"64 عامًا" مضت على ثورة 23 يوليو التى قادها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، ومعه مجموعة من الضباط الأحرار الذين استطاعوا خلال فترة وجيزة تحقيق نتائج مذهلة سواء من خلال القضاء على الاستعمار وتحقيق الاستقلال الوطنى أو من خلال التركيز على تحسين الأحوال المعيشية للمواطنين، وبالأخص للمعدومين والفقراء، وتحقيق مجانية التعليم وتشييد عشرات المصانع التى احتوت على الآلاف من الأيدى العاملة، وهو ما جعل 23 يوليو بعد كل هذه السنوات راسخة وباقية فى تاريخ مصر.
"انفراد" التقى عددا من المواطنين الذين عاصروا هذه الفترة، وبعضهم كان مشاركًا فيها باعتباره ضابطًا حديث التخرج فى القوات المسلحة وقت اندلاع الثورة.
فى حى شبرا كان منير فتحى من الضباط السابقين فى القوات المسلحة، والذين حضروا ثورة يوليو حيث كان حديث التخرج وقتها، وأصبح مسئولا عن مهمة الإشراف على مجموعة من الشخصيات الهامة الذين تم اعتقالهم وعلى رأسهم فؤاد سراج الدين، باعتباره وزير داخلية فى عهد الملك.
وقال فتحى صاحب الـ90 عامًا، إنه بعد انتهاء دراسته فى كلية الهندسة فضل العمل فى القوات المسلحة وشاء حظه أن يوكل لهذه الدفعة مهمة الحراسة والإشراف على مجموعة من المعتقلين الكبار، مؤكدًا أن رجال الثورة عاملوهم باحترام شديد ولم يتعرضوا على أى مهانة، وكان الرئيس محمد نجيب يحرص وقتها على زيارتهم بنفسه والاطمئنان على أحوالهم، مشددًا على حسن معاملتهم وتلبية جميع مطالبهم .
ولفت الضابط السابق إلى أن أهم ما يميز مصر فى تلك الفترة من حيث النواحى الجمالية التى كانت تطغى على الحياة من حيث نظافة الشوارع، لافتًا أنه كانت هناك سيارات تجوب الشارع لرشها بالمياه بجانب الزهور التى كانت تزين الشرفات والحفلات الغنائية التى يقدمها كبار الفنانون وعلى رأسهم كوكب الشرق أم كلثوم.
وأكد أن مصر بالفعل فى ذلك الوقت كانت قطعة من أوروبا أو أجمل على الرغم من بعض المعاناة الاقتصادية، ولكن لم يكن أحد يشعر بقسوتها بسبب حرص الدولة على المساواة بين الجميع.
فيما جلس الحاج على السيد من مواليد المنيا أمام طاولته الخشبية التى تمتلئ عن آخرها بأنواع مختلفة من الأسماك الطازجة التى يبيعها للمارة فى حى شبرا، يستعيد ذكرياته مع ثورة يوليو التى كان عمره وقتها لم يتعد 10 الأعوام فقط وعلى الرغم من ذلك كان حريصًا على متابعة خطب عبد الناصر والاستماع لها جيدًا عبر الراديو.
وقال الرجل الستينى عند إعلان الثورة كنت فى المنزل بجوار والدى وفجأة سمعنا صوتا فى الراديو لم نكن نعرفه فى ذلك الوقت يتلو بيان الثورة، واتضح فيما بعد أنه أنور السادات الذى أكد فى بيانه على قيام الثورة وهو ما استقبلته الحشود بقلق فى البداية، ولكن بعد نزول قوات الجيش فى الشوارع تحول القلق إلى حفاوة وترحاب.
وأضاف السيد "أنا فاكر إن أبويا شالنى على كتفه وجرى بيا فى الشارع وكان بيهتف باسم مصر وكان ناس كتير بتهتف زيه وبتصافح الجنود".
وأكد على السيد "عبد الناصر كان حاسس بالغلابة علشان كدا عمرنا ما نسيناه وعلى طول فاكرينه" مضيفا أن الرئيس الراحل قضى على الطبقية التى كانت سائدة فى المجتمع، وأصبح لا يوجد فرق بين المصريين الجميع سواسية خاصة بعد مجانية التعليم التى سمحت لأبناء البسطاء الحصول على الشهادات العليا والصعود إلى أعلى المراكز، قائلا "مكنش فيه حاجة اسمها باشا وبيه كله كان واحد".
منصور محمد المهدى يعمل ماسح أحذية، قال إنه عاصر ثورة 23 يوليو وكان عمره 10 سنوات واصفا عبد الناصر بـ"الرجل المجدع" الذى استطاع القضاء على الاحتلال وإخراج الإنجليز من البلاد وقضى على الملكية.
وقال "كنا عيال صغيرة نمشى فى الشارع نغنى طفى النور يا بهية فى عساكر دورية وهى أغنية كنا نرددها للتحذير من غارات الطائرات ومكناش نقدر نعملهم حاجة لأننا غلابة لكن عبد الناصر الراجل الجدع وقفلهم وطلعهم بره مصر".
وقال المهدى إن مشهد احتشاد الجماهير فى الشوارع والميادين لم يفارق خياله، خاصة فى ميدان رمسيس الذى تجمع فيه العشرات وظلوا يهتفون باسم مصر والجيش.
وعن أهم ما يميز تلك الفترة، قال المهدى "حب الناس لبعض والاحترام المتبادل بجانب رخص المعيشة مكناش شايلين هم لحاجة".