اختتمت أسعار الذهب العالمي تداولات الأسبوع الماضي على انخفاض للأسبوع الثالث على التوالي، وذلك في ظل تغير في توجهات أسواق الذهب على المدى القصير بعد اغلاقه تحت مستوى الدعم 1950 دولار للأونصة، في ظل انتعاش لمستويات الدولار بدعم من البيانات الاقتصادية.
انخفضت أسعار الذهب الفورية خلال الأسبوع الماضي بنسبة 1.6% لتفقد أكثر من 30 دولار، ويغلق الذهب تداولاته عند 1946 دولار للأونصة تحت مستوى الدعم الهام 1950 دولار للأونصة، بينما قد سجل أدنى مستوى في 9 أسابيع عند 1936 دولار للأونصة.
130 دولار تراجع في الذهب
منذ تسجيل الذهب أعلى مستوى تاريخي مطلع هذا الشهر عند 2080 دولار للأونصة فقد أكثر من 130 دولار منخفضاً بنسبة 6.4%، وذلك في ظل تغير توقعات الأسواق لأسعار الفائدة الأمريكية بالإضافة إلى الانتعاش في مستويات الدولار، بحسب التحليل الفني لجولد بيليون.
الانخفاض الحالي في أسعار الذهب جاء بسبب تغير التوقعات في الأسواق بشأن أسعار الفائدة الأمريكية، وذلك بداية من تصريحات أعضاء البنك الفيدرالي التي أشارت إلى ضرورة استمرار البنك في تشديد السياسة النقدية لموجهة التضخم المتماسك بشكل كبير.
صرح نيل كاشكاري رئيس الفيدرالي في مينيابوليس أنه على البنك الاستمرار في محاربة التضخم والذهاب بالفائدة بأعلى من 6% من أجل إعادة التضخم إلى مستهدف البنك عند 2%، وأشار رئيس الفيدرالي في سانت لويس جيمس بولارد أن سوق العمل لا يزال قوي وأشار إلى ضرورة ارتفاع معدل الفائدة مجدداً بـ 50 نقطة أساس.
كما صرح عضو البنك الفيدرالي كريستوفر والر أن البنك الفيدرالي قد يرفع أسعار الفائدة مرتين في يونيو ويوليو القادمين، ليشير أن البنك في حاجة لاستمرار التشديد النقدي كونه لا يحرز تقدم كافي في خفض معدلات التضخم.
محضر اجتماع البنك الفيدرالي صدر الأسبوع الماضي وأظهر انقسام بين أعضاء البنك بشأن ضرورة الاستمرار في رفع أسعار الفائدة لخفض التضخم أو الاستقرار عند المعدلات الحالية لفترة من الوقت، خاصة أن الاقتصاد الأمريكي أظهر مرونة اقتصادية كبيرة في التعامل مع التشديد النقدي.
أعضاء الفيدرالي يضغطون في اتجاه رفع الفائدة
ساعدت الإشارات المباشرة من أعضاء البنك على ضرورة رفع الفائدة في اجتماع البنك القادم إلى تغير التوقعات في الأسواق التي تشير حالياً إلى احتمال بنسبة 58.5% أن يرفع البنك في اجتماع يونيو الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس.
تصريحات أعضاء الفيدرالي جاءت متوافقة مع البيانات الاقتصادية التي صدرت عن الاقتصاد الأمريكي هذا الأسبوع لتظهر مرونة وقوة الاقتصاد الأمريكي في تقبل التشديد النقدي، بالإضافة إلى كون التضخم لا يزال مرتفع للغاية وخاصة التضخم الأساسي المتعلق بإنفاق القطاع العائلي.
جاء التقدير الثاني للناتج المحلي الإجمالي الأمريكي للربع الأول أفضل من المتوقع حيث سجل نمو بنسبة 1.3٪ مقابل التوقعات بنسبة 1.1٪ ويقارن بالقراءة الأولية للناتج المحلي الإجمالي التي ارتفعت بنسبة 1.1٪ أيضًا.
بينما ارتفع مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الجوهري بنسبة 4.7% على المستوى السنوي مقارنة مع القراءة السابقة 4.6%. ويعد هذا المؤشر هو المفضل لدى البنك الفيدرالي لقياس التضخم، واقتراب القراءة من 5% يدل على أن مهمة البنك في محاربة التضخم لم تقترب من نهايتها.
التوقعات الخاصة باستمرار رفع الفائدة الأمريكية كان لها تأثير سلبي كبير على أسعار الذهب، كون الذهب يعد أصل لا يقدم عائد لحائزيه مقارنة مع السندات الأمريكية التي تقدم عائد يرتفع بارتفاع أسعار الفائدة.
الدولار عند أعلى مستوياته في شهرين ونصف
من جهة أخرى ارتفع الدولار الأمريكي مقابل سلة من 6 عملات رئيسية وفقاً لمؤشر الدولار ليسجل أعلى مستوى منذ شهرين ونصف خلال الأسبوع الماضي، ليسجل المؤشر ارتفاع خلال الأسبوع الماضي بنسبة 1.2% مرتفعاً للأسبوع الثالث على التوالي.
قوة الدولار جاءت مدعومة بالبيانات الاقتصادية الأفضل من المتوقع التي صدرت عن الاقتصاد الأمريكي خلال الأسبوع، بالإضافة إلى دعم آخر من العائد على السندات الحكومية الأمريكية.
العائد على السندات لأجل 10 سنوات ارتفع خلال الأسبوع الماضي بنسبة 3.8% مرتفعا للأسبوع الثالث على التوالي ليسجل أعلى مستوى منذ 10 مارس الماضي عند 3.859%، بينما ارتفع العائد على السندات لأجل عامين الأكثر حساسية للتغير في أسعار الفائدة بنسبة 7.8% مسجلاً أعلى مستوى في 11 أسبوع عند 4.631%.
قوة الدولار تجبر أسعار الذهب على التراجع في ظل العلاقة العكسية التي تربط بينهما منذ كون الذهب سلع يتم تسعيرها بالدولار.
أما عن أزمة الديون الأمريكية فقد واجهت المفاوضات بشأن رفع سقف ديون الحكومة الأمريكية البالغ 31.4 تريليون دولار قبل الأول من يونيو بعض العقبات يوم الجمعة. وفي وقت سابق بدا المفاوضون الديمقراطيون والجمهوريون على وشك التوصل إلى اتفاق لرفع سقف الديون لمدة عامين مع الحد من بعض الإنفاق.
حتى الآن لم يتم اتخاذ قرار نهائي بشأن رفع سقف الديون، وعليه تبقى المناقشات الحالية هي الشيء الوحيد الذي يجب مراقبته عن كثب لأن أي تخفيضات في التصنيف الائتماني للولايات المتحدة من شأنه أن يؤدي إلى تدفقات الملاذ الآمن إلى الذهب.
تنتظر الأسواق خلال الأسبوع القادم صدور بيانات التوظيف وقطاع العمالة عن الاقتصاد الأمريكي، وأهمها تقرير الوظائف الحكومي للقطاع الغير زراعي الذي يصدر نهاية الأسبوع عن شهر مايو، مع توقعات باستمرار ارتفاع أعداد الوظائف الجديدة الأمر الذي يظهر قوة الاقتصاد الأمريكي في مواجهة التشديد النقدي ويزيد من فرص لمزيد من رفع أسعار الفائدة من قبل الفيدرالي.