شهدت الأيام الماضية تصعيدا لحرب المسيرات بين روسيا وأوكرانيا، حيث تبادل الطرفان الهجمات بالدرونز بشكل لم تشهده الحرب منذ بدايتها.
حيث شنت أوكرانيا أكبر هجوم من جانبها على الإطلاق بطائرات الدرونز على موسكو، الثلاثاء، إلا أن روسيا قالت إن دفاعاتها الجوية دمرت كل المسيرات الثمانية، بما يجلب الحرب الدائرة منذ 15 شهرا فى أوكرانيا على قلب العاصمة الروسية.
وقالت وكالة رويترز إن هجمات الدرونز فى عمق روسيا زادت فى الأسابيع الأخيرة قبل الهجوم المضاد المرتقب من أوكرانيا، مع وقوع هجمات على خط أنابيب النفط وحتى الكرملين فى وقت سابق هذا الشهر، والتي ألقت موسكو مسئوليتها على كييف.
واستهدفت هجمات المسيرات أكثر المناطق المرموقة فى موسكو، ومنها لنينسكى بروسبكت، وهو شارع كبير تم إنشائه فى عهد جوزيف ستالين، ومنطقة غرب موسكو التي يوجد بها مقر إقامة النخبة الروسية بمن فيهم الرئيس فلاديمير بوتين.
ولم يتضح الكيفية التي سيرد برها بوتين على هجوم الدرونز، الذى يجلب الحرب فى أوكرانيا إلى عاصمة أكبر قوة نووية فى العالم.
وحتى الآن، أبقى بوتين الحرب فى أوكرانيا بعيدة عن موسكو التي استمرت الحياة فيها بشكل عادى نسبيا برغم أكبر أزمة فى علاقات روسيا مع الغرب منذ أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962.
وبدأت روسيا بمهاجمة العاصمة الأوكرانية بأسراب من الذخائر الرخيصة التي غالبا ما تعرف باسم مسيرات كاميكازى فى أكتوبر الماضى، واستخدمتها على نطاق واسع خلال هجماتها الجوية المنتظمة عبر أوكرانيا.
ويوم الأحد الماضى، أطلقت روسيا أكبر موجة من هجمات المسيرات على العاصمة الأوكرانية كييف يوم الأحد، مما أسفر عن مصرع شخص على الأقل، بحسب ما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز.
وكثفت روسيا تركيزها على العاصمة كييف فى مايو، وأطلقت الهجوم الأكبر والأكثر استمرارا منذ مارس الماضى على الأقل، بوابل من الصواريخ والطائرات بدون طيار فى كل ليلة تقريبا. ويبدو أن هجوم الأحد، وهو الرابع عشر هذا الشهر، هو أول هجوم مميت فى مايو. وقالت الإدارة العسكرية للمدينة عبر تليجرام إن الدفاعات الجوية الأوكرانية دمرت أكثر من 40 طائرة مسيرة وكان أكثرها إطلاقا عل كييف فى ليلة واحدة.
وقالت وكالة أسوشيتدبرس إن هجمات المسيرات ضد المناطق الحدودية الروسية حدثت بشكل منتظم منذ بداية الغزو فى فبراير 2022، وزادت الهجمات الشهر الماضى. وفى وقت سابق هذا الشهر، تم مهاجمة منشأة تكرير نفط فى كراسنودار بمسيرات على مدار يومين متتالين.
وكانت صحيفة واشنطن بوست قد نشرت تقريرا فى ديسمبر الماضى، قالت فيه إن كلا من روسيا وأوكرانيا تخوضان الآن ما يعد أول حرب واسعة النطاق باستخدام الطائرات بدون طيار "الدرونز".
وأوضحت الصحيفة أن الحرب، التى بدأت بعبور الدبابات الروسية حدود أوكرانيا، وبخنادق على غرار الحرب العالمية الأولى محفورة فى الأرض وبمدفعية سوفيتية الصنع، أصبحت الآن أكثر حداثة، فالجنود يراقبون ساحة المعركة على شاشة صغيرة متصلة بالأقمار الصناعية، بينما تحوم طائرات بدون طيار بحجم راحة اليد فى مرمى البصر.
ومع وجود مئات من درونز الاستطلاع والهجوم التى تحلق فوق أوكرانيا كل يوم، تحولت المعركة، إلى منافسة العصر الرقمى على التفوق التكنولوجى فى السماوات، فيما يشير إلى نقطة تحول عسكرية.
وأشارت الصحيفة إلى أنه فى النزاعات السابقة، كانت الطائرات بدون طيار تستخدم عادة من قبل جانب واحد وفق المجال الجوى غير المتنازع عليه لتحديد الأهداف وضربها، مثل العمليات الأمريكية فى أفغانستان والشرق الأوسط.
لكن فى الحرب المستمرة بين روسيا وأوكرانيا، أُدخلت الطائرات بدون طيار فى كل مراحل القتال مع أساطيل ممتدة وأنظمة دفاع جوى من جانب كل طرف، وأصبحت هذه الحرب يتم خوضها عن بعد، فالعدو على مسافة أميال، ولا شىئ يسد الفجوات أكثر من الدرونز، مما يمنح كلا من روسيا وأوكرانيا القدرة على رؤية ومهاجمة بعضهما البعض دون الاقتراب.
وأكدت واشنطن بوست فى تقريرها، أن الدرونز أصبحت شديدة الأهمية للنجاح فى ساحة المعركة، حتى أنها تستخدم فى بعض الأحيان للتخلص من طائرات أخرى بدون طيار.