تدخل أزمة الفراغ الرئاسى فى لبنان شهرها الثامن، ولا تزال القوى السياسية وحكومة تصريف الأعمال يبحثون أفقا للخروج من الأزمة وسط دعوات المجتمع الدولى لتلك القوى فى لبنان بإعلاء مصلحة الوطن متجاوزين المصالح الضيقة.
يتوقع المراقبون، أن تنهى القوى السياسية اللبنانية ترتيباتها قبل تاريخ 15يونيو، وهو الموعد الذى سبق وأعلن رئيس مجلس النواب اللبنانى نبيه برى، أنه موعد جلسة انتخاب الرئيس الجديد.
ماكرون والراعى
ملف الرئاسة مطروح على رأس أولويات النقاشات التى سيجريها، غدا الثلاثاء، البطريرك المارونى ماربشارة الراعى مع الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون خلال زيارته لباريس، ففرنسا تبدى تعاونا كبيرا مع اللبنانيين للوصول بالبلاد إلى مرحلة الاستقرار السياسى، وقد سبق أن استضافت عدة اجتماعات بين الأطراف الدولية الفاعلة فى ملف الانتخابات الرئاسية.
الترتيبات تبدأ من زيارة البطريرك المارونى بشارة الراعى إلى باريس، قادما من الفاتيكان التى أجرى فيها سلسلة لقاءات مع كبار مسؤوليها فى شأن الرئاسة أيضا.
ومن المتوقع أن يكون فى جعبة الراعى اسم المرشح المدعوم مسيحيًا ليفاوض عليه الفرنسيين، مقابل المرشح الأبرز وهو سليمان فرنجية رئيس تيار المردة.
صلاحيات الرئيس
من جانبه، أكد وزير الإعلام بحكومة تصريف الأعمال اللبنانية زياد المكارى أن لبنان لا يمكن أن يستقيم من دون انتخاب رئيس للجمهورية، داعيا المسئولين فى لبنان إلى التحلى بروح المسئولية وترك الأحقاد والأطماع الشخصية جانبا فى هذا التوقيت الصعب الذى يمر به لبنان، مضيفا أن ما تردد حول إلغاء صلاحيات رئيس الجمهورية أمر غير صحيح لأن فلسفة اتفاق الطائف جعلت منه حكما وأساسا مهما ليدير البلد بشكل أفضل مما كان عليه سابقًا.
وشدد على أنه من دون رئيس للجمهورية لن تكون هناك اجتماعات سليمة للحكومة وبالتالى لا قرارات، موضحا أن لبنان يعانى يوميا من دون رئيس.
وأوضح أنه لا يمكن فصل الوضع الاقتصادى السيئ عن السياسة المتعثرة جراء ما وصفه بالحواجز الحاقدة المنصوبة على طريق انتخاب رئيس جديد للبلاد.
واعتبر المكارى أن لبنان تعصف به موجة نزوح سورى أشد وطأة من كل العواصف التى ضربت لبنان، منذ تأسيسه، مشيرا إلى ضرورة رصد المتغيرات الإيجابية على مستوى الإقليم، وتطويعها لصالح البلد، بدءا بالرئاسة مرورا بالحكومة، وصولا إلى ملف النزوح، داعيا لوضع هذا الملف على رأس الأولويات.
الانتخابات في "المجهول"
ومن جانبه قال رئيس حكومة تصريف الأعمال فى لبنان نجيب ميقاتى، لقد مر أكثر من ستة أشهر على الشغور فى سدة رئاسة الجمهورية، ولا تزال انتخابات رئاسة الجمهورية فى المجهول، فى ضوء الشروط والشروط المضادة للفرقاء السياسيين الممثلين فى مجلس النواب.
وتساءل ميقاتى، هل المطلوب من الحكومة أن توقف عجلة العمل فى المؤسسات وتعطل مصالح الناس نهائيا؟ وهل تتحمل الحكومة مسؤولية الشغور الرئاسى ام السادة النواب هم المسؤولون؟ ومن قال أن السادة الوزراء المشاركين فى الجلسات الحكومية لا يمثلون الشرائح اللبنانية كافة؟ وهل مقبول أن يصل الخلاف السياسى إلى حد التطاول على كرامات الناس وحضورهم الوازن فى كل المحافل؟.
استقالة"جنبلاط"
وعلى صعيد متصل، جاءت استقالة وليد جنبلاط رئيس الحزب الاشتراكى التقدمى والذى يمثل قوة سياسية رئيسية على الساحة اللبنانية، لتزيد المشهد ارتباكا، ويرى مراقبون أنه رغم ابتعاده عن السياسة، فإن دور جنبلاط سيبقى مهمًا فى الأحداث المصيرية، وسيكون حاضرًا ونشطًا واستشاريًا، لا سيما فى الملف الرئاسي.
ويشير مراقبون إلى أن موقف جنبلاط من ترشيح رئيس "حركة الاستقلال" النائب ميشال معوض، ومن ثم معارضته للتصويت لسليمان فرنجية، كان بالتنسيق مع نجله تيمور الذى تسلم رئاسة الحزب، والاثنان سيواصلان التشاور مع بعضهما البعض حول أهم الملفات، لأن النائب جنبلاط مازال يفتقر إلى الخبرة السياسية لوالده.
إن موقف كتلة النائب جنبلاط بات معروفًا، وينتظر التوافق على شخصية أكاديمية أو دستورية أو اقتصادية أو إنقاذ أو أمنية من القائمة التى طرحها وليد جنبلاط سابقًا على الأحزاب السياسية أو من الخارج، بشرط ألا يكون المرشح مستفزًا لأحد.