مع أحداث السودان الشقيق، تجددت قضية اللاجئين، الذين فروا من أجواء الحرب، إلى دول الجوار، واستقبلت مصر آلافا حتى الآن ويتوقع فى حال استمرار الصراع أن تتزايد أعداد اللاجئين، بالإضافة إلى خمسة ملايين سودانى يعيشون فى مصر، مع ملايين أخرى من دول عربية مثل سوريا واليمن ودول أفريقية مختلفة، يعيشون على أرض مصر على قدم المساواة مع المواطنين، وهى سياسة يؤكدها دائمًا الرئيس عبدالفتاح السيسى، أن مصر تتعامل مع اللاجئين باعتبارهم ضيوفًا وليسوا غرباء، بنفس الحقوق والواجبات للمواطنين، وهو تعبير عن طبيعة الشعب المصرى.
وعلى مدى سنوات وبسبب الحروب والصراعات المسلحة التى شهدتها المنطقة العربية والأفريقية، والصراعات السياسية، تدفق مئات الآلاف من اللاجئين على مصر، والتى ظلت ملاذًا آمنًا للباحثين عن الأمن، وظلت مصر الدولة الوحيدة تقريبًا التى لا تحجز اللاجئين فى معسكرات، أو خيام، وتتعامل معهم بشكل كريم وتقدم لهم كل الخدمات الصحية والتعليمية والنقل والمواصلات والإقامة، ويظهر هذا فى حرية حركة اللاجئين فى أحياء القاهرة والمحافظات، بل إن الرئيس حرص على مد مظلة المبادرات الصحية الكبرى إلى كل من هم على أرض مصر، مثل مبادرة الكشف والعلاج لفيروس سى، أو 100 مليون صحة، ويحصل اللاجئون على نفس الحقوق فى المواصلات العامة المدعمة والأدوية.
وبالطبع فإن هذه الأعداد التى تقترب من سكان دول عربية وأفريقية، لهم مطالب إنسانية وحياتية، فى ظل انعكاسات أزمة اقتصادية عالمية، وهذه السياسة تجعل مصر من أكثر دول الشرق الأوسط وأفريقيا استقبالًا للاجئين، لكونها تقدم لهم الإقامة والأمن، ثم إنها لم تستغل ملف اللاجئين لتحقيق مكاسب سياسية أو اقتصادية أو توظيفهم أوراق ضاغطة فى سياستها الخارجية، وفى المقابل هناك دول تضع اللاجئين فى مخيمات وأماكن احتجاز ولا تسمح لهم بحرية الحركة، بل وتوظفهم للابتزاز الدولى وتطلب تمويلات مقابل الاستضافة، وهناك دول تجبر اللاجئين على تنفيذ مهام غير إنسانية، وتواجه مصر الهجرة غير الشرعية ولا تستخدم هذا الملف فى الضغط أو التلاعب.
فى كلمته، أمام مجلس السلم والأمن الأفريقى، حرص الرئيس عبدالفتاح السيسى، على وضع كل النقاط المتعلقة بالأزمة، بالتأكيد أن ما يجرى فى السودان شأن داخلى، وتكثيف المساعى والاتصالات مع كل الأطراف، والاستعداد للوساطة بين الفرقاء، ومواصلة الاتصال بين الأطراف المختلفة، الدولية والإقليمية، لإيقاف الصراع فى أسرع وقت والعودة للمفاوضات، ويحرص الرئيس على تأكيد الوقوف مع الشعب السودانى، والدعوة إلى إيقاف الاقتتال والعودة إلى هدنة تتيح جلوس الأطراف على طاولة المفاوضات، وبجانب مساعى مصر لوقف الحرب فإن الرئيس أكد فى كلمته أمام قمة الأمن والسلم الأفريقية، أن التداعيات الإنسانية للأزمة السودانية تتجاوز حدود الدولة وتؤثر على دول الجوار، التى يتعين التنسيق معها عن قرب، وقد التزمت مصر بمسؤولياتها فى هذا الشأن، عبر استقبال نحو «150» ألف مواطن سودانى حتى اليوم بجانب استضافة نحو 5 ملايين مواطن سودانى، تتم معاملتهم كمواطنين.
ودعا الرئيس السيسى، الوكالات الإغاثية والدول المانحة، لتوفير الدعم اللازم لدول الجوار، حتى يتسنى لها الاستمرار فى الاضطلاع بهذا الدور، وهنا فإن الرئيس فى كل الفعاليات والاجتماعات الإقليمية والدولية يطالب المجتمع الدولى بمواجهة قضايا التنمية فى أفريقيا، باعتبارها الحل الجذرى لأزمة اللجوء، حيث إن الفقر والجوع والصراعات تدفع الآلاف للفرار، وهو ما قد يمثل تهديدًا لدول مختلفة، خاصة أوروبا، وبالتالى فإن مصر ترى أن على دول أوروبا والعالم المتقدم أن تقوم بواجباتها فى دعم التنمية، وفرص العمل وتعويض القارة عن أخطار التغير المناخى، بالشكل الذى يخفف الضغط على الاقتصاد فى هذه الدول، ورغم الدور الذى تقوم به مصر، فإن العالم عليه دور ومعه المنظمات الإنسانية والإغاثية، والتى عليها القيام بدور حاسم لدعم الدول المستضيفة للاجئين، والسعى لسياسات تعالج جذور الأزمات، وتدعم الاستقرار والتنمية.