حرص "انفراد"، على زيارة المكان الغامض، لكشف الأساطير التى تختلط بالبعد الدينى والروحى والقومى لهذه المنطقة التاريخية، حيث تحتوى هذه المنطقة التاريخية على الكثير من المعابد البوذية، وقصر البوتالا المصنف من أعلى المعابد فى العالم.

أسرار هضبة التبت منطقة ساحرة تقع أقصى جنوب غرب الصين، تسمى بسقف العالم، وهى منطقة خاصة بظروفها الجغرافية الفريدة، وتقاليدها الثقافية والبوذية التبتية الفريدة مما منحها قوة ساحرة خاصة، حيث عاش الإنسان فيها من أكثر 4000 عام، فى مدنية لاسا المدينة الثقافية المشهورة التى يعود تاريخها إلى ما قبل 1300 عام.

وتبلغ مساحة المنطقة الذاتية الحكم 1.2 مليون كليومتر مربع، وتعتبر أعلى هضبة بالعالم وتمسى مع القطب الجنوبى والشمالى، وتدخل هى ضمن "الأقطاب الثلاثة للكرة الأرضية"، حيث سيطر على التبت فى عصور ما قبل التاريخ ديانات العرافين أو ما يسمى بالشامانية، ومن هذه الديانات ولدت البون وهى ديانة محلية خاصة بالمنطقة وتستمر بعض من أشكالها حتى هذا اليوم، كم استقبلت منطقة التبت معلمى الديانة البوذية من الهند، ووصلت إلى ذروة الازدهار فى القرن الخامس عشر، حيث تنوعت المسرحيات والأغانى والرقصات ونما علم الطب التبتى وعلم الفلك والحساب.

ووقعت التبت تحت الحكم الصينى منذ عام 1959، ودخل الإسلام إلى المنطقة عن طريق فارس وتركستان، وظل عدد كبير من المسلمين فى المنطقة يعملون فى مجال التجارة، وبنوا المساجد والمدارس وعاشوا حياتهم بكامل حريتهم.

التنمية السياحية فى المنطقة قابلنا المسئولين عن الحكومة والذين أكدوا، أن هناك خطة للسياحة فى المنطقة بدعم من مصلحة الدولة للسياحة وبرنامج التنمية التابع للأمم المتحدة والمنظمة العالمية للسياحة، حيث وضعت هيئة السياحة فى التبت أنواعًا مختلفة من البرامج السياحية، وهى تسلق الجبال والمغامرات فى الأنهار والتزحلق على الثلوج والسيارات والدراجات والبالونات وركوب الخيل وتجديف القوارب، والاستحمام فى العيون الساخنة والتمتع بأشعة الشمس.

وأضاف المسئولون، أن هناك فرقًا كبيرًا بين التبت القديمة والحديثة، حيث إنه منذ أكثر من 50 عامًا وتشهد المنطقة معدلات تنمية عالية، وهناك شبكة حديثة للطرق المهمدة، ويتم العمل على إتمام خط السك الحديدة الذى سيسهل التواصل كثيرة داخل صعوبة الطبيعة، إضافة إلى أنه تم إنشاء 5 مطارات فى التبت، منها 2 فى العاصمة لاسا.

التعليم المجانى وأضاف المحافظ، أن المواطنين يتمتعون بكامل حريتهم فى التعليم المجانى حتى سن الــ18 عامًا، والتأمين الصحى لكامل السكان، ومع توفير الكهرباء والماء النظيفة فى المنطقة بالمجان، دون تحميل المواطنين البسطاء التكلفة، وأن منطقة التبت لا تطبق سياسة الطفل الواحد، وترك الحرية لأسرة فى الإنجاب.

مظاهر التعبد على جبال التبت خلال تجولنا داخل منطقة التبت وجدنا أعلامًا صغيرة ملونة تشبه زينة رمضان التى يستخدمها المصريون للتعبير عن احتفالهم بقدوم رمضان، ولكن يتم تعليقها على الجبال فى أشكال مبهر، وعند سؤالنا للمرشد السياحى، أكد أن هذه الأعلام إحدى أنواع التعبد للسكان التبت، فهى تربط بين قمم الجبال، وتزين الصخور الكبيرة، وتصل بين الأشجار العالية، وتجدها على جسور الأنهار، وكبارى السيارات فى وسط المدينة، بألوان زاهية جدًا منها الأحمر والأصفر والأخضر وغيرها من الألوان.

وأضاف المرشد السياحى، أنه استكمال للصلوات، وتعتبر جزءًا أساسيًا من الصلاة، فكل شخص يحاول أن يضعها فى أعلى مكان يمكن أن يصل إليه، لذلك لا يمسها أحد، ولا يقترب منها حتى الأطفال.

قصر البوتالا وأسراره يرجع تاريخ بناء القصر إلى أكثر من 1300 عام، حيث تأسس فى القرن السابع، ويرتفع قصر بوتالا أكثر من 3700 متر عن سطح البحر، وطوله من الشرق إلى الغرب 360 مترًا، وعرضه من الجنوب إلى الشمال 270 مترًا، بينما يرتفع المبنى الرئيسى لقصر بوتالا حوالى 117 مترًا من 13 طابقًا، ويقع قصر بوتالا على بعد 130 مترًا فوق وادى لاسا، ويرتفع حوالى 170 مترًا فهو أعظم بنية أثرية فى العالم، تجمع القصور والقلاع والمعابد، حسب ما قالت المرشدة السياحية.

