يفرض الذكاء الاصطناعى واقعا جديدا ومستقبلا مختلفا لكل مجالات الحياة، سواء فى صناعة السينما أو التعليم أو المجال الطبى، وبالضرورة فى الاقتصاد العالمى ككل، ولكن مع ذلك تظل المخاوف من خروجه عن السيطرة وإنهاء الجنس البشرى بدلا من مساعدته، ومن هنا يتحدث 6 خبراء بجانب بعض عمالقة التكنولوجيا حول كل مجال من هذه المجالات، ويتوقعون ما قد يحدث قريبا فى عام 2030.
إنتاج فيلم فى يوم واحد!
يمكن أن تصبح تقنية الذكاء الاصطناعى جيدة جدا، لدرجة أنها ستبدأ فى إنتاج أفلام كاملة فى غضون يوم واحد، كما يتنبأ Silo Mr Howey، كاتب فى نيويورك لسلسلة الخيال العلمى على تليفزيون Apple TV، حيث قال: إنها مسألة وقت فقط قبل أن تتمكن أدوات الذكاء الاصطناعى من صناعة الأفلام.
ووفقا لما ذكرته صحيفة «ديلى ميل» البريطانية، أضاف كاتب الخيال العلمى: «لقد تمكنت من الوصول إلى إصدارات ألفا من المولدات الفنية لبضع سنوات حتى الآن، وشاهدت مدى سرعة انتقالهم من التقريبات التقريبية جدا إلى واقعية الصور بشكل جيد، بحيث لا يمكنك التمييز بين فن الذكاء الاصطناعى والتصوير الفوتوجرافى.
وأكد Silo Mr Howey: «الأفلام التى تم إنتاجها هى الآن فى نفس المراحل المبكرة، التى رأت الفن لا يزال يمر بها منذ عامين أو نحو ذلك، إنها فقط مسألة وقت وقوة معالجة قبل إنشاء الأفلام فى الوقت الفعلى».
وأضاف: «ستكون الأفلام رهيبة فى البداية لكنها ستتحسن، وأعتقد أن الناس سيشاهدونها ويفتنون بها حتى عندما لا تكون جيدة جدا، هذه الأشياء تتحسن وتحسيناتها دائمة، ليس عليهم إعادة التعلم والبدء من جديد بالطريقة التى نقوم بها ».
وكان Joe Russo مخرج فيلمAvengers Endgame، قد توقع الشهر الماضى أن الذكاء الاصطناعى سيكون قادرا على صناعة الأفلام خلال العامين المقبلين، مؤكدا أنه عضو فى مجلس إدارة عدد قليل من شركات الذكاء الاصطناعى، مضيفا: «من المحتمل أن ما يمكنك فعله باستخدام الذكاء الاصطناعى، سيتم استخدامه لهندسة سرد القصص وتغيير أسلوب السرد».
حل أزمة الطاقة
يقترح بعض الخبراء أن الذكاء الاصطناعى يمكن أن يساعد فى حل أزمة الطاقة فى العالم بحلول عام 2030، حيث تصاعدت أزمة الطاقة الأخيرة بسبب مزيج من حرب أوكرانيا، مما أدى إلى منع واردات الوقود الأحفورى من روسيا، والزيادة المفاجئة فى الطلب خلال الانتعاش الاقتصادى بعد جائحة كورونا، وهناك أيضا أزمة طاقة منفصلة ومستمرة تسعى إلى تحويل إنتاج الطاقة تدريجيا إلى موارد متجددة من أجل الحد من ظاهرة الاحتباس الحرارى.
وقال سام ألتمان، مؤسس شركة OpenAI، التى طورت ChatGPT ومقرها سان فرانسيسكو بكاليفورنيا: «إنه بحلول عام 2030 سيكون الذكاء الاصطناعى قد حل الأزمة »، وفى سلسلة من التغريدات قال: «يمكن أن يكون المستقبل جيدا لدرجة يصعب على أى منا تخيله »، وأضاف: «وجهة نظرى الأساسية فى هذا هو أنه سيكون لدينا ذكاء وطاقة غير محدودين، وكل ذلك سيفتح المجال، أعتقد أننا سنحصل عليها قبل انتهاء هذا العقد »، مشيرا إلى أن الذكاء الاصطناعى سيفعل ذلك من خلال المساعدة فى تطوير الاندماج النووى، وهى طريقة لإطلاق الطاقة من الذرات للاستخدام الذى لا ينتج عنه نفايات نووية طويلة العمر، كما أن الانهيار فى هذه المرافق أمر مستحيل عمليا.
كما حقق العلماء فى مختبر لورانس ليفرمور الوطنى فى كاليفورنيا تقدما كبيرا فى تطوير هذا النظام، من خلال إطلاق تفاعل اندماج نووى أدى إلى زيادة صافية فى الطاقة، وهو ما قد يجعل الذكاء الاصطناعى أداة لحل أزمة الطاقة بشكل فعال.
إضافة تريليونات إلى الاقتصاد العالمى
يقترح الخبراء أيضا أن الذكاء الاصطناعى يمكن أن يعزز قيمة الاقتصاد العالمى بمقدار 15.7 تريليون دولار بحلول عام 2030، أو أكثر من قيمة اقتصادات الهند والصين مجتمعتين، وبنسبة الخمس مقارنة بالمستويات الحالية، وتم التنبؤ من جانب محللين يعملون فى شركة المحاسبةBig Four PwC، ومقرها لندن، ويقولون: إن هذا سيكون مدفوعا بتطوير المزيد من المنتجات المحسنة والشخصية، مما سيؤدى إلى طفرة يحركها المستهلك.
