قد لا تمتلك مصر كنور من الاحتياطات النفطية أو الموارد الطبيعية تجعلها ضمن أغنى البلدان في العالم لكنها تمتلك أهم وأغلى ثروة وهم البشر، إذ يستحوذ الشباب في الفئة العمرية أقل من 30 سنة على 40% من سكان مصر والذين سجلوا 105 ملايين نسمة منذ ساعات قليلة، ولذا وضعت وزارة الاتصالات خطة متكاملة لاستخراج الكنز وتحقيق ثروة طائلة.
تعتمد خطة وزارة الاتصالات على تعليم وتدريب الطلاب بمختلف المراحل العمرية وكذلك الخريجين على التخصصات المطلوبة في سوق العمل الحالي والمستقبلي، لتصبح مقصدًا إقليميًا وعالميًا للكفاءات في مختلف تخصصات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مما يسهم في زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وكذلك زيادة صادرات مصر الرقمية وتوفير فرص عمل للشباب برواتب مرتفعة.
لم تلتفت وزارة الاتصالات إلى الجدل حول أسطورة أن الطفل المصري هو الأذكى في العالم من عدمه، فقط أمنت أن تحقيق نقلة نوعية في صناعة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمصر يتطلب انتقاء نخبة من طلبة المدارس المتفوقين وإعدادهم لاستخدام التقنيات الحديثة في مجالات وتطبيقات تكنولوجيا المعلومات المختلفة، بما يتواكب مع متطلبات المستقبل، وحتى يصبحوا مؤهلين لقيادة المسيرة التكنولوجية ومشروعات مصر الرقمية.
ولذا أطلق الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، مبادرة أشبال مصر الرقمية، وهي منحة مجانية مقدمة للطلاب المتفوقين المقيدين في الصف الأول الإعدادي للصف الثاني الثانوي في جميع المدارس المصرية ولمُدد تتراوح بين سنة إلى خمس سنوات لتوفر فرصًا للنشء لتنمية مهاراتهم التكنولوجية، واكتشاف قدراتهم الإبداعية في سن مبكرة.
وتعاونت وزارة الاتصالات مع شركات مؤسسة فودافون مصر، وأمازون ويب سرفيسيز وهواوى ومايكروسوفت وفي إم وير وديل تكنولوجيز وجوجل وIBM وفاليو وسيسكو؛ لإعداد مسارات تدريبية، وإتاحة منصات ومعامل افتراضية في التخصصات التكنولوجية ذات الصلة، والتوعية التكنولوجية وتنظيم ندوات عبر الإنترنت لطلاب مبادرة أشبال مصر الرقمية.
التعليم الفني
ولكن هدف جذب الشركات العالمية لن يتحقق من دون وجود عمالة الفنية المؤهلة القادرة على المنافسة في أسواق الاتصالات المحلية والإقليمية والدولية، مما دعا وزارة الاتصالات إلى التعاون مع الشركة المصرية للاتصالات لإنشاء مدارس WE للتكنولوجيا التطبيقية، والتي تقدم لطلبة التعليم الفني مناهج وضعتها كبرى الشركات سيسكو" و"هواوي" و"مايكروسوفت" و"سامسونج" وIBM، لتتماشى مع متطلبات سوق العمل الفعلية، وكذلك توفير تدريبات مهنية متخصصة.
ووفقًا لتصريحات خاصة للدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات، فإنه تم افتتاح 6 مدارس WE للتكنولوجيا التطبيقية، وتستهدف الوزارة الوصول إلى انتشار هذه المدارس في كل المحافظات خلال عام أو عامين، مشيرًا إلى ارتفاع الإقبال على الالتحاق بالمدارس من الطلبة، حتى بعد وضع شروط تضمن انتقاء الطلبة المتفوقين، وذلك لإيمان الطلاب بتغير سوق العمل.
وأشار طلعت، إلى أن مدارس WE توفر للطلاب مناهج وضعتها شركات عالمية وتدريبات عملية بمعامل وورش مجهزة بأحدث الأجهزة والتقنيات التكنولوجية وتدريبات ميدانية للطلاب داخل المواقع الفنية بالشركة المصرية للاتصالات والشركات التابعة بهدف إكساب الطلاب المهارات الفنية المطلوبة لإعداد فني محترف يُدرك ثقافة العمل المعاصر ولديه القدرة على الانخراط في سوق العمل.
تدريب الطلاب والخريجين
إقناع الشركات العالمية بفتح فروع لها في مصر زيادة القدرة المعرفية عبر التوسع في تنفيذ خطط التدريب على عدة مستويات من حيث التوسع في أعداد المتدربين 56 ضعف خلال خمسة أعوام لترتفع من تدريب أربعة آلاف متدرب في العام إلى تدريب ربع مليون متدرب خلال العام الجاري، فضلًا عن التوسع الجغرافي في أنحاء الجمهورية من خلال نشر مراكز إبداع مصر الرقمية بالمحافظات، بهدف تعزيز تنافسية مصر في مجال تصدير الخدمات عالية القيمة وخدمات القيمة المضافة من خلال جذب الشركات العالمية والمراكز المتخصصة في المجالات المعرفية وخدمات البحث والتطوير الهندسي وتطوير البرمجيات.
