نجحتالبعثة الأثرية المصريةبرئاسة الدكتور مصطفى وزيرى الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، فى العثور، لأول مرة عن أكبر وأكمل ورشتين للتحنيط إحداهما آدمية والأخرى حيوانية، بالإضافة إلى مقبرتين وعدد من اللقى الأثرية، وذلك خلال استكمال أعمال حفائر البعثة بجبانة الحيوانات المقدسة (البوباسطيون) بمنطقة آثار سقارة، للعام السادس على التوالي.
ومن أمام إحدى الورش المُكتشفة حديثًا شرح الدكتور مصطفى وزيرى ل"انفراد" تفاصيل الكشف الأثرى الجديد، وكيف كانت تتم عمليات تحنيط الجثث الآدمية والحيوانية وبعض المواد المستخدمة والتى تم العثور عليها داخل الورش.
وأوضح دكتور مصطفى وزيرى الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار ورئيس البعثة أن الورشتين المكتشفتين تعودان لأواخر عصر الأسرة الـ30 وبداية العصر البطلمى، مضيفا أن البعثة تمكنت كذلك من الكشف عن مقبرتين من عصرى الدولتين القديمة والحديثة، بالإضافة إلى عدد من اللقى الأثرية، مؤكدا على أن البعثة قامت بالعديد من الاكتشافات الأثرية الهامة منذ بدء عملها بالموقع عام 2018، معربا عن فخره بنجاح فريق مصرى خالص من آثاريى ومرمى المجلس الأعلى للآثار للعام السادس على التوالى بهذا الاكتشاف الهام.
وأضاف أن ورشة التحنيط الآدمية التى تم الكشف عنها عبارة عن مبنى مستطيل الشكل من الطوب اللبن مقسم من الداخل إلى عدد من الحجرات تحتوى على سريرين للتحنيط الآدمى وتتراوح أبعاد السرير حوالى مترين طول ومتر عرض و50 سم ارتفاع، وهو مكون من عدة كتل حجرية مغطى من أعلى بطبقة من الملاط بها ميول ينتهى بميزاب، لافتا إلى أنه تم الكشف داخل الورشة على عدد كبير من الأوانى الفخارية من بينها أوانى على شكل إناء الحس منتشرة فى جميع الحجرات والتى ربما كان يتم استخدامها فى عملية التحنيط. كما تم الكشف عن بعض الأدوات والأوانى الطقسية وكمية كبيرة من الكتان ومادة الراتينج الأسود المستخدمة فى التحنيط، الأمر الذى يشير إلى أن عمليات التحنيط التى كانت تتم بتلك الورشة لأدميين.
أما عن ورشة التحنيط الحيوانية فقال الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار أنها عبارة عن مبنى مستطيل الشكل مبنى من الطوب اللبن يتوسطهما مدخل له أرضية من الحجر الجيرى من الداخل مقسمة إلى عدد من الحجرات والصالات، حيث تم الكشف داخلها على عدد كبير من الأوانى الفخارية وبعض الدفنات الحيوانية مختلفة الأشكال والأحجام كما عثر على بعض الأدوات الخاصة بالتحنيط الحيوانى كالكتان وبعض الأدوات البرونزية.
وتحتوى الورشة على 5 أَسرة من الحجر الجيرى، وهى غائرة فى الأرضية ومختلفة نسبيا عن تلك الأسرة الموجودة فى ورشة التحنيط الآدمية، لافتا إلى أنه خلال دراسة اللقى الأثرية التى تم الكشف عنها داخل هذه الورشة تشير إلى أن الورشة كانت تستخدم على الأرجح فى تحنيط الحيوانات المقدسة المرتبطة بالإلهة باستت.
كما تم الكشف عن مقبرتين الأولى لشخص يدعى "نى حسوت با" وهو أحد موظفى عصر الدولة القديمة من الأسرة الخامسة (حوالى 2400 ق. م) ويحمل العديد من الألقاب الدينية والإدارية أهمها كبير عشرة الجنوب، مدير الكتبة، كاهن الاله حورس والالهة ماعت، والمسئول القانونى عن شق الترع والقنوات. أما المقبرة الثانية فهى لشخص يدعى "من خبر" من عصر الدولة الحديثة من الأسرة 18(1400 ق. م) وكان يحمل لقب كاهن الإلهة قادش وهى معبودة أجنبية من أصل كنعانى من منطقة سوريا كانت تعبد فى مدينة قادش وعبدت فى مصر فى عصر الأسرة 18 وكانت المعبودة الخاصة بالخصوبة، وسيدة نجوم السماء عظيمة السحر.
