حالة لاعب المصارعة الشاب أحمد فؤاد بغدودة، قد تبدو نموذجا فرديا، لكنه يتكرر كثيرا، فى الرياضة وفى مجالات أخرى، ويكشف عن المسافة بين اتجاه الدولة والمجتمع لدعم أبطال الألعاب الفردية والرياضيين عموما، والدور الذى تلعبه بعض الاتحادات والمسؤولين عن الرياضات بالنوادى أو غيرها، حيث يتعامل بعض المسؤولين فى هذه الاتحادات بلا مبالاة وأحيانا بيروقراطية وتجاهل للشباب واللاعبين.
حالة أحمد بغدودة كاشفة عن تفاصيل ما يجرى مع الأبطال أو الشباب، والتى قد تدفع بعضهم إلى اليأس أو الإحباط، أو الهرب بحثا عن المستقبل مثلما فعل بغدودة وقبله أعداد قليلة، فى وقت تبذل الدولة جهدا كبيرا لاكتشاف ودعم المواهب الرياضية والفنية، من خلال برامج متعددة، وبصرف النظر عن أن بعض من هربوا لم يحققوا شيئا، فإن هناك ضرورة للتعامل معهم بمسؤولية.
كان تدخل الرئيس السيسى فى حالة بغدودة حاسما، حيث وجه إدارة الأكاديمية الوطنية للتدريب، بدعوة لاعب المصارعة أحمد فؤاد، لتلقى منحة للتدريب والتأهيل مع رعاية تامة له كموهبة رياضية واعدة، الأكاديمية تواصلت معه وقالت مديرة الأكاديمية إنه ستكون هناك برامج لاختيار المواهب وفقا لمعايير دولية، وأن الأكاديمية تعمل على إعداد القيادات ليكونوا بفكر مستنير، وهى خطوة مهمة لأنها تتجه إلى دعم اللاعبين ورعاية الموهوبين، وتدريب وتأهيل الكوادر التدريبية والإدارية حتى يمكنهم استيعاب ضرورات هذه الرياضات وكيفية التعامل مع الموهوبين ودعمهم نفسيا ورياضيا.
وهناك نماذج لأبطال نجحوا وحققوا نتائج مفرحة، ففى نفس التوقيت الذى أثيرت فيه قضية بغدودة، توجت بسنت حميدة لاعبة المنتخب الوطنى لألعاب القوى، بذهبية سباق 200 متر عدو فى زمن 22.41 ثانية، بملتقى هينجلو لألعاب القوى، والذى أقيم يومى 3 و4 يونيو الجارى بهولندا، وبسنت هى أول عداءة مصرية تحقق ذلك الإنجاز الأول من نوعه فى تاريخ منافسات ألعاب القوى المصرية وسبق وحققت بسنت حميدة الميدالية الذهبية بدورة ألعاب البحر المتوسط لسباق 100 متر، وذهبية سباق 200 متر عدو، وتوّجت فى البطولة العربية، ووصلت لنصف نهائى بطولة العالم 2019، وشاركت فى بطولة التشيك الدولية وتوجت بميداليتين، وكسرت الرقم المحقق فى النسخة الأولى من دورات البحر المتوسط، بذهبيتى سباقات 100م و200 م.
والواقع أن هناك نجوما فى ألعاب القوى والألعاب الفردية والأولمبية والبارالمبية حققوا نتائج رائعة على مدى السنوات الماضية، وفى أولمبياد طوكيو 2020، التى انعقدت فى أغسطس 2021 بسبب كورونا، حصلت البعثة المصرية فى دورة الألعاب الأولمبية، على 6 ميداليات، حصلت فريال أشرف على ذهبية فى الكاراتيه وزن 61 كجم، وحصل أحمد الجندى على فضية فى الخماسى الحديث، و4 ميداليات برونزية لكل من هداية ملاك وسيف عيسى فى التايكوندو، ثم محمد إبراهيم كيشو فى المصارعة، وجيانا فاروق فى الكاراتيه، وحرص الرئيس السيسى على تكريم أبطال الأولمبياد، واستقبالهم ودعمهم، وأصدر قرارا وقتها بإطلاق اسم البطلة فريال أشرف، لاعبة منتخب مصر للكاراتيه، وزملائها، على عدد من المحاور والكبارى.
هناك اهتمام رسمى بالألعاب الفردية، ودعم وتشجيع للرياضة، وبالفعل حقق أبطالنا فى الألعاب الأولمبية والبارالمبية بطولات على مدى السنوات الأخيرة، وهى نفس السنوات التى أولت فيها الدولة اهتماما أكبر بهذه الألعاب، وتدعم الدولة هؤلاء الأبطال مع كل ميدالية أو بطولة.
وزير الرياضة أشرف صبحى، أكد أن الوزارة ستستمر فى دعم ألعاب القوى، ودعم العداءة المصرية بسنت حميدة بشكل كامل خلال الفترة المقبلة، من أجل تحقيق إنجاز جديد للرياضة المصرية فى أولمبياد باريس 2024 المقبلة.
ولا شك أن نتائج أبطالنا فى الأولمبياد، والألعاب الفردية والأولمبية، وراءها جهد لنجوم أخلصوا للرياضة، وكل منهم «اشتغل على نفسه» وبذل جهدا مضاعفا هو وأسرته، لكن بالتأكيد فإن دعم الدولة ورعايتها للمواهب يضاعف من فرص الفوز، خاصة أن هذه الألعاب كانت على مدى عقود مظلومة، مقارنة بكرة القدم الأكثر شعبية، لكن فى السنوات الأخيرة كان اهتمام الدولة والرئيس بدعم هؤلاء مهما، وساهم فى تطوير كفاءات، لكن بعض الاتحادات لا تعمل بنفس الروح، مثلما جرى من اتحاد المصارعة مع «بغدودة»، وحالات مشابهة لألعاب أخرى مثل كمال الأجسام أو غيرها، ومن المهم أن تكتمل الصورة بالحرص على كفاءة الاتحادات والمدربين والفرق الفنية، حتى يمكن رعاية الموهوبين.
وأثبتت التجربة أن دعم ألعاب كالسباحة والمصارعة ورفع الأثقال والجرى والكاراتيه والتايكوندو وتنس الطاولة والقفز والجمباز، يؤدى لنتائج ذهبية، وهو ما يحرص الرئيس على إعلانه ويجب أن يتحلى به المسؤولون فى الاتحادات والنوادى، والهدف ليس سحب البساط من اللعبة الأكثر شعبية، لكن مضاعفة قدراتنا على فرز أبطال واكتشاف مواهب.