وقالت الشركة المتخصصة فى دراسة نشرت فى يناير الماضى: «يظهر بحثنا أيضا أن 45٪ من إجمالى المكاسب الاقتصادية بحلول عام 2030 ستأتى من تحسينات المنتج، مما يحفز طلب المستهلكين ».
ويعد هذا لأن الذكاء الاصطناعى سيقود تنوعا أكبر فى المنتجات، مع زيادة التخصيص والجاذبية والقدرة على تحمل التكاليف بمرور الوقت.
مدرسون افتراضيون مصممون للأطفال
يتمتع الذكاء الاصطناعى بالقدرة على تحويل قطاع التعليم وتصميم خطط الدروس وفقا للفصول الدراسية، حيث توقع الدكتور أجاز على، رئيس قسم الأعمال والحوسبة فى جامعة رافينسبورن فى لندن، أنه يمكن للأطفال قريبا الحصول على مدرس ذكاء اصطناعى شخصى خاص بهم يقدم دروسا مصممة خصيصا للأشياء التى يعانون منها.
واقترح رئيس قسم الأعمال والحوسبة، أن يتم ذلك من خلال نظارات الواقع المعزز أو الروبوتات، حيث قال: «يمكننا أيضا رؤية مدرسين افتراضيين مدعومين بالذكاء الاصطناعى، الذين سيقدمون ملاحظات شخصية ودعما للطلاب »، كما أنه من المتوقع أن يتم استخدام الذكاء الاصطناعى لاستكمال طرق التدريس التقليدية الحالية، بدلا من استبدال المعلمين بالكامل، ويمكن لمنصات الذكاء الاصطناعى المتاحة حاليا، مثل ChatGPT إنشاء خطط دروس للمعلمين مصممة خصيصا لفصل معين.
نقلة فى المجال الطبى
يمكن للذكاء الاصطناعى فى مجال الرعاية الصحية، أن يحدث نقلة طبية من خلال التنبؤ بالمشكلات قبل حدوثها بحلول عام 2030، كما يقول خبير الذكاء الاصطناعى، سيمون باين، المؤسس والرئيس التنفيذى لشركة البرمجيات OmniIndex، ومقرها فى سان خوسيه بكاليفورنيا. ويعتقد السيد باين أن مستقبل الذكاء الاصطناعى سيكون عبارة عن خدمات مبنية على تلبية احتياجات محددة، لكنه يضيف أن هذه ستكون مختلفة تماما عن أنظمة الذكاء الاصطناعى الحالية، مثل ChatGPT.
وقال: «يمكن أن يتنبأ الذكاء الاصطناعى بمشاكل الرعاية الصحية المستقبلية، من خلال متخصصين يستخدمون أدوات متخصصة، ذلك لأن مستقبل الذكاء الاصطناعى سيكون خدمات تلبى احتياجاتنا المحددة بشكل مباشر بسرعة وسهولة، نقول لها ما نريد، وتعطينا إياه »، وأضاف: «لا ينبغى أن يعتمد هذا المستقبل على الذكاء الاصطناعى السائد الحالى، كما فى ChatGPT أو Google Bard، لأن هذا ببساطة يستخدم التكنولوجيا لإعادة المحتوى وإعادة توظيفه فقط.
مخاوف القضاء على الجنس البشرى
يحذر بعض الخبراء من أنه يمكن للذكاء الاصطناعى أن يقضى على الجنس البشرى بحلول عام 2030، ومن بين المتشائمين، عالم الكمبيوتر الأمريكى إليعازر يودكوفسكى، الذى راهن على أن الجنس البشرى سيقضى عليه تماما بحلول 1 يناير 2030، وهو باحث مشهور فى معهد أبحاث ذكاء الآلة فى بيركلى بكاليفورنيا، وأحد أكثر الخبراء صراحة للتحذير بشأن الذكاء الاصطناعى.
كتب عالم الكمبيوتر مؤخرا: «إذا قام شخص ما ببناء ذكاء اصطناعى قوى للغاية، فى ظل الظروف الحالية، أتوقع أن يموت كل فرد من الجنس البشرى وجميع أشكال الحياة البيولوجية على الأرض بعد ذلك بوقت قصير »، مضيفا: «النتيجة المحتملة لمواجهة الإنسانية لذكاء خارق هو خسارة كاملة »، ويقول: إن الذكاء الاصطناعى يمكن أن يمحو الإنسانية، إذا تجاوز ذكاؤه البشر، ثم يطور قيما وأهدافا مختلفة للبشر.
ومن بين الخبراء البارزين الآخرين الذين يقولون إن الذكاء الاصطناعى يمكن أن يدمر الحضارة، الملياردير إيلون ماسك، والعالم البريطانى الراحل ستيفن هوكينج، على الرغم من أنهما لم يقصدا الإشارة إلى أن جميع البشر سيتم القضاء عليهم بحلول عام 2030، فـ «ماسك » يدق ناقوس الخطر بشأن الذكاء الاصطناعى منذ سنوات، محذرا الشهر الماضى من أنه قد يدمر الحضارة، على الرغم من أنه يشير إلى أنه لن يقضى تماما على البشر لأننا جزء «مثير للاهتمام » من الكون، وادعى أنه سيكون أكثر ذكاء من البشر بحلول عام 2030، أيضا حذر الدكتور هوكينج سابقا من أن الذكاء الاصطناعى يمكن أن ينطلق من تلقاء نفسه، ويعيد تصميم نفسه بمعدل متزايد باستمرار، الذى سيكافح البشر، المحدودين بالتطور البيولوجى، لمواكبة ذلك.