ومقبرة "نى حسوت با" هى عبارة عن مصطبة مستطيلة الشكل، مدخل غرفة الدفن بها يقع فى الركن الجنوبى الشرقى للمصطبة، يبدأ بواجهة حجرية منقوشة من الجانبين تحمل مناظر لصاحب المقبرة وزوجته "تب ام نفرت"، ويعلو الواجهة نصوص هيروغليفية تحمل اسم وألقاب صاحب المقبرة وزوجته، وأسفل ذلك مناظر لحاملى القرابين. يؤدى المدخل إلى صالة عرضية أبعادها جدرانها مزينة بمناظر للحياة اليومية، والأحراش، والزراعة، وصيد الأسماك، وفى منتصف الجدار الغربى للصالة يوجد باب وهمى على جانبيه مناظر جنائزية، وقوائم قرابين وذبح الأضاحى، ومناظر الحفلة الموسيقية.
وعن تخطيط مقبرة "من خبر" فهى مقبرة صخرية أغلبها منحوت فى الحافة الصخرية وبها جزء مبنى من الحجر الجيرى وهى تتكون من بوابة مبنية من الحجر الجيرى عبارة عن كتفين وعتب منقوشين باسم والقاب لـصاحب المقبرة "من خبر" وزوجته وابنه، يلى ذلك صالة مربعة الشكل على جدرانها بقايا طبقة من البلاستر مرسوم عليها مناظر لصاحب المقبرة وزوجته جالسين أمام مائدة قرابين.
وقد عثرت البعثة على نيشة فى الجدار الغربى من الناحية الشمالية يصل ارتفاعها إلى حوالى 130 سم بعمق حوالى 70 سم وعرض حوالى 50 سم، حيث عثر بداخلها على تمثال من الألباستر بحجم كبير بارتفاع حوالى متر، يصور التمثال لصاحب المقبرة جالس على كرسى ويرتدى باروكة شعر ويمسك بزهرة اللوتس بيده اليسرى على صدره. واليد اليمنى مفرودة على فخذه الأيمن ويرتدى رداءً طويلًا يمتد حتى الساقين ونقش على صدره وكتفيه 4 خراطيش ملكية يقرأ منها: تحتمس الثالث والرابع.
ويوجد على جسم التمثال 3 أسطر من الكتابة الهيروغليفية ملونه باللون الأزرق فى وضع رأسى تحمل اسم وألقاب صاحب المقبرة.
كما تم العثور على لوحة جنائزية من الحجر الجيرى عليها نقوش، وأجزاء من بردية تحمل اسم صاحب المقبرة.
وقد تمكنت البعثة من الكشف عن عدد من اللقى الأثرية من بينها مجموعة من التماثيل الحجرية لشخص يدعى" نى سو حنو" وزوجته، وتماثيل من الخشب والحجر لشخص يدعى "شبسس كا" من عصر الأسرة الخامسة وتمثال حجرى لزوجته، وتمثالين خشبين لسيدة تدعى "شبسسكا"، وتابوت من الخشب الملون على هيئة آدمية من عصر نهاية الدولة الحديثة وبداية عصر الانتقال الثالث، ومجموعة من موائد للقرابين، وأبواب وهمية، ومجموعة من التمائم المصنوعة من الفيانس والأحجار، وتماثيل أوشابتى، وأجزاء من بردية، وقطع من البرونز، وجعارين، وأجزاء من أختام طينية، ومجموعة من الأوانى الفخارية والأدوات التى كانت تستخدم فى ورشة التحنيط، ومجموعة من الأوانى الفخارية التى تحوى جبنة مصرية قديمة (جبنة الماعز ) 600 ق.م، وتماثيل خشبية للمعبود بتاح سوكر أوزير، ونواويس خشبية ملونة.