ويضم قصر بوتالا مجموعة رائعة من القصور على شكل القلعة، ليقع قصر بوتالا على قمة جبل هونغشان، وبدأ بناء القصر الحالى فى عام 1645 م فى عهد "الدالاى لاما" 5 وفى عام 1648 تم الانتهاء القصر الملقب بالقصر الأبيض، حيث بقى قصر بوتالا مقر لإقامة الدالاى لاما حتى فر الدالاى لاما إلى الهند، بعد الغزو الصينى فى عام 1959 .

وخلال زيارة "انفراد"، للقصر الأبيض، وجدنا عددًا كبيرًا من السياح من الأجانب والصينين، الذين استمتعوا كثيرًا بقاعات مقابر الدالاى لاما من الخامس حتى الثالث عشر، وأضافت المرشدة أنه كان يتم تحنيط جثامين الدالاى لاما بعد موتهم، كما كان يفعل قدماء المصريين مع ملوكهم الفراعنة، مشيرة إلى أن هناك اختلافا واحدًا فى طريقة التحنيط، وهى أن قدماء المصريين كانوا يخرجون الأجزاء الرطبة من جسم الإنسان ليتم تحنيط باقى الجثة، بينما فى حالة الدالاى لاما فقد كان يتم تحنيط الجسد كاملاً كما هو، دون استبعاد أى جزء منه، لاعتقادهم بالحياة الأبدية مثل القدماء المصريين.

أطول خط سكك حديد على هضبة فى العالم كما تعتزم الصين بناء خط سكة حديد ثانٍ يربط التبت مع أجزاء أخرى من البلاد، وذلك وفقا لمشروع قُدّم بالخطوط العريضة للخطة الخمسية الثالثة عشرة، وسيتم بناء خط السكك الحديد بين مدينة لاسا حاضرة منطقة التبت الذاتية الحكم ومدينة تشنغدو حاضرة مقاطعة سيتشوان بجنوب غربى الصين، وفقًا لمشروع مسودة الخطوط العريضة للخطة الخمسية الـ13 (2016-2020) حول التنمية الوطنية الاقتصادية والاجتماعية، والذى تم تقديمه إلى الدورة السنوية الرابعة للمجلس الوطنى الثانى عشر لنواب الشعب الصينى للفحص والمراجعة.

ويشار إلى أن خط سكك حديد تشينغهاى-التبت يربط حاليًا التبت مع المناطق الداخلية من البلاد، بطول 1956 كم، قد بدأ تشغيله فى يوليو 2006، ويعتبر أعلى وأطول خط سكك حديد يُقام على هضبة فى العالم.

تحويل المنازل لفنادق لجذب السياح وبنى أحد الفلاحين فى بلدة لولانج بمنطقة نينغتشى فى التبت، غرفًا باستخدام علاوة الإسكان المقدمة من الحكومة الصينية، ومدخراته قبل عشر سنوات، وحول هذه الغرف إلى فندق عائلى بفضل قربها من طريق عام وطنى، مضيفًا أنه يتواصل مع العاصمة بكين وباقى المدن عن طريق الإنترنت، ويتم الحجز من خلال الإنترنت.

وقال الفلاح الصينى، إن نحو أكثر 50 عائلة فى بلدته فتحت فنادق عائلية فى الوقت الراهن، حيث تحسنت ظروف معيشتهم وازدادت دخولهم، كما اتخذت حكومة التبت وسائل بناء صندوق تطوير السياحة الريفية وبدل العلاوة وتقديم قروض مع فرض فوائد يسيرة لتطوير السياحة الريفية.

عرض الأميرة ونتشنج الأسطورى فى عام 641، زوج الإمبراطور لى شى مين من أسرة تانغ، الذى حمل لقب تاى تسونج، زعيم سلطة توبوه سونغزان غامبو "650م" واحدة من بنات الأسرة الإمبراطورية هى الأميرة ونتشنج "625 - 680م"، وأمضت الأميرة ون تشنغ 40 سنة فى التبت، حيث ساعدت زوجها فى إدارة الشئون، ونالت احترام الشعب المحلى واستطاعت الحفاظ على حالة السلم بين توبوه وأسرة تانغ. عندما ذهبت إلى التبت أخذت معها عددًا كبيرًا من المثقفين والموسيقيين والمتخصصين فى تقنيات الزراعة، فضلاً عن أدوات الإنتاج، وفيما بعد، جلبت من أسرة تانغ بيض دود القز، وتقنيات صنع الخمر والنبيذ وصناعة الورق، مما دفع التطور الاقتصادى والثقافى فى التبت.

جسد سكان التبت هذه القصة الأسطورية فى عرض ملحمى أسطورى مدته 90 دقيقة، ويتم عرضه يوميًا فى مسرح مكشوف وسط الجبال، بمشاركة أكثر من 2000 ممثل، حيث تتوقع وأنت تشاهد أن هذا العرض حقيقى وليست مجرد مسرحية من قوة المؤثرات الصوتية والبصرية وروعة التمثيل، بالإضافة إلى مشاركة الكثير من الحيوانات مثل الأبقار والأحصنة والكلاب لإضافة نوع من الحياة إلى العرض.

وتذكر الروايات أن ملك التبت أحب زوجته كثيرًا وهى الأميرة ونتشنج، فقرر أن ينبنى لها قصرًا كبيرًا وهو قصر بوتالا، الذى صار بعد ذلك مقر للدالاى لاما، ويستخدم الصينيون هذه القصة للإعراب عن حبهم لسكان التبت، التى تعتبر جزءًا لا يتجزأ من الصين.