ولم يكن التوسع فقط في أعداد المتدربين، ولكن شمل كذلك التوسع في التخصصات التكنولوجية لمواكبة متطلبات سوق العمل، منها التركيز على الدورات المرتبطة بالتصميم الإلكتروني والتكنولوجيا المالية، وكذلك توسيع قاعدة المتدربين في مبادرات الوزارة لاستيعاب مختلف الخلفيات الأكاديمية والعملية وليس فقط لخريجي كليات هندسة وعلوم الحاسبات، وكذلك التوسع في منافذ تقديم التدريب، إذ يتم إتاحة منصة رقمية لتوفير فرص تدريبية لأعدادٍ أكبر، إضافة إلى التوسع في الشرائح الاجتماعية لتشمل حديثي التخرج وأيضًا الخريجين منذ سنوات ويرغبون في الالتحاق بسوق العمل.
وكشف وزير الاتصالات، عن أولى نتائج هذه الجهود، بتوقيع 29 اتفاقية مع شركات عالمية، مقسمة بين 21 شركة تتوسع في نشاط التعهيد، و8 شركات تبدأ نشاطها لأول مرة في مصر لإضافة ما يقرب من مليار دولار عائدات سنوية إلى إجمالي صادرات مصر الرقمية بحلول عام 2025، وتوفير أكثر من 34 ألف فرص عمل جديدة للشباب.
ضمت قائمة الشركات العالمية الكبرى التى وقعت اتفاقيات لفتح مقرات لها فى مصر : IBM Egypt، Amazon، Microsoft، Advansys for Engineering Services and Consultancy، Majid Al Futtaim Global Solutions، ATOS، Majorel، Capgemini، MEAPAL، Concentrix، MicroWize Technology، CrossWorkers، Nortal، Dell Technologies، Pepsico، Evolvice، PWC، Expleo، SEITECH Solutions، Honeywell، Sitel Group، Sutherland، Webhelp، Tech Mahindra، SYS Misr For Information Technology Services، Trimetis، Pixelogic، Valeo، Vodafone Intelligent Solutions.
وتواصل وزارة الاتصالات جهود جذب كبرى الشركات العالمية، آخرها زيارة وفد برئاسة الدكتور عمرو طلعت لألمانيا خلال الشهر الماضي ولقائه مع 12 شركة ألمانية كبرى لعرض الحوافز المقدمة للشركات العالمية لتحفيزها على الاستثمار في مراكز البحث والتطوير بمصر، والتوسع في مجال التعهيد.
وانقسمت لقاءات وزير الاتصالات بين 3 محاور أساسية، وهم الأول المكونات الإلكترونية للسيارات، واجتمع الدكتور عمرو طلعت في هذا الصدد مع 3 شركات لبحث خططهم للتوسع في استثماراتهم في مصر، وهم كونتيننتال للخدمات الهندسية، لبحث إنشاء مركز للخدمات الهندسية للأنظمة المدمجة بمصر، وشركة "هيلا "المتخصصة في تصميم وتصنيع المكونات الإلكترونية والأنظمة المدمجة للسيارات، لبحث التعاون في مجالات دعم الشركات الناشئة والابتكار في تصميم وتصنيع الأنظمة المدمجة بالسيارات، وشركة "ديكرا" لأنظمة القيادة الآلية للسيارات، وتم مناقشة فرص بناء نظام إيكولوجي متكامل لتطوير برمجيات السيارات.
المحور الثاني تصنيع الإلكترونيات، حيث اجتمع الدكتور عمرو طلعت مع شركتي "بى فى ايه تيبلا" المتخصصة في مجال تصنيع الأجهزة والمعدات لصناعة الرقائق الإلكترونية، إذ تم بحث فرص التعاون مع الشركة لبناء صناعة متكاملة للرقائق الالكترونية واستغلال توفر الخامات الأولية بمصر، وشركة "ماهلي"، لاستعراض الخطط المستقبلية للشركة في أنشطة التصنيع والبحث والتطوير، وفرص التوسع في أنشطة الشركة بمصر.
المحور الثالث مراكز البحث والتطوير وخدمات التعهيد، إذ التقي وزير الاتصالات في هذا الإطار مع مركز "بوش" للبحث والتطوير، وشركة فيكتور- المتخصصة في تقديم خدمات البرمجيات والخدمات الهندسية لشبكات الأنظمة الإلكترونية، وشركة اوتوبوك الرائدة عالميًا في مجال التكنولوجيات المساعدة، لبحث التعاون في مجال البحث والتطوير والتكنولوجيات المساعدة، وشركة "إيلكو للحلول "المتخصصة في تطوير البرمجيات وخدمات الرقمنة.
كما التقى وزير الاتصالات مع مسؤولين بشركة "سكيل أى او"، ومجموعة "وورك مويشين" العاملتان في مجال التعهيد لتطوير البرمجيات، وشركة "فورتك للإلكترونيات أى جي"، وشركة "ديليفرى هيرو" هي شركة ألمانية متعددة الجنسيات تقدم خدمة توصيل الطلبات الغذائية عبر الإنترنت، وتعمل في أكثر من 70 دولة على مستوى العالم، تناول الاجتماع مناقشة خطط الشركة للتوسع في أنشطتها بمصر في مجال التعهيد.
واختتم لقاءته في هذا الصدد مع معمل الابتكار الحكومي Gov Tech Lab والذي يتم من خلاله توفير الحلول التكنولوجية التي تستخدمها الحكومة الألمانية في مجال التحول الرقمي.